للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَابُ الشَّرِكَةِ]

ش: ضَبَطَهَا فِي التَّوْضِيحِ بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَكَذَا الشَّارِحُ، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: قَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا إلَّا كَسْرُ الشِّينِ، وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَخَالَفَهُ بَعْضُهُمْ انْتَهَى وَضَبَطَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَبِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، وَصَدَّرَ الْجَلَالُ الْأَسْيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبُخَارِيِّ بِالثَّانِي، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالشَّرِكَةُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَبِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَقَدْ تُحْذَفُ الْهَاءُ، وَقَدْ يُحْذَفُ أَوَّلُهُ مَعَ ذَلِكَ فَتِلْكَ أَرْبَعُ لُغَاتٍ وَهِيَ مَا يَحْدُثُ بِالِاخْتِيَارِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا مِنْ الِاخْتِلَاطِ لِتَحْصِيلِ الرِّبْحِ، وَقَدْ يَحْصُلُ بِغَيْرِ قَصْدٍ كَالْإِرْثِ انْتَهَى.

ص (إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ لَهُمَا مَعَ أَنْفُسِهِمَا) ش يَعْنِي أَنَّ الشَّرِكَةَ هِيَ إذْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَشَارِكَيْنِ لِصَاحِبِهِ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، أَوْ بِبَدَنِهِ لَهُمَا أَيْ لَهُ وَلِشَرِيكِهِ أَيْ أَنْ يَتَصَرَّفَ لَهُ وَلِشَرِيكِهِ مَعَ أَنْفُسِهِمَا أَيْ مَعَ تَصَرُّفِهِمَا أَنْفُسِهِمَا أَيْضًا فَمَعْنَى الْحَدِّ أَنَّ الشَّرِكَةَ هِيَ إذْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَشَارِكَيْنِ لِصَاحِبِهِ فِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ، أَوْ بِبَدَنِهِ لَهُ وَلِصَاحِبِهِ مَعَ تَصَرُّفِهِمَا أَنْفُسِهِمَا أَيْضًا فَقَوْلُهُ: إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسِ يَشْمَلُ الْوَكَالَةَ وَالْقِرَاضَ وَقَوْلُهُ: لَهُمَا فَصْلٌ يَخْرُجُ بِهِ الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا إذْنٌ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِلْوَكِيلِ فِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ لِلْمُوَكِّلِ وَحْدَهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحَيْنِ إنَّ الْوَكَالَةَ خَرَجَتْ بِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ مَعَ أَنْفُسِهِمَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَبِهَذَا يَخْرُجُ أَيْضًا قَوْلُ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا لِغَيْرِهِ: أَذِنْت لَك فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ مَعِي وَقَوْلُ الْآخَرِ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَمْ يَأْذَنْ لِصَاحِبِهِ فِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ لَهُ وَلِصَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ لِمَالِكِهِ نِيَابَةً عَنْهُ فَبَطَلَ بِهَذَا اعْتِرَاضُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى هَذَا الْحَدِّ بِقَوْلِهِ: وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَذِنَ لَهُمَا فِي التَّصَرُّفِ مَعَ أَنْفُسِهِمَا قَبِلُوهُ فَيَبْطُلُ طَرْدُهُ بِقَوْلِ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا لِغَيْرِهِ: أَذِنْت لَك فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ مَعِي وَقَوْلِ الْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِشَرِكَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ مِلْكُ أَحَدِهِمَا لَمْ يَضْمَنْهُ الْآخَرُ وَهُوَ لَازِمُ الشَّرِكَةِ وَنَفْيُ اللَّازِمِ يَنْفِي الْمَلْزُومَ انْتَهَى. وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ: أَذِنْت لَك فِي التَّصَرُّفِ فِي هَذَا الشَّيْءِ لِي وَلَك لَكَانَتْ شَرِكَةً ثُمَّ تَجْرِي عَلَى أَحْكَامِ الشَّرِكَةِ فِيمَا يَصِحُّ مِنْهَا وَمَا يَفْسُدُ بِسَبَبِ الْخَلْطِ وَعَدَمِهِ وَمَا يَثْبُتُ بِهِ الضَّمَانُ وَمَا لَا يَثْبُتُ عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ: مَعَ أَنْفُسِهِمَا فَصْلٌ ثَانٍ خَرَجَ بِهِ قَوْلُ كُلِّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ تَصَرَّفْ فِي هَذِهِ الْمِائَةِ وَنَحْوِهَا: أَنْتَ وَحْدَك عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِي وَلَك بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَالِ نَفْسِهِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَرِكَةٍ فَقَوْلُهُ: لَهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِالتَّصَرُّفِ وَقَوْلُهُ: مَعَ أَنْفُسِهِمَا حَالٌ مِنْ الْإِذْنِ أَيْ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ مَعَ تَصَرُّفِهِمَا بِأَنْفُسِهِمَا. وَعَلَّقَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَهُ لَهُمَا بِالْإِذْنِ فَأَوْرَدَ مَا، أَوْرَدَهُ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَيَبْطُلُ عَكْسُهُ بِخُرُوجِ شَرِكَةِ الْجَبْرِ كَالْوَرَثَةِ، وَشَرِكَةِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَيْنَهُمْ شَيْئًا، وَقَدْ ذَكَرَهُمَا يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ إذْ لَا إذْنَ فِي التَّصَرُّفِ لَهُمَا، وَلِذَا اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِ تَصَرُّفِ أَحَدِهِمَا كَغَاصِبٍ أَمْ لَا ثُمَّ اُسْتُبْدِلَ بِمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ضَرْبِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْعَبْدَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَنَظَائِرَ ذَلِكَ فَقَالَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَيْسَ لِأَحَدِ مَالِكَيْ عَبْدٍ ضَرْبُهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَهُ إلَّا فِي ضَرْبٍ لَا يَعِيبُ مِثْلَهُ، أَوْ ضَرْبِ أَدَبٍ قَالَ سَحْنُونٌ نُضَمِّنُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ ضَرْبَةً وَاحِدَةً كَأَجْنَبِيٍّ ابْنُ رُشْدٍ رَأَى مَالِكٌ شَرِكَتَهُ شُبْهَةً تُسْقِطُ الضَّمَانَ فِي ضَرْبِ الْأَدَبِ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ سَحْنُونٍ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ ضَرْبَهُ أَدَبًا يُفْسِدُهُ، وَعَلَيْهِ زَرْعُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَبِنَاؤُهُ فِي أَرْضٍ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فِي كَوْنِهِ كَغَاصِبٍ يُقْلَعُ بِنَاؤُهُ، أَوْ زَرْعُهُ، أَوْ لَا لِشُبْهَةِ الشَّرِكَةِ فَيَكُونُ لَهُ الزَّرْعُ، وَإِنْ لَمْ يَفُتْ الْإِبَّانُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ فِي نِصْفِ شَرِيكِهِ وَيَكُونَ لَهُ قِيمَةُ بِنَائِهِ قَائِمًا، وَعَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إيلَادِ الْعَبْدِ أَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُرٍّ نِصْفُ قِيمَتِهَا جِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ. وَقَوْلُ سَحْنُونٍ: هَذَا دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِمَا نَقَصَ نِصْفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>