اللَّخْمِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ بَعْدَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: هَذَا رِبْحِي، وَكَمَا لَوْ قَالَ: رَدَدْتُ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ: رَدَدْتُ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ جَمِيعَهُ دُونَ الرِّبْحِ أَوْ لَمْ أَرْبَحْ شَيْئًا أَوْ رَبَحْته وَسَلَّمْتُ إلَيْكَ رَأْسَ الْمَالِ وَنَصِيبَكَ مِنْ الرِّبْحِ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِي الْمُسَاقِي يَقُولُ بَعْدَ جَذَاذِ الثَّمَرَةِ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ قَدْ دَفَعْتُ إلَيْكَ نَصِيبَكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ، وَإِنْ كَانَ يَقُولُ: هَذَا الَّذِي فِي يَدِي نَصِيبِي فَكَذَلِكَ الْقِرَاضُ انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا تَقَدَّمَ: فَفِي قَبُولِ دَعْوَى الْعَامِلِ رَدَّ الْمَالِ مُقِرًّا بِبَقَاءِ رِبْحٍ بِيَدِهِ ثَالِثُهَا: إنْ ادَّعَى رَدَّ حَظِّ رَبِّ الْمَالِ مِنْهُ لِلَّخْمِيِّ وَلَهَا وَلِلْقَابِسِيِّ انْتَهَى.
وَقَالَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ: وَمَنْ قَالَ رَدَدْتُ إلَيْكَ مَا وَكَّلْتَنِي عَلَيْهِ أَوْ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ دَفَعْتُ إلَيْكَ ثَمَنَهُ أَوْ وَدِيعَتَكَ أَوْ قِرَاضَكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ: رَدَدْتُ إلَيْكَ رَأْسَ الْمَالِ، وَاَلَّذِي بِيَدِي رِبْحٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: لَمْ تَدْفَعْ لِي شَيْئًا صُدِّقَ رَبُّ الْمَالِ مَا دَامَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، وَعَلَى الْعَامِلِ الْبَيِّنَةُ، وَهَذَا نَصُّ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ وَمَنْ بِيَدِهِ وَدِيعَةٌ أَوْ قِرَاضٌ لِرَجُلٍ فَقَالَ: رَدَدْتُ إلَيْكَ ذَلِكَ فَهُوَ مُصَدَّقٌ ظَاهِرُهُ كَانَ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ أَوْ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ قَالَ فِي كِتَابِ الْقِرَاضِ: وَإِذَا قَالَ رَدَدْتُ إلَيْكَ رَأْسَ مَالِكَ وَبِيَدِي رِبْحٌ إلَخْ فَهِيَ تَقْيِيدٌ بِهَذَا انْتَهَى.
(الثَّالِثُ:) لَوْ ادَّعَى الْعَامِلُ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِالْمَالِ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ أَرَ الْآنَ فِيهِ نَصَّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]
ص (بَابٌ إنَّمَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ شَجَرٍ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُسَاقَاةُ عَقْدٌ عَلَى مُؤْنَةِ نُمُوِّ النَّبَاتِ بِقَدْرٍ لَا مِنْ غَيْرِ غَلَّتِهِ لَا بِلَفْظِ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ جُعْلٍ فَيَدْخُلُ قَوْلُهَا لَا بَأْسَ بِالْمُسَاقَاةِ عَلَى أَنَّ كُلَّ الثَّمَرَةِ لِلْعَامِلِ وَمُسَاقَاةُ الْبَعْلِ انْتَهَى.
وَيَبْطُلُ طَرْدُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا بِلَفْظِ عَامَلْتُكَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُسَاقَاةٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: الصِّيغَةُ ابْنُ رُشْدٍ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى.
ص (وَإِنْ بَعْلًا)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ عَلَى شَجَرِ الْبَعْلِ، وَكَذَلِكَ مَا يَشْرَبُ بِالسَّيْحِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ عَنْ الدَّوَابِّ وَالْأُجَرَاءِ قِيلَ لِمَالِكٍ فَزَرْعُ الْبَعْلِ كَزَرْعِ إفْرِيقِيَّةَ وَمِصْرَ، وَهُوَ لَا يُسْقَى؟ قَالَ: إنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُؤْنَةِ إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ شَجَرُ الْبَعْلِ، وَيَخَافُ هَلَاكَهُ إنْ تُرِكَ جَازَتْ مُسَاقَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا مُؤْنَةَ فِيهِ إلَّا حِفْظُهُ وَحَصَادُهُ وَدِرَاسَتُهُ لَمْ تَجُزْ وَتَصِيرُ إجَارَةً فَاسِدَةً، وَلَيْسَ زَرْعُ الْبَعْلِ كَشَجَرِ الْبَعْلِ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ مُسَاقَاةُ زَرْعِهِ عَلَى الضَّرُورَةِ وَالْخَوْفِ عَلَيْهِ انْتَهَى.
(قُلْت) وَقَوْلُهُ: قِيلَ فَزَرْعُ الْبَعْلِ إلَخْ هُوَ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ نَاجِي: مَعْنَاهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي شَجَرِ الْبَعْلِ خَوْفُ الْهَلَاكِ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي زَرْعِهِ بَلْ مُجَرَّدُ الْحَاجَةِ انْتَهَى.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (ذِي ثَمَرٍ)
ش: قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ أُخْرِجَ بِهِ الشَّجَرُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْإِطْعَامِ كَالْوَدِيِّ فَإِنَّ مُسَاقَاتَهُ غَيْرُ جَائِزَةٍ حَسْبَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَسَيَقُولُ فِي الْمَمْنُوعَاتِ: وَشَجَرٌ لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَ سِنِينَ، وَهُوَ يَبْلُغُ أَثْنَاءَهَا انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ:) ، فَإِنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ وَدِيٌّ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْإِطْعَامِ إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ فَهَلْ تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْحَائِطِ جَمِيعِهِ، وَيَكُونُ تَبَعًا؟ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيِّ فِي الْمُنْتَقَى الْجَوَازُ، فَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: (إلَّا تَبَعًا) رَاجِعًا إلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ قَبْلَهُ وَنَصُّ