للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِنَازَةٍ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ السَّعْيِ أَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ جَلَسَ مَعَ أَحَدٍ أَوْ وَقَفَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ لَمْ يَنْبَغِ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَ مِنْهُ شَيْئًا بَنَى فِيمَا خَفَّ، وَلَمْ يَتَطَاوَلْ وَأَجْزَأَهُ، وَإِنْ أَصَابَهُ حَقْنٌ فِي سَعْيِهِ مَضَى وَتَوَضَّأَ، وَبَنَى انْتَهَى.

قَالَ سَنَدٌ: وَلَوْ جَلَسَ لِيَسْتَرِيحَ فَنَعَسَ، وَاحْتَلَمَ فَلْيَذْهَبْ فَيَغْتَسِلْ وَيَبْنِي، وَإِنْ أَتَمَّهُ جُنُبًا أَجْزَأَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ، فَإِنَّهَا تَسْعَى، وَقَالَ التَّادَلِيُّ: قَالَ الْبَاجِيُّ: مَنْ طَافَ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَى بَيْتِهِ حَتَّى يَسْعَى إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ يُخَافُ فَوَاتُهَا أَوْ يَتَعَذَّرُ الْمَصِيرُ إلَيْهَا وَيَرْجُو بِالْخُرُوجِ ذَهَابَهَا كَالْحَقْنِ وَالْخَوْفِ عَلَى الْمَنْزِلِ انْتَهَى.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَصَارَ كَتَارِكِ مَا كَانَ فِيهِ فَلْيَبْتَدِئْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيدُ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ السَّعْيَ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ سَعْيُهُ كَانَ كَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَقَدْ صَرَّحَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ طَافَ لِلْقُدُومِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْعَ بَعْدَ الطَّوَافِ فَسَدَ الطَّوَافُ (الثَّالِثُ:) تَقَدَّمَ فِي لَفْظِ التَّهْذِيبِ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ وَتَبَاعَدَ وَجَامَعَ النِّسَاءَ، فَعَطْفُ قَوْلِهِ: وَجَامَعَ بِالْوَاوِ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَاَلَّذِي فِي الْأُمِّ عَطْفُهُ بِأَوْ، وَهُوَ الظَّاهِرُ فَتَأَمَّلْهُ

ص (وَرَجَعَ إنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَتِهِ حَرَامًا)

ش يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ إذَا لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَتِهِ لِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ بَلَدِهِ مُحْرِمًا مُتَجَرِّدًا مِنْ الْمَخِيطِ، كَمَا كَانَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ، وَلَمْ يَسْعَ، فَإِذَا وَصَلَ إلَى مَكَّةَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَصَابَ النِّسَاءَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْعُمْرَةَ، وَيُهْدِي قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ.

(قُلْتُ:) وَيَقْضِيهَا مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ أَوَّلًا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَعَلَيْهِ لِكُلِّ صَيْدٍ أَصَابَهُ الْجَزَاءُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِنْ تَطَيَّبَ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ.

(تَنْبِيهٌ) : فَإِنْ فَعَلَ مُوجِبَاتِ الْفِدْيَةِ وَتَعَدَّدَتْ مِنْهُ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ، كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَاتَّحَدَتْ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا التَّفْرِيعَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ شُرُوطَ الطَّوَافِ، وَقَالَ فِيهِ: إنْ لَمْ يَصِحَّ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ خَاصًّا بِمَنْ طَافَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَالْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا هَذَا التَّفْرِيعَ فِيمَنْ طَافَ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ، وَمَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا حَسَنٌ.

ص (وَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهِ بِحَجٍّ فَقَارَنَ)

ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ.

[فَرْعٌ نَسِيَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَسَهَا عَنْ ذَكَرِهِمَا]

(فَرْعٌ) : فَإِنْ نَسِيَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَسَهَا عَنْ ذَكَرِهِمَا بَعْدَ أَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بِالْقُرْبِ بِحَيْثُ لَا يُؤْمَرُ بِإِعَادَةِ الطَّوَافِ لَوْ لَمْ يُحْرِمْ بِالْحَجِّ فَهَلْ يَكُونُ قَارِنًا أَمْ لَا؟ ذَكَرَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِهِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَارِنٌ؛ لِأَنَّ مَنْ ذَكَرَ الرَّكْعَتَيْنِ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهَا يُؤْمَرُ بِإِعَادَةِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَإِنْ كَانَ قَدْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ، فَإِنَّهُ يَفْتَدِي، وَإِنْ وَطِئَ، فَإِنَّهُ يُعِيدُ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَيَأْتِي بِعُمْرَةٍ، أَمَّا إنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ، فَإِنَّهُ يَرْكَعُهُمَا وَيَبْعَثُ بِهَدْيٍ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَفِي هَذَا الْقَوْلِ نَظَرٌ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَارِنًا، وَأَنَّ إحْرَامَهُ يَقُومُ مَقَامَ الطَّوَافِ وَاخْتَارَهُ عَبْدُ الْحَقِّ، وَقَالَ: هَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي حَسَنٌ وَذَلِكَ: أَنَّهُ إذَا عَقَدَ الْحَجَّ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ إعَادَةِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ فَكَانَ ذَلِكَ كَالطُّولِ الَّذِي لَا يَطُوفُ مَعَهُ، وَلَا يَسْعَى فَلَا يَكُونُ قَارِنًا، فَعَقْدُهُ الْحَجَّ إذَا تَرَكَ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ طَوَافِ عُمْرَتِهِ ضَرُورَةٌ مَانِعَةٌ مِنْ إعَادَةِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ فَكَانَ الْجَوَابُ فِي ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

وَالْقَوْلُ الَّذِي اخْتَارَهُ عَبْدُ الْحَقِّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إنَّهُ الصَّوَابُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهِ بِعُمْرَةٍ]

(فَرْعٌ) : فَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهِ بِعُمْرَةٍ كَانَ تَحَلُّلُهُ مِنْ الثَّانِيَةِ تَحَلُّلًا مِنْ الْأُولَى قَالَهُ سَنَدٌ، وَنَصُّهُ: وَلَوْ كَانَ اعْتَمَرَ بَعْدَ هَذِهِ الْعُمْرَةِ الَّتِي فِيهَا الْخَلَلُ لَكَانَ قَدْ تَحَلَّلَ بِفِعْلِ الثَّانِيَةِ انْتَهَى.

وَانْظُرْ لَوْ طَافَ تَطَوُّعًا وَسَعَى بَعْدَهُ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى بِلَادِهِ أَنَّ طَوَافَهُ لَمْ يَصِحَّ، هَلْ يُجْزِئُ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ، كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْقَاضِي سَنَدٍ أَمَّا لَوْ لَمْ يَرْجِعْ إلَى بَلَدِهِ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>