للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا، وَإِلَّا سَقَطَتَا إنَّمَا نَبَّهَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ كَذَلِكَ لِيُنَبِّهَ عَلَى غَيْرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ قَالَ: أَقْبَلُ بَيِّنَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا إذَا كَانَتْ عَادِلَةً؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ادَّعَى فَضْلَةً أَقَامَ عَلَيْهَا بَيِّنَةً فَأَقْضِي بِأَبْعَدِ الْمَسَافَتَيْنِ، وَبِأَكْثَرِ الثَّمَنَيْنِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّهَاتُرِ، وَسَوَاءٌ اُنْتُقِدَ، أَوْ لَمْ يُنْتَقَدْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ فِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ]

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ فِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ: وَإِنْ طَلَبَ الْجَمَّالُ نَقْدَ الْكِرَاءِ قَبْلَ الرُّكُوبِ، أَوْ بَعْدَ السَّيْرِ الْقَرِيبِ فَامْتَنَعَ الْمُكْتَرِي حُمِلَا عَلَى سُنَّةِ النَّاسِ فِي نَقْدِ الْكِرَاءِ، أَوْ تَأْخِيرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سُنَّةٌ كَانَ كَالسُّكْنَى لَا يُعْطِيهِ إلَّا بِمِقْدَارِ مَا سَكَنَ، وَإِنْ عُجِّلَ الْكِرَاءُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ، فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْدَ الْبَلَدِ الَّذِي بَلَغَا إلَيْهِ وَطَلَبَ الْآخَرُ نَقْدَ بَلَدِ التَّعَاقُدِ قُضِيَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ الَّذِي عَقَدَا فِيهِ الْكِرَاءَ انْتَهَى.

اُنْظُرْ الْمَشَذَّالِيِّ فِي هَذَا الْمَحِلِّ فَإِنَّهُ ذَكَرَ اخْتِلَافَهُمَا فِي كِرَاءِ الدُّورِ وَانْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ (فَائِدَةٌ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ يُقَالُ: الْكَرِيُّ وَالْمُكَارِي وَالْمُكْرِي لِبَائِعِ الْمَنَافِعِ، وَيُقَالُ الْمُكْتَرِي وَالْمُتَكَارِي لِمُشْتَرِيهَا حَيْثُ دَخَلَتْ التَّاءُ فَهُوَ مُشْتَرِي الْمَنَافِعِ، وَجَمْعُ الْمُكْرِي مُكْرُونَ، وَجَمْعُ الْكَرِيِّ أَكْرِيَاءٌ، وَجَمْعُ الْمُكْتَرِي مُكْتَرُونَ انْتَهَى.

ص (وَإِنْ قَالَ: اكْتَرَيْت عَشْرًا بِخَمْسِينَ، وَقَالَ بَلْ خَمْسًا بِمِائَةٍ حَلَفَا وَفُسِخَ)

ش: يُرِيدُ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْكِرَاءِ، وَلَمْ يَزْرَعْ شَيْئًا يُبَيِّنُهُ مُقَابِلَتُهُ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ زَرَعَ إلَى آخِرِهِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْكِرَاءِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا أَبُو الْحَسَنِ، وَلَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ وَظَاهِرُهُ اُنْتُقِدَ أَمْ لَا، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ النَّقْدَ فَوْتًا انْتَهَى.

ص (إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ)

ش: أَيْ إنْ أَشْبَهَ قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلِرَبِّهَا فِيمَا مَضَى مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي إنْ أَشْبَهَ تَغَابُنَ النَّاسِ أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ أَشْبَهَ مَعَ ذَلِكَ قَوْلَ الْآخَرِ فَهَذَانِ وَجْهَانِ انْتَهَى.

الْأَوَّلُ: إذَا أَشْبَهَ قَوْلُ الْمُكْتَرِي فَقَطْ الثَّانِي: إذَا أَشْبَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ: فَلِرَبِّهَا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَهُوَ خَمْسَةٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ انْتَهَى.

ص (وَإِلَّا فَقَوْلُ رَبِّهَا إنْ أَشْبَهَ)

ش: يُرِيدُ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ أَيْ قَوْلُ الْمُكْتَرِي قَبْلَ قَوْلِ رَبِّهَا مَعَ يَمِينِهِ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ يُرِيدُ، أَوْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا، وَهَذَا، وَهَذَا وَجْهٌ ثَالِثٌ انْتَهَى وَالرَّابِعُ: إذَا أَتَيَا مَعًا بِمَا لَا يُشْبِهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَفُسِخَ الْبَاقِي مُطْلَقًا)

ش: هُوَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَيُفْسَخُ بَاقِي الْمُدَّةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي فِي الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ.

ص (وَإِنْ نُقِدَ فَتَرَدَّدَ)

ش: أَجْمَلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ذِكْرِ هَذَا التَّرَدُّدِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ شُرَّاحُهُ، وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بِذِكْرِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَشُرَّاحِهَا قَالَ فِيهَا فِي كِرَاءِ الدُّورِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْأَوْجُهَ الْأَرْبَعَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُنْقَدْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: مَفْهُومُهُ لَوْ نُقِدَ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّهَا، وَلَا يُفْسَخُ بَقِيَّةُ الْخَمْسِ سِنِينَ، فَيَكُونُ كَقَوْلِ الْغَيْرِ وَمُخَالِفًا لِقَوْلِهِ: وَيُفْسَخُ بَاقِي الْمُدَّةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَهَذَا إذَا لَمْ يُنْقَدْ أَيْ هَذَا الَّذِي سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ إذَا اُنْتُقِدَ، وَالْحُكْمُ عِنْدَهُ سَوَاءٌ فِيهِمَا لَكِنْ يُعْتَرَضُ هَذَا بِقَوْلِهِ: وَمِنْ قَوْلِ مَالِكٍ: إنَّ رَبَّ الْأَرْضِ وَالدَّابَّةِ وَالدَّارِ مُصَدَّقٌ فِي الْغَايَةِ فِيمَا يُشْبِهُ، وَإِنْ لَمْ يُنْتَقَدْ إذْ هَذَا الْكَلَامُ يَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ إذَا اُنْتُقِدَ إذْ هُوَ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَهَذَا يُعْطِي سَمَاعَهُ لِلْوَجْهَيْنِ، وَقِيلَ: إنَّهُ يَعُودُ عَلَى أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ، وَهَذَا إذَا زَرَعَ سَنَةً، أَوْ سَنَتَيْنِ إلَّا أَنَّ فِيهِ تَكْرَارًا انْتَهَى.

وَنَصُّ قَوْلِ الْغَيْرِ فِيهَا قَالَ غَيْرُهُ: إذَا اُنْتُقِدَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا مَعَ يَمِينِهِ فِيمَا يُشْبِهُ مِنْ الْمُدَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ وَأَتَى الْمُكْتَرِي بِمَا يُشْبِهُ صُدِّقَ فِيمَا سَكَنَ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ، وَيَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ الْمَالِ عَلَى رَبِّهَا بَعْدَ يَمِينِهِ عَلَى مَا ادَّعَى عَلَيْهِ وَيَمِينِ الْمُكْرِي فِيمَا ادَّعَى عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>