للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيَتَنَزَّهُ عَنْ الْعَارِيَّةِ وَالسَّلَفِ وَالْقِرَاضِ وَالْإِبْضَاعِ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْأُمُورِ الَّتِي تَلْزَمُ الْقَاضِيَ مِنْهَا أَنْ يَتَجَنَّبَ الْعَارِيَّةَ وَالسَّلَفَ وَالْقِرَاضَ وَالْإِبْضَاعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ خَفِيفٌ إلَّا مِنْ عِنْدِ الْخُصُومِ أَوْ مِمَّنْ هُوَ فِي جِهَتِهِمْ فَلَا يَفْعَلُ، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ إلَّا لِنِكَاحٍ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: ثُمَّ إنْ شَاءَ أَكَلَ أَوْ تَرَكَ، قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَالْأَوْلَى لَهُ الْيَوْمَ تَرْكُ الْأَكْلِ، انْتَهَى.

(فَرْعَانِ الْأَوَّلُ) فِي التَّوْضِيحِ كَرِهَ مَالِكٌ لِأَهْلِ الْفَضْلِ أَنْ يُجِيبُوا كُلَّ مَنْ دَعَاهُمْ.

(الثَّانِي) وَلَا بَأْسَ لِلْقَاضِي بِحُضُورِ الْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَتَسْلِيمِهِ عَلَى أَهْلِ الْمَجَالِسِ وَرَدُّهُ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ لَا يَنْبَغِي إلَّا ذَلِكَ، انْتَهَى.

ص (وَقَبُولُ هَدِيَّةٍ وَلَوْ كَافَأَ عَلَيْهَا إلَّا مِنْ قَرِيبٍ)

ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَنْعُ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ لَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهَةِ قَبُولِ الْإِمَامِ الْأَكْبَرِ وَقُضَاتِهِ وَجُبَاتِهِ الْهَدَايَا، قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَهْلِ السُّنَّةِ، انْتَهَى. وَيُمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي حَالِ الْخِصَامِ أَوْ قَبْلَهُ، قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَوْلُهُ: إلَّا مِنْ قَرِيبٍ يُرِيدُ الْخَاصَّ مِنْ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَالْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْأُخْتِ، قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ

[فَرَعٌ ارْتِزَاق الْقَاضِي مِنْ بَيْت الْمَال]

(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ، قَالَ الْمَازِرِيُّ: أَمَّا الِارْتِزَاقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ الِارْتِزَاقِ فَإِنَّهُ يُنْهَى عَنْ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي الْمَهَابَةِ وَأَدْعَى لِلنُّفُوسِ عَلَى اعْتِقَادِ التَّعْظِيمِ وَالْجَلَالَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى طَلَبِ الرِّزْقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ سَاغَ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ (الثَّانِي) ، قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ، قَالَ أَصْبَغُ: وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ رِزْقَهُ إلَّا مِنْ الْخُمُسِ وَالْجِزْيَةِ وَعُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، انْتَهَى مِنْ ابْنِ فَرْحُونٍ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي آخِرِ سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ: وَأَمَّا الْقُضَاةُ وَالْحُكَّامُ وَالْأَجْنَادُ فَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا أَرْزَاقَهُمْ مِنْ الْعُمَّالِ الْمَضْرُوبِ عَلَى أَيْدِيهِمْ، أَعْنِي الْعُمَّالَ الَّذِينَ فَوَّضَ إلَيْهِمْ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ وَضَرَبَ عَلَى أَيْدِيهِمْ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ إعْطَاءِ مَالِ اللَّهِ لِمَنْ يَرَوْنَهُ بِوَجْهِ اجْتِهَادِهِمْ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ، وَسَيَأْتِي مِنْ كَلَامِهِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا إنْ أَخَذَ مِنْ الْعُمَّالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (الثَّالِثُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَيَأْخُذُ الْإِمَامُ مِنْ قُضَاتِهِ وَعُمَّالِهِ مَا وَجَدَهُ فِي أَيْدِيهِمْ زَائِدًا عَلَى مَا ارْتَزَقُوهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَيُحْصِي مَا عِنْدَ الْقَاضِي حِينَ وِلَايَتِهِ وَيَأْخُذُ مَا اكْتَسَبَهُ زَائِدًا عَلَى رِزْقِهِ وَقَدَّرَ أَنَّ هَذَا الْمُكْتَسَبَ إنَّمَا اكْتَسَبَهُ بِجَاهِ الْقَضَاءِ وَتَأَوَّلَ أَنَّ مُقَاسَمَةَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمُشَاطَرَتَهُ لِعُمَّالِهِ كَأَبِي مُوسَى وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمَا إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْهِ مِقْدَارُ مَا اكْتَسَبُوهُ مِنْ الْقَضَاءِ وَالْعِمَالَةِ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ: لِلْإِمَامِ أَخْذُ مَا أَفَادَهُ الْعُمَّالُ وَيَضُمُّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>