للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرِيكِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَخَّرَ إذَا أَعْسَرَ الْغَرِيمُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مِمَّنْ يُخْشَى عَدَمُهُ وَالْعَجْزُ عَنْ الْأَدَاءِ فَيَرُدُّ التَّأْخِيرَ وَيُعَجِّلُ جَمِيعَ الْحَقِّ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى أَعْسَرَ ضَمِنَ الشَّرِيكُ إذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ عَقِبَ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ قِيلَ: لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِإِرَادَةِ الِاسْتِئْلَافِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَلَيْسَ هَذَا دَاخِلًا فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ فِي النَّهْيِ وَلِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَرْجُو بِهِ حُسْنَ الْمُعَامَلَةِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ، وَقَدْ يُعَامِلُهُ هَذَا الْغَرِيمُ، أَوْ لَا يُعَامِلُهُ انْتَهَى.

وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ نَحْوَهُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ، وَهَذَا الْكَلَامُ يَشْهَدُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَا قَالَهُ فِي الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا أَخَّرَهُ اسْتِئْلَافًا وَنَصُّهُ: وَمَنَعَ سَحْنُونٌ مِنْ التَّأْخِيرِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ لِمَنْفَعَةِ الِاسْتِئْلَافِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ الْقِسْمِ الثَّانِي، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مُحَقَّقَةِ الْحُصُولِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مَنْقُوضٌ بِالْحُرِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ بِالْأَثْمَانِ طَلَبًا لِتَحْصِيلِ مَحْمَدَةِ الثَّنَاءِ انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ رَدُّ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى سَحْنُونٍ يُرَدُّ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِنَفْيِ تَحَقُّقِ الْمَنْفَعَةِ نَفْيَ ظَنِّهَا مُنِعَ، وَإِنْ أَرَادَ نَفْيَ عِلْمِهَا لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ كَافٍ وَقَوْلُهُ بِجَوَازِهِ فِي الْحُرِّ طَلَبًا لِلثَّنَاءِ مَمْنُوعٌ انْتَهَى.

فَقَوْلُهُ إنَّ الظَّنَّ كَافٍ فِي الْمَنْعِ يَرُدُّهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَقَوْلُهُ إنَّهُ فِي الْحُرِّ مَمْنُوعٌ لِطَلَبِ الثَّنَاءِ يَرُدُّهُ أَيْضًا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ يَرْجُو بِهِ حُسْنَ الْمُعَامَلَةِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ، وَإِنْ وَضَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ كَانَ الْجَوَابُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي التَّأْخِيرِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ ثُمَّ يُنْظَرُ هَلْ يُمْضِي نَصِيبَ الَّذِي وَضَعَ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ يَجُوزُ إنْ أَرَادَ الِاسْتِئْلَافَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ فِيهَا حَطٌّ فَيَرِدُ الزَّائِدَ عَلَى مَا يُرَادُ بِهِ الِاسْتِئْلَافُ انْتَهَى.

فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّ مِقْدَارَ التَّبَرُّعِ لِأَجْلِ الِاسْتِئْلَافِ يُرْجَعُ فِيهِ لِلْعَادَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ خَفَّ كَإِعَارَةِ آلَةٍ، أَوْ دَفْعِ كِسْرَةٍ)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُعِيرَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ إلَّا أَنْ يُوَسِّعَ لَهُ فِي ذَلِكَ شَرِيكُهُ، أَوْ يَكُونَ شَيْئًا خَفِيفًا كَعَارِيَّةِ غُلَامٍ لِيَسْقِيَ دَابَّةً، وَنَحْوَهُ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِذَلِكَ بَأْسٌ وَالْعَارِيَّةُ مِنْ الْمَعْرُوفِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَفْعَلَهُ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ اسْتِئْلَافَ التِّجَارَةِ، وَإِنْ وَهَبَ أَحَدُهُمَا، أَوْ أَعَانَ عَلَى الْمَعْرُوفِ ضَمِنَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لِلِاسْتِئْلَافِ فَلَا يَضْمَنُ انْتَهَى.

ص (وَيُبْضِعُ وَيُقَارِضُ)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُبْضِعَ وَيُقَارِضَ دُونَ إذْنِ الْآخَرِ انْتَهَى.

قَالَ اللَّخْمِيُّ: هَذَا إذَا كَانَ الْمَالُ وَاسِعًا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ عَنْهُمَا لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ نَظَرِهِ إلَّا بِرِضَا شَرِيكِهِ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ بَارَ عَلَيْهِمَا، وَبَلَغَهُ عَنْ بَلَدٍ نَفَاقٌ، وَلَا يَجِدُ إلَى السَّفَرِ بِهِ سَبِيلًا، أَوْ يَبْلُغُهُ عَنْ سِلَعٍ نَفَاقٌ بِبَلَدٍ فَيَبْعَثُ مَا يُشْبِهُ أَنْ يُبْعَثَ بِهِ مِنْ مِثْلِ مَا بِأَيْدِيهِمَا وَمِثْلُ هَذَا يُعْرَفُ عِنْدَ النُّزُولِ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ وِفَاقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ.

(تَفْرِيعٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ أَبْضَعَ أَحَدُهُمَا مَعَ رَجُلٍ دَنَانِيرَ مِنْ الشَّرِكَةِ ثُمَّ عَلِمَ الرَّجُلُ بِمَوْتِ الَّذِي أَبْضَعَهَا مَعَهُ، أَوْ بِمَوْتِ شَرِيكِهِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ الشَّرِكَةِ فَلَا يَشْتَرِي بِهَا شَيْئًا وَلْيَرُدَّهَا عَلَى الْبَاقِي، وَإِنْ بَلَغَهُ افْتِرَاقُهُمَا فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَهُمَا بَعْدُ وَفِي الْمَوْتِ يَقَعُ بَعْضُهُ لِلْوَرَثَةِ وَهُمْ لَمْ يَأْمُرُوهُ انْتَهَى.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ، وَلَا يَشْتَرِي بِنَصِيبِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ مُشَاعٌ فِي جَمِيعِ الْمَالِ وَلَيْسَ لِلْمُبْضَعِ مَعَهُ أَنْ يُقَسِّمَ ذَلِكَ انْتَهَى.

قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِنْ عَلِمَ فِي الْمَوْتِ أَنَّ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ الْمُفَاوَضَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ إنْ مَاتَ الْمُبْضِعُ، وَإِنْ مَاتَ مَنْ لَمْ يُبْضِعْ كَانَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُفَاوَضَةِ، أَوْ مِمَّا يَخُصُّهُ لَمْ يَشْتَرِ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْكَشْفِ بَعْدَ الْوُصُولِ فَقَدْ يَكُونُ مِنْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ انْتَهَى.

وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا الْأَخِيرَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَرْعٌ هَلْ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ]

(فَرْعٌ) يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَنُوبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>