للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَرَرِ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ، وَفِي رَسْمِ شَكٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَفِي رَسْمِ الْبَيْعِ، وَالصَّرْفِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْغَرَرِ الْمَانِعِ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى بَيْعُ الْمَكِيلِ، وَالْجُزَافِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْقَوْلُ فِيمَا يَجُوزُ مِنْهُ يَتَحَصَّلُ بِأَنْ تَعْلَمَ أَنَّ مِنْ الْأَشْيَاءِ مَا لَا أَصْلَ فِيهِ أَنْ يُبَاعَ كَيْلًا، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا كَالْحُبُوبِ وَمِنْهَا مَا الْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ كَيْلًا كَالْأَرْضِينَ، وَالثِّيَابِ وَمِنْهَا عُرُوضٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا كَيْلًا وَلَا وَزْنًا كَالْعَبِيدِ، وَالْحَيَوَانِ فَالْجُزَافُ مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ كَيْلًا كَالْحُبُوبِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَ الْمَكِيلِ مِنْهُ، وَلَا مَعَ الْمَكِيلِ مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا كَالْأَرْضِينَ، وَالثِّيَابِ بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى.

وَاعْلَمْ أَنَّ فِي بَيْعِ الشَّيْئَيْنِ مَعًا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَا جُزَافَيْنِ أَوْ مَكِيلَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَكِيلًا وَالْآخَرُ جُزَافًا، وَالْقِسْمَانِ الْأَوَّلَانِ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ فِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَا أَصْلُهُمَا مَعًا الْكَيْلُ أَوْ أَصْلُهُمَا مَعًا الْجُزَافُ أَوْ أَصْلُ مَا يُبَاعُ جُزَافًا الْكَيْلُ وَأَصْلُ مَا يُبَاعُ بِالْكَيْلِ الْجُزَافُ أَوْ بِالْعَكْسِ، فَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ مَمْنُوعَةٌ وَالرَّابِعَةُ جَائِزَةٌ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى الصُّورَةِ الْأُولَى وَالصُّورَةِ الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ، وَجُزَافُ حَبٍّ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ أَوْ أَرْضٍ، وَأَشَارَ إلَى الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ الْمَمْنُوعَةِ وَالرَّابِعَةِ الْجَائِزَةِ بِقَوْلِهِ، وَجُزَافِ أَرْضٍ مَعَ مَكِيلِهِ لَا مَعَ حَبٍّ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ جُزَافِ الْأَرْضِ مَعَ أَرْضٍ مَكِيلَةٍ.

وَقَوْلُهُ لَا مَعَ حَبٍّ أَيْ لَا جُزَافَ أَرْضٍ مَعَ حَبٍّ مَكِيلٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وِفَاقًا لِابْنِ زَرْبٍ وَابْنِ مُحْرِزٍ خِلَافًا لِابْنِ الْعَطَّارِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَالْجُزَافُ مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا كَالْأَرْضِينَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَ الْمَكِيلِ مِنْهُ بِاتِّفَاقٍ وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِهِ مَعَ الْمَكِيلِ مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ كَيْلًا عَلَى قَوْلَيْنِ الْجَوَازُ لِابْنِ زَرْبٍ، وَأَقَامَهُ مِنْ سَلَمِ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَدَمُهُ لِابْنِ الْعَطَّارِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلِابْنِ مُحْرِزٍ مِثْلُ مَا لِابْنِ زَرْبٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ شَكٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ زَرْبٍ هُوَ الصَّحِيحُ.

(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْحَبِّ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَكِيلِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ قَالَهُ فِي الرَّسْمَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، وَقَوْلُهُ مَكِيلَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالتَّاءِ الْمَنُونَةِ، وَفِي بَعْضِهَا مَكِيلِهَا بِالتَّأْنِيثِ، وَلَا إشْكَالَ عَلَيْهِمَا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مَعَ مَكِيلِهِ بِالضَّمِيرِ الْمُذَكَّرِ، وَكَأَنَّهُ ذَكَّرَهُ، وَإِنْ كَانَ عَائِدًا لِلْأَرْضِ؛ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ عَنْ الْجِنْسِ الْمُذَكَّرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَيَجُوزُ جُزَافَانِ وَمَكِيلَانِ وَجُزَافٌ مَعَ عَرَضٍ)

ش: قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَلَا اخْتِلَافَ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمَكِيلَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْجُزَافَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ أَيْضًا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا فِي جَوَازِ بَيْعِ الْجُزَافِ مَعَ الْعَرَضِ فِي صَفْقَةٍ، وَاحِدَةٍ إلَّا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ فَإِنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْجُزَافَ مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ كَيْلًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَ الْعُرُوضِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرَّسْمِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ، وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ مَعَ الْعَرَضِ فِي صَفْقَةٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: (أَحَدُهَا) : أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْكَيْلِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ حَبِيبٍ (وَالثَّانِي) : أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ الْجُزَافُ عَلَى الْكَيْلِ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَأَصْبَغَ (وَالثَّالِثُ) : أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إنْ كَانَ الْجُزَافُ عَلَى غَيْرِ الْكَيْلِ، وَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ عَلَى الْكَيْلِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي الْجُزَافَيْنِ، وَالْمَكِيلَيْنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَصْلَهُمَا الْكَيْلُ كَقَمْحٍ، وَشَعِيرٍ أَوْ الْجُزَافُ كَأَرْضِينَ أَوْ أَصْلُ أَحَدِهِمَا الْجُزَافُ وَالْآخَرُ الْكَيْلُ كَقَمْحٍ، وَأَرْضٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَةٌ بَيْعِ مَا أَصْلُهُ الْجُزَافُ وَمَا أَصْلُهُ الْكَيْلُ]

(فَائِدَةٌ) : يَتَحَصَّلُ فِي بَيْعِ مَا أَصْلُهُ الْجُزَافُ وَمَا أَصْلُهُ الْكَيْلُ سِتَّةَ عَشَرَ صُورَةً بِصُوَرِهَا الْمَكْرُوهَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بِيعَ مَا أَصْلُهُ الْكَيْلُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُبَاعَ كَيْلًا أَوْ جُزَافًا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِمَّا أَنْ يُبَاعَ مَعَهُ شَيْءٌ مِمَّا أَصْلُهُ الْكَيْلُ أَيْضًا كَيْلًا أَوْ جُزَافًا أَوْ مَا مَعَ أَصْلِهِ الْجُزَافُ كَيْلًا أَوْ جُزَافًا فَهَذِهِ ثَمَانُ صُوَرٍ الْأُولَى: مَكِيلَانِ أَصْلُهُمَا الْكَيْلُ، وَهِيَ جَائِزَةٌ الثَّانِيَةُ: مَكِيلٌ، وَجُزَافٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>