للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَسَلَّفَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَعَذَّرَ وُجُودُ الْقَضَاءِ فَبَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الضَّرَرِ، وَلَوْ قَالَ " يَتَسَلَّفُ " لَكَانَ أَجْرَى عَلَى عَادَتِهِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ مَذْهَبِيٌّ.

(تَنْبِيهٌ) إنَّمَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَسَلَّفَ إذَا كَانَ يَرْتَجِي وُجُودَ الْقَضَاءِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ وَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ مَعْنَاهُ: إذَا كَانَ يُرْتَجَى الْقَضَاءُ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْن الْمَوَّازِ وَلَعَلَّ الْمُحْتَاجَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إذَا كَانَ لَهُ شَيْءٌ يَرْجُوهُ أَنْ يَتَسَلَّفَ، قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: سَمِعْت مَنْ يَقُولُ إنَّهُ إنَّمَا يَتَسَلَّفُهَا مَنْ كَانَ لَهُ مِنْ حَيْثُ يُؤَدِّيهَا، وَيُسَنُّ لِمَنْ يَتَسَلَّفُهَا مِنْهُ أَنَّهُ يُخْرِجُهَا زَكَاةً عَنْهُ فَمَتَى فُتِحَ لَهُ رَدَّ، صَحَّ مِنْ تَبْصِرَةِ ابْنِ مُحْرِزٍ، انْتَهَى كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ.

[فَرْعٌ زَكَاة الْفِطْرِ هَلْ يُسْقِطُهَا الدَّيْنُ]

(فَرْعٌ) وَاخْتُلِفَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، هَلْ يُسْقِطُهَا الدَّيْنُ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ أَشْهَبُ: لَا تَسْقُطُ بِخِلَافِ الْعَيْنِ، انْتَهَى.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِعَبْدِ الْوَهَّابِ، وَقَالَ الشَّبِيبِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يُسْقِطُهَا، انْتَهَى. وَقَالَ سَنَدٌ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ يُسْقِطُهَا الدَّيْنُ، انْتَهَى مِنْ الذَّخِيرَةِ، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: الْقَوْلُ بِالسُّقُوطِ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: اُخْتُلِفَ هَلْ يُسْقِطُهَا الدَّيْنُ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (وَهَلْ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ بِفَجْرِهِ؟ خِلَافٌ)

ش: هَذَا بَيَانٌ لِلْوَقْتِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْخِطَابُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ: الْأَوَّلُ مِنْهُمَا أَنَّ الْخِطَابَ بِهَا يَتَعَلَّقُ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ وَذَلِكَ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَمَنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ تَعَلَّقَ بِهِ الْخِطَابُ بِهَا فَلَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ أُخْرِجَتْ عَنْهُ.

وَمَنْ وُلِدَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ أَسْلَمَ أَوْ أَيْسَرَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ، وَشَهَّرَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ، وَالثَّانِي - أَنَّ الْخِطَابَ بِهَا إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْعِيدِ فَمَنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ تَعَلَّقَ بِهِ الْوُجُوبُ، وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ وُلِدَ بَعْدَهُ أَوْ أَسْلَمَ أَوْ أَيْسَرَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ شَهَّرَهُ الْأَبْهَرِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ بَلْ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا - أَنَّ الْوَاجِبَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْخِطَابُ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْعِيدِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْجَهْمِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ: لَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الْفَجْرِ يَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَصَوَّبَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَوْلَ هَذَا الْمُنْكِرِ، وَالثَّانِي - أَنَّهُ يَمْتَدُّ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَالثَّالِثُ - أَنَّهُ يَمْتَدُّ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ إلَى زَوَالِ يَوْمِ الْعِيدِ، ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَعَزَاهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ،.

وَفَائِدَةُ هَذَا الْخِلَافِ أَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْوُجُوبِ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الزَّكَاةُ، وَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ رَقِيقًا قَبْلَ وَقْتِ الْوُجُوبِ سَقَطَتْ زَكَاتُهُ عَنْ الْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ قَبْلَهُ، وَكَذَلِكَ تَسْقُطُ عَمَّنْ وُلِدَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ أَوْ أَسْلَمَ أَوْ أَيْسَرَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ اسْتَجَدَّ مِلْكَ رَقِيقٍ أَوْ اسْتَجَدَّ زَوْجَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَتَعَلَّقُ الْكَلَامُ بِالْوَقْتِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ أَرْبَعِ حَيْثِيَّاتٍ: الْوَقْتُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْوُجُوبُ، وَالْوَقْتُ الَّذِي يُسْتَحَبُّ إخْرَاجُهَا فِيهِ، وَالْوَقْتُ الَّذِي يَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ، وَتَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ مِنْ مُعَشَّرٍ أَوْ أَقِطٍ غَيْرِ عَلَسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>