ش: قَالَ فِي الْوَصَايَا الْأَوَّلِ: وَمَنْ أَوْصَى لِحَمْلِ امْرَأَةٍ فَأَسْقَطَتْهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا انْتَهَى. قَالَ فِي أَوَاخِرِ الْوَصَايَا الثَّانِي ثُلُثَيْ لِوَلَدِ فُلَانٍ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ جَازَ، وَيُنْظَرُ أَيُولَدُ لَهُ أَمْ لَا؟ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ فَذَلِكَ بَاطِلٌ انْتَهَى. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي آخِرِ الْوَصَايَا الثَّانِي: وَإِنْ أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ وَلَا وَلَدَ وَلَهُ حَمْلٌ حُمِلَتْ الْوَصِيَّةُ عَلَى أَنَّهَا لِذَلِكَ الْحَمْلِ فَإِنْ وَلَدَتْهُ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ، وَإِنْ أَسْقَطَتْهُ أَوْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا سَقَطَتْ الْوَصِيَّةُ، وَلَا شَيْءَ لِمَنْ يُولَدُ بَعْدُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ، وَالْمُوصِي يَظُنُّ أَنَّ لَهُ وَلَدًا سَقَطَتْ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا حُمِلَتْ الْوَصِيَّةُ عَلَى مَنْ يُولَدُ بَعْدُ، وَإِنْ كَثُرُوا فَإِنْ وُلِدَ وَلَدٌ تَجَرَ لَهُ بِذَلِكَ الْمَالِ، ثُمَّ كَذَلِكَ كُلَّمَا وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ تَجَرَ لَهُ مَعَ الْأَوَّلِ، وَمَنْ بَلَغَ التَّجْرَ تَجَرَ لِنَفْسِهِ فَإِنْ خَسِرَ فِيهِ أَوْ ضَاعَ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي حِينِ تَجْرِهِ لِلصَّغِيرِ لَمْ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا تَعْمُرُ ذِمَّتُهُ بِذَلِكَ وَقَدْ رَضِيَ الْمُوصِي بِالْوَصِيَّةِ لَهُ عَلَى مَا تُوجِبُهُ الْأَحْكَامُ فِي الضَّمَانِ، وَإِنْ بَلَغَ وَتَجَرَ لِنَفْسِهِ ضَمِنَ الْخَسَارَةَ وَالتَّلَفَ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَنُقِلَ نَحْوُهُ عَنْ التُّونُسِيِّ، وَنَصُّهُ: " لَوْ قَالَ لِوَلَدِ فُلَانٍ وَلَا وَلَدَ لَهُ يَوْمَ أَوْصَى، وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ، ثُمَّ وُلِدَ لَهُ لَا نَبْغِ أَنْ يُحْبَسَ ذَلِكَ حَتَّى يَكْبَرَ فَيَنْتَفِعَ بِهِ وَيُوقَفُ لِغَيْرِهِ حَتَّى يَنْتَفِعُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ يَوْمَ أَوْصَى فَكَأَنَّ الْمُوصِيَ أَرَادَ الْإِيصَاءَ إلَى جُمْلَةِ مَنْ يُولَدُ لِفُلَانٍ فَلَا يَخْتَصُّ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ حَتَّى يَنْقَرِضُوا فَيَكُونُ لِوَرَثَتِهِمْ كُلِّهِمْ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّ أَوَّلَ وَلَدٍ يُولَدُ لِفُلَانٍ يَأْخُذُ ذَلِكَ بَتًّا، وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ انْتَهَى. مِنْ أَبِي الْحَسَنِ.
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُوصَى بِهِ يُوقَفُ إلَى أَنْ يُؤَيَّسَ مِنْ وُجُودِ الْمُوصَى لَهُمْ وَلَمْ أَرَ الْآنَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) : إذَا أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ وَلَا وَلَدَ لَهُ فَادَّعَى فُلَانٌ أَنَّ الْوَصِيَّ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّ الْمُوصِيَ يَظُنُّ أَنَّ لَهُ وَلَدًا فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ أَوْ قَوْلُ فُلَانٍ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَرَثَةِ فَانْظُرْ ذَلِكَ وَانْظُرْ أَيْضًا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَرَثَةُ، وَفُلَانٌ أَنَّ الْمُوصِيَ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ أَوْ لَا يَعْلَمُهُ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْعِلْمِ أَوْ عَدَمِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنَى الْوَصِيَّةِ فَيَدْخُلُ اللَّفْظُ وَالْكَتْبُ وَالْإِشَارَةُ، وَقَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ» ابْنُ شَاسٍ كُلُّ لَفْظٍ فُهِمَ مِنْهُ قَصْدُ الْوَصِيَّةِ بِالْوَضْعِ أَوْ بِالْقَرِينَةِ حَصَلَ إلَى اكْتِفَائِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ: كُلُّ لَفْظٍ وَإِشَارَةٍ يُفْهَمُ مِنْهَا قَصْدُ الْوَصِيَّةِ (قُلْت) فَيَخْرُجُ عَنْهَا الْكَتْبُ، الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ قَرَءُوهَا وَقَالُوا نَشْهَدُ بِأَنَّهَا وَصِيَّتُك فَقَالَ: نَعَمْ أَوْ قَالَ بِرَأْسِهِ: نَعَمْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَذَلِكَ جَائِزٌ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتُعُقِّبَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ تَفْسِيرُ الصِّيغَةِ بِالْإِشَارَةِ فَإِنَّ الْإِشَارَةَ مِنْ الْأَفْعَالِ وَالصِّيغَةَ مِنْ الْعَوَارِضِ الْأَقْوَالِ، وَهُوَ صَحِيحٌ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا مَا يُرِيدُهُ النَّحْوِيُّونَ أَمَّا إذَا كَانَ مُرَادُهُ بِالصِّيغَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى مُرَادِ الشَّخْصِ، وَجَعْلُ ذَلِكَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي هَذَا الْفَنِّ وَلَا يُسَمَّى عَلَى رَأْيِ الْمَالِكِيَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ فَلَا مُشَاحَةَ انْتَهَى.
ص (وَقَبُولُ الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَالْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ)
ش: هَذِهِ نَحْوُ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute