لِلسَّاعِي قَبْضُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْمَيِّتِ أَبُو الْحَسَنِ كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَسْلُكَ بِهَا مَسْلَكَ الزَّكَاةِ فَلِذَلِكَ صُرِفَتْ مَصْرِفَهَا، قَالَ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ أَمْ لَا، قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَعْنَاهُ كَأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ مِنْ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: أَوْجَبْت عَلَيَّ زَكَاةَ مَاشِيَتِي؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ حَالَ عَلَيَّ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التَّطَوُّعَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يُنَفِّذُوا وَصِيَّتَهُ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ وُجُوبَهَا مُعَلَّقٌ بِمَجِيءِ السَّاعِي وَهَذَا الْجَوَابُ فِيمَنْ لَهُ سُعَاةٌ، وَأَمَّا مَنْ لَا سُعَاةَ لَهُمْ فَإِنَّهُ يَجْرِي الْجَوَابُ فِيهَا عَلَى زَكَاةِ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ فَتَخْرُجُ الزَّكَاةُ مِنْهَا إذَا مَاتَ بَعْدَ الْحَوْلِ وَصَّى بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ أَوْ لَمْ يُوَصِّ، انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ظَاهِرٌ
ص (وَلَا تَجْزِي)
ش: أَيْ إذَا أَخْرَجَهَا قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَهَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِالتَّفْرِيعِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي أَنَّ مَجِيءَ السَّاعِي شَرْطُ وُجُوبٍ بَلْ وَعَلَى مُقَابِلِهِ أَيْضًا فِي أَنَّهُ شَرْطُ أَدَاءً؛ لِأَنَّ مَا فَعَلَ قَبْلَ حُصُولِ شَرْطِ الْأَدَاءِ لَغْوٌ، وَقَدْ بَحَثَ هَذَا الْبَحْثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْآتِي بِالتَّطَوُّعِ عَنْ الْوَاجِبِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ سِوَى مَا ذُكِرَ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُخَرَّجَ الْخِلَافُ فِي تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ، انْتَهَى. وَظَاهِرُ إطْلَاقَاتِهِمْ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ وَعَلَّلَهُ الْقَرَافِيُّ بَعْلَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ كَدَفْعِ مَالِ السَّفِيهِ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ.
(الثَّانِي) هَذَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ عَدْلٍ فَلْيَضَعْهَا مَوَاضِعَهَا إنْ خَفِيَ لَهُ ذَلِكَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَهْرَبَ بِهَا عَنْهُمْ إنْ قَدَرَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَجْزَأَهُ مَا أَخَذُوا ابْنُ عَرَفَةَ، وَإِنْ خَافَ أَخْذَهُ انْتَظَرَهُ.
[ذَبَحَ الشَّاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ وَصَدَّقَهَا لَحْمًا]
(الثَّالِثُ) لَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ وَصَدَّقَهَا لَحْمًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُجْزِيهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَوَّازِ تُجْزِيهِ نَقَلَهُ الْبِسَاطِيُّ عَنْ النَّوَادِرِ، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ سُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ شَاةٌ فِي زَكَاةِ غَنَمِهِ فَذَبَحَهَا وَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَقَالَ: لَا تُجْزِئُهُ لِذَبْحِهِ إيَّاهَا فَكَيْفَ إنْ أَمَرَ رَجُلًا فَقَالَ لَهُ: اذْبَحْهَا وَتَصَدَّقْ بِهَا؟ قُلْت: فَظَاهِرُهُ لَا تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ يَدَ وَكِيلِهِ كَيَدِهِ بِدَلِيلِ مَا فِي الرُّهُونِ، انْتَهَى.
ص (كَمَرِّهِ بِهَا نَاقِصَةً ثُمَّ رَجَعَ، وَقَدْ كَمُلَتْ)
ش: أَيْ بِوِلَادَةٍ أَوْ بِإِبْدَالِهَا بِنِصَابٍ مِنْ نَوْعِهَا فَهَذَا عَلَى الْخِلَافِ، وَأَمَّا لَوْ كَمُلَتْ بِفَائِدَةٍ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ إرْثٍ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهَا لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ حِينَئِذٍ.
[فَرْعٌ ضَلَّ بَعِيرٌ مِنْ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ]
(فَرْعٌ) لَوْ ضَلَّ بَعِيرٌ مِنْ النِّصَابِ بَعْدَ الْحَوْلِ فَمَرَّ بِهِ السَّاعِي نَاقِصًا فَلَا زَكَاةَ ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ بَعْدَهُ فَهَلْ يُزَكِّيهِ حِينَئِذٍ وَلَا يَنْتَظِرُ السَّاعِي، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَنْظُرَ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ أَيِسَ مِنْهُ فَلْيَجْعَلْ السَّنَةَ مِنْ يَوْمِ يَجِدُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ عَلَى رَجَاءٍ فَلْيَتْرُكْهُ مَعَ الْأَرْبَعَةِ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ كَ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْ الْعَبْدِ الْآبِقِ يَعْنِي يُزَكِّيهِ قَبْلَ أَنْ يَجِدَهُ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَفِيهَا نَظَرٌ وَاخْتَارَ أَنْ يَنْظُرَ فَإِنْ كَانَ رَاجِيًا لَهُ زَكَّاهُ حِينَ يَجِدُهُ، وَإِنْ كَانَ يَائِسًا مِنْهُ اسْتَقْبَلَ بِهِ كَالْفَائِدَةِ، قَالَهُ فِي رَسْمٍ لَمْ يُدْرَكْ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ الثَّلَاثَةَ الْأَقْوَالِ وَنَصَّهُ، وَلَوْ ضَلَّ بَعْضُ