للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ النَّاسِ، وَبَعْدَ أَنْ لَا يَجِدَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِمَّنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ: إنَّهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ إلَّا بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَانْظُرْ شَرْحَ قَوَاعِدِ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ وَقَوْلُهُ: بِفَرْضٍ اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ النَّوَافِلِ وَالسُّنَنِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ، وَهُوَ مُقْتَضَى لَفْظِهِ أَمَّا إخْرَاجُ النَّوَافِلِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تُطْلَبُ فِيهَا إلَّا فِي قِيَامِ رَمَضَانَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ، وَأَمَّا السُّنَنُ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الْعِيدَيْنِ وَكُسُوفِ الشَّمْسِ وَالِاسْتِسْقَاءِ سُنَّةٌ كَمَا سَيَأْتِي فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: غَيْرُ جُمُعَةٍ اسْتِثْنَاءٌ لِلْجُمُعَةِ مِنْ الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّهَا أَيْ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَاَلَّذِي يُفْهَمُ فِي الْجُمُعَةِ أَنَّهَا غَيْرُ سُنَّةٍ فَقَطْ (فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ عَزْمٍ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ قَالَ عِيَاضٌ فِي تَرْتِيبِ الْمَسَالِكِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ يَلْزَمُ إقَامَتُهَا أَهْلَ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى الْمُجْتَمَعَةِ وَأَرْكَانُهَا: أَرْبَعَةٌ مَسْجِدٌ مُخْتَصٌّ بِالصَّلَاةِ، وَإِمَامٌ يَؤُمُّ فِيهَا وَمُؤَذِّنٌ يَدْعُو إلَيْهَا، وَجَمَاعَةٌ يَجْمَعُونَهَا أَمَّا الْمَسْجِدُ فَيُبْنَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى الْجَمَاعَةِ بِنَاؤُهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيُجْبَرُونَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إحْيَاءَ السُّنَنِ الظَّاهِرَةِ، فَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهَا، وَإِنْ وُجِدَ مُتَبَرِّعٌ بِالْإِمَامَةِ وَالْأَذَانِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِمْ اسْتِئْجَارُهُمَا، وَقِيلَ: ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ، وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ، فَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ الِاجْتِمَاعِ أُجْبِرُوا عَلَى إحْضَارِ عَدَدٍ يَسْقُطُ بِهِ الطَّلَبُ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ، وَلَا يُكْتَفَى بِاثْنَتَيْنِ هُنَا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ الْجَمْعِ؛ إذْ لَا يَقَعُ بِهِمَا شُهْرَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ مِنْ الْقَرَارِ وَكَثْرَةِ الْعَدَدِ بِحَيْثُ يُخَاطَبُونَ بِالْجُمُعَةِ تَأَكَّدَ الْأَمْرُ لِكَوْنِهَا وَاجِبَةً وَحُضُورُهَا وَاجِبٌ وَيُطْلَبُ مِنْهُمْ عَدَدٌ تَقُومُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَالْمَسْجِدُ وَالْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ انْتَهَى.

، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ: وَالْإِمَامَةُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُسَارِعَ إلَيْهَا، وَلَا يَتْرُكَهَا رَغْبَةً عَنْهَا، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ جَمَاعَةً تَرَادُّوا الْإِمَامَةَ بَيْنَهُمْ فَخُسِفَ بِهِمْ انْتَهَى.

[فَرْعٌ صَلَّوْا الصُّبْحَ جَمَاعَةً وَارْتَحَلُوا وَلَمْ يَنْزِلُوا إلَّا بَعْدَ الْعِشَاء]

(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ مَسْأَلَةٌ مُسَافِرُونَ صَلَّوْا الصُّبْحَ جَمَاعَةً وَارْتَحَلُوا فَلَمْ يَنْزِلُوا إلَّا بَعْدَ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ، وَلَمْ يُصَلُّوا فَإِنَّهُمْ يُجْمِعُونَ مَا تَرَكُوا مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَلَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً لِاتِّحَادِهَا عَلَيْهِمْ فَتُطْلَبُ مِنْهُمْ الْجَمَاعَةُ كَمَا لَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً انْتَهَى.

وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رَسْمٍ شَكَّ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ص (وَلَا تَتَفَاضَلُ)

ش: قَالَ الْقَرَافِيُّ لَا نِزَاعَ أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الصُّلَحَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْكَثِيرِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ لِشُمُولِ الدُّعَاءِ وَسُرْعَةِ الْإِجَابَةِ وَكَثْرَةِ الرَّحْمَةِ وَقَبُولِ الشَّفَاعَةِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي زِيَادَةِ الْفَضِيلَةِ الَّتِي لِأَجْلِهَا شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِعَادَةَ فَالْمَذْهَبُ: أَنَّ تِلْكَ الْفَضِيلَةَ لَا تَزِيدُ، وَإِنْ حَصَلَتْ فَضَائِلُ أُخَرُ لَكِنْ لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى جَعْلِهَا سَبَبًا لِلْإِعَادَةِ وَابْنُ حَبِيبٍ يَرَى ذَلِكَ انْتَهَى.

وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ تَنْبِيهٌ: أَظُنُّ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْجَمَاعَةُ لَا تَتَفَاضَلُ أَنَّ مَنْ صَلَّى مَعَ أَقَلِّ الْجَمَاعَةِ لَا يُعِيدُ مَعَ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى مَعَ فُسَّاقٍ ثَلَاثَةٍ كَمَنْ صَلَّى مَعَ مِائَةٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ انْتَهَى.

فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ الذَّخِيرَةِ

ص (وَإِنَّمَا يَحْصُلُ فَضْلُهَا بِرَكْعَةٍ)

ش: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَحَدُّ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ أَنْ يُمَكِّنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَحَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَسَنَدٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَفُوتَ الرَّكْعَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ عَقْدَ الرَّكْعَةِ بِتَمْكِينِ الْيَدَيْنِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْجَمَاعَةِ بِأَقَلَّ مِنْ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَدُّهَا إمْكَانُ يَدَيْهِ بِرُكْبَتَيْهِ قَبْلَ رَفْعِ إمَامِهِ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ أَدْرَكَ الْقَوْمَ رُكُوعًا يَعْتَدُّ بِهَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ أَشْهَبَ (قُلْت) لَعَلَّهُ لَازِمُ قَوْلِهِ: عَقْدُ الرَّكْعَةِ وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ.

(قُلْت) : لَوْ زُوحِمَ عَنْ سُجُودِ الْأَخِيرَةِ مُدْرِكُهَا حَتَّى سَلَّمَ إمَامُهُ فَأَتَى بِهِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِي كَوْنِهِ فِيهَا فَذًّا أَوْ جَمَاعَةً قَوْلَانِ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي مِثْلِهِ فِي جُمُعَةٍ يُتِمُّهَا ظُهْرًا أَوْ جَمَاعَةً الصَّقَلِّيُّ وَابْنُ رُشْدٍ يُدْرِكُ فَضْلَهَا بِجُزْءٍ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>