للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ عَنْ سَحْنُونٍ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَفِي حَمْلِ كَلَامَيْ سَحْنُونٍ عَلَى الْخِلَافِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى انْتَهَى. وَالْبَحْثُ ظَاهِرٌ كَمَا قَالَ: لِأَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ فِي بَقَائِهِ لِحِفْظِ النَّضَارَةِ وَالْكَلَامَ الثَّانِيَ فِي بَقَائِهِ لِشُغْلِ مُشْتَرِيهِ أَوْ لِسُوقٍ يَرْجُوهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَبَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا تُوضَعُ الْجَائِحَةُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَشَى عَلَى مُقْتَضَى رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (تَنْبِيهٌ) قَدْ يَظْهَرُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا خِلَافُ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَدِّ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَقِبَ ذِكْرِهِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَأَشَارَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ إلَى إجْرَاءِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا بِيعَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى أَنْ يَجِدَهُ مُشْتَرِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَتَأَمَّلْهُ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً عَلَى الْجَدَادِ فِيهَا الْجَائِحَةُ إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ كَالثِّمَارِ لَا كَالْبَقْلِ وَسَأَلَ ابْنُ عَبْدُوسٍ سَحْنُونًا فَقَالَ لِمَ جُعِلَ فِيهِ الْجَائِحَةُ وَلَا سَقْيَ عَلَى الْبَائِعِ فَقَالَ: لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَأْخُذُ ذَلِكَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَوْ دَعَاهُ الْبَائِعُ إلَى أَنْ يَأْخُذَهُ فِي يَوْمِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يُمْهَلُ، وَهُوَ عَلَى وَجْهِ الشَّأْنِ اهـ.

كَلَامُ التَّوْضِيحِ، وَهَذَا الْكَلَامُ الْأَخِيرُ لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَيْضًا إنَّمَا اشْتَرَى لِتَبْقَى نَضَارَتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْحَقُّ أَنَّ كَلَامَهُ الْأَوَّلَ مُخَالِفٌ لِلثَّانِي، وَأَنَّ الرَّاجِحَ هُوَ الْأَوَّلُ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى مُقْتَضَى رِوَايَةِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ فِيهِ الْجَائِحَةُ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْجَارِيَةُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَا اشْتَرَى عَلَى الْجَدِّ بَلْ أَحْرَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَهَلْ هِيَ مَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ كَسَمَاوِيٍّ وَجَيْشٍ أَوْ سَارِقٍ خِلَافٌ)

ش: قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ الْجَوَائِحُ ثَلَاثَةٌ: النَّارُ وَالرِّيحُ، وَهُوَ السَّمُومُ وَالثَّلْجُ وَالْغَرَقُ بِالسَّيْلِ وَالْبَرَدُ وَالطَّيْرُ الْغَالِبُ وَالْمَطَرُ الْمُضِرُّ وَالدُّودُ وَالْقَحْطُ وَالْعَفَنُ وَالْجَرَادُ وَالْجَيْشُ الْكَثِيرُ وَاللِّصُّ وَالْجَلِيدُ وَالْغُبَارُ الْمُفْسِدُ وَالْعِفَاءُ، وَهُوَ يُبْسُ الثَّمَرَةِ مَعَ تَغَيُّرِ لَوْنِهَا وَالْقِسَامُ، وَهُوَ مِثْلُ الْعِفَاءُ وَالْجَرْشُ، وَهُوَ خَمَدَانِ الثَّمَرَةِ وَالشَّوْبَانِ، وَهُوَ مُتَسَاقِطُ الثَّمَرَةِ وَالشَّمْرَخَةُ، وَهُوَ أَنْ لَا يَجْرِيَ الْمَاءُ فِي الشَّمَارِيخِ وَلَا يُرَطِّبُ حَسَنًا وَلَا يُطَيِّبُ انْتَهَى.

وَمِنْهَا أَيْضًا مَسْأَلَةُ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَزَرَعَهَا فَفَسَدَ زَرْعُهَا بِجَائِحَةٍ أَصَابَتْهُ فِي نَفْسِ الزَّرْعِ كَالطَّيْرِ وَالْجَرَادِ وَالْجَلِيدِ وَالْبَرَدِ وَالنَّارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُعَدُّ جَائِحَةً فَلَا يُحَطُّ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالْأُجْرَةُ لَازِمَةٌ، وَلَوْ كَانَ الْفَسَادُ مِنْ جِهَةِ الْأَرْضِ كَالدُّودِ وَالنَّارِ وَالْعَطَشِ سَقَطَ الْكِرَاءُ جَمِيعُهُ وَكَذَلِكَ إذَا زَرَعَهَا وَأَمْكَنَهُ مُشْتَرِيهَا فَلَمْ يَنْبُتْ زَرْعُهَا فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ مِنْ الْمَعُونَةِ اهـ.

[فَرْعٌ شِرَاءِ شِرْبِ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ يَسْقِي بِهِ زَرْعَهُ فِي أَرْضِهِ]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ شِرْبِ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ يَسْقِي بِهِ زَرْعَهُ فِي أَرْضِهِ دُونَ شِرَاءُ أَصْلِ الْعَيْنِ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا غَارَ الْمَاءُ فَنَقَصَ فِيهِ ثُلُثُ الشُّرْبِ الَّذِي ابْتَاعَ وَضَعَ عَنْهُ كَجَوَائِحِ الثِّمَارِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا أَرَى أَنَّهُ مِثْلُ مَا أَصَابَ الثَّمَرَةَ مِنْ قِبَلِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُوضَعُ إنْ نَقَصَ شُرْبُهُ مَا عَلَيْهِ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا مَا قَلَّ مِمَّا لَا خَطْبَ لَهُ فَلَا يُوضَعُ لِذَلِكَ شَيْءٌ اهـ.

وَالْمَسْأَلَةُ أَيْضًا فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ وَفِي حَرِيمِ الْآبَارِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: أَوْ سَارِقٍ كَذَا فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ بِالْوَاوِ بَعْدَ أَوْ لِيَدْخُلَ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ يُوَافِقُ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَوَّلُ وَيَزِيدُ بِالسَّارِقِ (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ السَّارِقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ جَائِحَةً إذَا لَمْ يَعْرِفْ وَأَمَّا إنْ عَرَفَ فَيَتْبَعُهُ الْمُشْتَرِي مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا اهـ.

ص (وَنَقْصُهَا كَذَلِكَ)

ش: نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ كِتَابِ الْجَوَائِحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>