للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَانْظُرْ الرَّجْرَاجِيَّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَى حُكْمِ مَا إذَا أَوْصَى الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِعَارِضِ الطُّفُولِيَّةِ أَوْ لِعَارِضِ السَّفَهِ بِوَصِيَّةٍ وَجَعَلَ تَنْفِيذَهَا لِغَيْرِ وَصِيَّةٍ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ، وَفِي الْبُرْزُلِيِّ، وَسُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ إلَى رَجُلٍ، وَفِي الْوَصِيَّةِ بَنَاتٌ فَمَاتَتْ وَاحِدَةٌ بَعْدَ دُخُولِ بَيْتِهَا بِشَهْرٍ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَعَصَبَةً، وَأَوْصَتْ بِصَدَقَةٍ لِلْفُقَرَاءِ فَهَلْ يُنَفِّذُهَا الْوَصِيُّ أَوْ الْوَرَثَةُ فَأَجَابَ إنْ لَمْ تُوصِ بِذَلِكَ لِأَحَدٍ، فَذَلِكَ لِوَصِيِّ أَبِيهَا إنْ كَانَ مَأْمُونًا، وَإِنْ أَوْصَتْ بِذَلِكَ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَوْلَى، قَالَ الْبُرْزُلِيُّ قُلْت هَذَا جَارٍ عَلَى بَقَاءِ النَّظَرِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَحْجُورِ عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ، وَمَنْ يَقُولُ لَا نَظَرَ لَهُ فِي أَوْلَادِهِ يَرْجِعُ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إلَى مَنْ يُقَدِّمُهُ الْقَاضِي انْتَهَى.

[فَرْعٌ أَوْصَى لِبِكْرٍ بِمِائَةٍ وَلَا وَلِيَّ لَهَا فَدَفَعَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ إلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ أَشْهَبُ مَنْ أَوْصَى لِبِكْرٍ بِمِائَةٍ وَلَا وَلِيَّ لَهَا فَدَفَعَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ إلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَقَدْ بَرِئُوا وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ لَهَا وَصِيٌّ أَنْ لَا تُدْفَعَ إلَّا إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمَيِّتَ أَرَادَ دَفْعَ ذَلِكَ إلَيْهَا لِتَتَّسِعَ فِي مَطْعَمٍ، وَمَلْبَسٍ فَيُدْفَعُ إلَيْهَا انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ إذَا أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ فَدَفَعَ الْوَصِيُّ ذَلِكَ إلَيْهِ وَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَى وَلِيِّهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَهَلْ إنْ لَمْ يَتَنَاقَضْ أَوْ أَوْصَى بِقُرْبَةٍ تَأْوِيلَانِ)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَتَجُوزُ وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ، وَأَقَلَّ مِمَّا يُقَارِبُهَا إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ، وَذَلِكَ إذَا لَمْ يُخْلَطْ انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فَسَّرَ اللَّخْمِيُّ عَدَمَ الِاخْتِلَاطِ بِأَنْ يُوصِيَ بِمَا فِيهِ قُرْبَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ صِلَةُ رَحِمٍ فَأَمَّا إنْ جَعَلَهَا فِيمَا لَا يَحِلُّ مِنْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تَمْضِي انْتَهَى. وَعِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ فِي تَبْصِرَتِهِ: وَالصِّبْيَانُ يَخْتَلِفُ تَمْيِيزُهُمْ وَإِدْرَاكُهُمْ فَمَنْ عُلِمَ أَنَّ عِنْدَهُ تَمْيِيزًا جَازَتْ وَصِيَّتُهُ إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ فَيُوصِي بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْ صِلَةُ رَحِمٍ وَأَمَّا أَنْ يَجْعَلَهَا لِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهَا فِيمَا لَا يَحِلُّ مِنْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تَمْضِي انْتَهَى. فَعُلِمَ أَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ: " قُرْبَةٌ " أَعَمُّ مِنْ أَنْ تُجْعَلَ فِيمَا لَا يَحِلُّ أَوْ يُوصِي بِهَا لِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى مَا لَا يَحِلُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَهَذَا هُوَ التَّأْوِيلُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَوَّلُ لِأَبِي عِمْرَانَ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْمَشَذَّالِيّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذَا الْمَحِلِّ: سُئِلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ صَبِيٍّ يَزِيدُ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِقَوْمٍ فَبَعْدَ وَفَاتِهِ قَامَ عَصَبَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ، وَقَالُوا: الصَّبِيُّ لَمْ يَعْقِلْ الْقُرْبَةَ وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ، وَقَالَ الْمُوصَى لَهُمْ بَلْ يَعْقِلُ وَيُمَيِّزُ فَعَلَى مَنْ الْإِثْبَاتُ؟ فَقَالَ: يُسْأَلُ شُهُودُ الْوَثِيقَةِ فَإِنْ قَالُوا نَعْلَمُ أَنَّهُ مُمَيِّزٌ أَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِغَيْرِهِمْ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ فَإِنْ عَجَزَ الْمُوصَى لَهُمْ عَنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ لَمْ تَنْفُذْ الْوَصِيَّةُ (قُلْت) فَحَاصِلُ الْجَوَابِ الظَّرِيفِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ مُدَّعٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّمْيِيزِ، ثُمَّ شَبَّهَهَا بِنَظَائِرَ فَرَاجِعْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَكَافِرًا إلَّا بِكَخَمْرٍ لِمُسْلِمٍ) ش يَعْنِي أَنَّ وَصِيَّةَ الْحُرِّ الْمُمَيِّزِ الْمَالِكِ تَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا وَظَاهِرُهُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ جَائِزَةٌ لِلْمُسْلِمِ بِكُلِّ شَيْءٍ يَمْلِكُهُ الْكَافِرُ إلَّا بِكَخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، وَصِيَّتُهُ لِلْكَافِرِ تَصِحُّ مُطْلَقًا، أَيْ بِكُلِّ شَيْءٍ حَتَّى بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِ وَكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِهِ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ، وَنَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ: " وَتَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ إلَّا بِمِثْلِ خَمْرٍ لِمُسْلِمٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَالِكٌ مُمَيِّزٌ إلَّا أَنْ يُوصِيَ لِمُسْلِمٍ بِمَا لَا يَصِحُّ مِلْكُهُ مِنْ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: " لِمُسْلِمٍ " وَهُوَ كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِذَلِكَ لِكَافِرٍ لَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِهَا لِمَنْ يَصِحُّ مِلْكُهُ لَهَا وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِمَّا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّة فِي نَصْرَانِيٍّ أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ لِلْكَنِيسَةِ وَلَا وَارِثَ لَهُ قَالَ: يُدْفَعُ إلَى أَسَاقِفَتِهِمْ ثُلُثُ مَالِهِ وَثُلُثَاهُ لِلْمُسْلِمِينَ انْتَهَى.

وَمَسْأَلَةُ الْعُتْبِيَّة فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّ وَصِيَّةَ الْكَافِرِ تَصِحُّ لِلْكَافِرِ مُطْلَقًا ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَسَيَأْتِي مَا فِي وَصِيَّةِ الْمُسْلِمِ لِلْحَرْبِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (كَمَنْ سَيَكُونُ إنْ اسْتَهَلَّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>