للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُرِطَ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَبَيْنَ الْوَاجِبِ الَّذِي لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا، انْتَهَى.

وَانْظُرْ كَلَامَ الْمُقَدِّمَاتِ بَعْدَ هَذَا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: الثَّانِي السَّمْعُ وَالْبَصَرُ، وَالْكَلَامُ يَعْنِي أَنَّ النَّوْعَ الثَّانِيَ مِنْ صِفَاتِ الْقَاضِي وَهُوَ الْمُوجِبُ لِلْعَزْلِ إذَا عُدِمَ أَوْ عُدِمَ بَعْضُ أَجْزَائِهِ إلَّا أَنَّ وَحْدَةَ النَّوْعِ الْأَوَّلِ وَجَعْلَ مَا تَحْتَهُ مِنْ الْقُيُودِ كَالْأَجْزَاءِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ إذَا عُدِمَ مَنَعَ الْوِلَايَةَ وَلِأَنَّ جُزْءَ الشَّرْطِ يَنْعَدِمُ الْمَشْرُوطُ بِانْعِدَامِهِ وَأَمَّا وَحْدَةُ هَذَا النَّوْعِ بِحَيْثُ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ جُزْءًا لَهُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ وَذَلِكَ، أَنَّ الْمُؤَلِّفَ جَعَلَ أَثَرَ هَذَا النَّوْعِ إنَّمَا هُوَ فِي وُجُوبِ الْعَزْلِ لَا فِي انْعِقَادِ الْوِلَايَةِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا إذَا انْعَدَمَ وَاحِدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ بِقَيْدِ الْوَحْدَةِ وَأَمَّا إذَا انْعَدَمَ اثْنَانِ مِنْهَا فَأَكْثَرُ فَلَا تَنْعَقِدُ الْوِلَايَةُ أَصْلًا، انْتَهَى.

فَتَأَمَّلْهُ (سُؤَالٌ) قَالَ الْبِسَاطِيُّ (فَإِنْ قُلْت) إمَّا أَنْ يَجْعَلَ الْعَمَى مَثَلًا مَانِعًا مِنْ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ أَوْ لَا فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَجِبُ عَزْلُهُ (قُلْت) كُلٌّ مِنْ الشِّقَّيْنِ مَمْنُوعٌ وَسَنَدُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَانِعَ إذَا كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرْت، أَعْنِي أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا طَرَأَ وَقَدْ كَانَ وَلِيَ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصِّفَةِ أَنَّهُ لَا تَنْفُذُ أَحْكَامُهُ فَمَنْ وَلِيَ صَحِيحًا وَطَرَأَ عَلَيْهِ هَذَا الْمَانِعُ هُوَ الَّذِي يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَالْكَلَامُ فِيهِ وَسَنَدُ الثَّانِي أَنَّ مَا لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ نُفُوذِ الْحُكْمِ لَا يَلْزَمُ مَعَهُ دَوَامُ التَّوْلِيَةِ؛ لِأَنَّ النُّفُوذَ مُسْتَنِدٌ إلَى التَّوْلِيَةِ الصَّحِيحَةِ وَوُجُوبَ الْعَزْلِ مُسْتَنِدٌ إلَى الطَّارِئِ، انْتَهَى. وَفِي جَوَابِهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ نُفُوذَ حُكْمِ الْقَاضِي الْأَعْمَى إنَّمَا هُوَ إذَا وَلِيَ صَحِيحًا ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَأَمَّا الْخِصَالُ الَّتِي لَيْسَتْ مَشْرُوطَةً فِي صِحَّةِ الْوِلَايَةِ إلَّا أَنَّ عَدَمَهَا يُوجِبُ فَسْخَ الْوِلَايَةِ فَهِيَ أَنْ يَكُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا مُتَكَلِّمًا عَدْلًا فَهَذِهِ الْأَرْبَعُ خِصَالٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَلَّى الْقَضَاءَ إلَّا مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ فَإِنْ وَلِيَ مَنْ لَمْ تَجْتَمِعْ فِيهِ وَجَبَ أَنْ يُعْزَلَ مَتَى عُثِرَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ مَا مَضَى مِنْ أَحْكَامِهِ جَائِزًا إلَّا الْفَاسِقَ فَاخْتُلِفَ فِيمَا مَضَى مِنْ أَحْكَامِهِ فَقَالَ أَصْبَغُ: إنَّهَا جَائِزَةٌ وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهَا مَرْدُودَةٌ وَعَلَيْهِ فَالْعَدَالَةُ مَشْرُوطَةٌ فِي صِحَّةِ الْوِلَايَةِ كَالْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ تَنْفُذُ أَحْكَامُهُ سَوَاءٌ وَلِيَ كَذَلِكَ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، انْتَهَى.

وَالْجَوَابُ عَنْ سُؤَالِهِ أَنْ يُقَالَ: قَوْلُكَ الْعَمَى مَثَلًا مَانِعٌ مَا تَعْنِي بِهِ، مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ التَّوْلِيَةِ أَوْ مِنْ جَوَازِهَا، فَالْأَوَّلُ لَيْسَ مُرَادًا لَنَا وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ مَا ذَكَرْت، وَالثَّانِي مُرَادُنَا وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْت، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[تَنْبِيه هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ]

(تَنْبِيهٌ) تَرَكَ الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ عَلَى الْكِتَابَةِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، قَالَ الْبَاجِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ: إنَّهُ لَا نَصَّ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ وَعَنْ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَرَجَّحَ الْبَاجِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ صِحَّةَ الْوِلَايَةِ مَعَ ظُهُورِ الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ الْمَنْعُ، انْتَهَى.

ص (وَلَزِمَ الْمُتَعَيِّنَ أَوْ الْخَائِفَ فِتْنَةً أَوْ ضَيَاعَ الْحَقِّ إنْ لَمْ يَتَوَلَّ الْقَبُولُ وَالطَّلَبُ)

ش: كَأَنَّهُ سَقَطَ عِنْدَ الشَّارِحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>