للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَأْوِيلَانِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ بَقِيَتْ كُلُّ صُرَّةٍ بِيَدِ رَبِّهَا حَتَّى ابْتَاعَ بِهَا أَمَةً عَلَى الشَّرِكَةِ وَتَلِفَتْ الصُّرَّةُ الْأُخْرَى وَالْمَالَانِ مُتَّفِقَانِ فَالْأَمَةُ بَيْنَهُمَا وَالصُّرَّةُ مِنْ رَبِّهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُهُ فَالْأَمَةُ بَيْنَهُمَا يُرِيدُ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ ثَمَنِهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهَا عَلَى الشَّرِكَةِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ اشْتَرَى الْأَمَةَ بَعْدَ التَّلَفِ عَالِمًا بِهِ فَشَرِيكُهُ مُخَيَّرٌ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهَا، أَوْ يَدَعَهَا إلَّا أَنْ يَقُولَ إنَّمَا اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّلَفِ حَتَّى اشْتَرَى فَالْأَمَةُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثُمَّ تَلِفَتْ صُرَّةُ الْأَخِيرِ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَلِابْنِ رُشْدٍ عَكْسُ هَذَا قَالَ إنْ اشْتَرَى بَعْدَ التَّلَفِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُلْزِمَهُ مَا اشْتَرَاهُ، أَوْ يَنْفَرِدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: لَوْ عَلِمْت تَلَفَهُ لَمْ أَشْتَرِ إلَّا لِنَفْسِي، وَمَا اشْتَرَى بَعْدَ أَنْ عَلِمَ بِتَلَفِ مَا أَخْرَجَهُ صَاحِبُهُ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً اهـ. فَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِالتَّلَفِ فَلَهُ وَعَلَيْهِ وَاَلَّذِي يُنَاسِبُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى بِالسَّالِمِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَحِلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّالِفِ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ بِالتَّالِفِ فَهِيَ لَهُ خَاصَّةً إلَّا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّلَفِ فَالسِّلْعَةُ بَيْنَهُمَا، وَلَا خِيَارَ لِأَحَدِهِمَا وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هَذَا: إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْأَخْذَ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ قُلْت: لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَى لِلشَّرِكَةِ وَلَمْ يَدَّعِ الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ فَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ، وَأَنَّهُ بَيْنَهُمَا فَتَأَمَّلْهُ وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ، أَوْ مُطْلَقًا هُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ إلَّا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ بَيْنَهُمَا، وَلَا خِيَارَ لِأَحَدِهِمَا سَوَاءٌ اشْتَرَى بَعْدَ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ، أَوْ قَبْلَهُ، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بَعْدَ عِلْمِهِ بِالتَّلَفِ يُخَيِّرُ الشَّرِيكَ الَّذِي تَلِفَتْ صُرَّتُهُ فِي أَنَّهُ يُشَارِكُهُ، أَوْ يَدَعُهَا لَهُ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَا يُفْسِدُهَا انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا بِشَيْءٍ)

ش: قَالَ الْبِسَاطِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ لَا يُفْسِدُهَا أَنْ يُعَيِّنَ كُلٌّ صِنْفًا لِلْآخَرِ يَعْمَلُ فِيهِ، وَيَشْتَرِكَانِ فِي غَيْرِهِمَا فِي الْعَمَلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ إنْ عَمِلَ كُلٌّ فِي مَالٍ لِنَفْسِهِ لَا يُفْسِدُهَا إذَا اسْتَوَيَا فِي عَمَلِ الشَّرِكَةِ، وَالثَّانِي هُوَ الْمَنْصُوصُ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ إذَا كَانَ الْمُنْفَرِدَانِ قَرِيبَيْنِ فَإِنْ قُلْت: ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَحَدُهُمَا غَيْرُ الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ قُلْت: يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ كُلًّا انْفَرَدَ لِيُوَافِقَ النَّقْلَ انْتَهَى.

فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ انْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِشَيْءٍ وَأَنَّ النَّقْلَ كَذَلِكَ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، أَوْ نَصُّهَا قَالَ فِيهَا: وَيَكُونَانِ مُتَفَاوِضَيْنِ، وَلِأَحَدِهِمَا عَيْنٌ، أَوْ عَرْضٌ دُونَ صَاحِبِهِ، وَلَا يُفْسِدُ ذَلِكَ الْمُعَاوَضَةَ بَيْنَهُمَا انْتَهَى.

، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَا يُفْسِدُهَا عِنْدَنَا وُجُودُ مَالٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى حِدَتِهِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ انْتَهَى.

فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ إنْ اسْتَأْلَفَ)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ أَخَّرَ أَحَدُهُمَا غَرِيمًا بِدَيْنٍ، أَوْ وَضَعَ لَهُ مِنْهُ نَظَرًا، أَوْ اسْتِئْلَافًا فِي التِّجَارَةِ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ جَازَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ إذَا كَانَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ وَمَا صَنَعَهُ مُفَوَّضًا إلَيْهِ مِنْ شَرِيكٍ، أَوْ وَكِيلٍ لَمْ يَلْزَمْ وَلَكِنْ يَلْزَمُ الشَّرِيكَ فِي حِصَّتِهِ وَيَرُدُّهُ صَنِيعُ الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ مَا صَنَعَ الْوَكِيلُ مِنْ ذَلِكَ، فَيَضْمَنُهُ انْتَهَى.

، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: تَأْخِيرُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ لَا يَجُوزُ وَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَرُدَّ التَّأْخِيرَ فِي نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ، وَأَمَّا نَصِيبُ صَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِمَا فِي قِسْمَةِ الدَّيْنِ حِينَئِذٍ مَضَى التَّأْخِيرُ فِي نَصِيبِ مَنْ أَخَّرَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ، وَقَالَ مَنْ أَخَّرَ: لَمْ أَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُ عَلَيَّ شَيْئًا مِنْ الشَّرِكَةِ رَدَّ جَمِيعَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِتَأْخِيرِهِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ لَمْ يَكُنْ عَلَى مَنْ أَخَّرَ فِي ذَلِكَ مَقَالٌ فَإِنْ أَعْسَرَ الْغَرِيمُ بَعْدَ التَّأْخِيرِ ضَمِنَ الشَّرِيكُ لِشَرِيكِهِ نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ تَأْخِيرُهُ إرَادَةَ الِاسْتِئْلَافِ جَازَ ذَلِكَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>