للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ثُمَّ عُرْفٌ قَوْلِيٌّ)

ش: وَعَطَفَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ بِثُمَّ لِيُفِيدَ أَنَّهَا عَلَى التَّرْتِيبِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا فُقِدَتْ النِّيَّةُ وَالْبِسَاطُ تَوَصَّلَ إلَى مُرَادِ الْحَالِفِ مِنْ لَفْظِهِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ أَوَّلًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ غَالِبُ قَصْدِ الْحَالِفِ، وَلِأَنَّ كُلَّ مُتَكَلِّمٍ بِلُغَةٍ يَجِبُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَسْتَعْمِلُ أَهْلُ تِلْكَ اللُّغَةِ فِيهِ ذَلِكَ اللَّفْظَ وَقَوْلُهُ قَوْلِيٌّ احْتِرَازًا مِنْ الْفِعْلِيِّ تَبَعًا مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلْقَرَافِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يَعْتَبِرْ الْفِعْلِيَّ. قَالَ الْقَرَافِيُّ الْعُرْفُ قِسْمَانِ فِعْلِيٌّ وَقَوْلِيٌّ، وَالْقَوْلِيُّ قِسْمَانِ فِي الْمُفْرَدَاتِ وَالْمُرَكَّبَاتِ، وَعُرْفُ الْمُفْرَدَاتِ قِسْمَانِ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ وَأَجْنَبِيٌّ مِنْهَا، فَالْفِعْلِيُّ هُوَ غَلَبَةُ مُلَابَسَةِ بَعْضِ أَنْوَاعِ مُسَمَّى اللَّفْظِ، وَهُوَ غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى اللُّغَةِ، وَلَا مُعَارِضٍ لِلْوَضْعِ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: مِثَالُ الْفِعْلِيِّ أَنْ يَحْلِفَ لَا آكُلُ خُبْزًا وَعَادَتُهُ أَكْلُ خُبْزِ الْبُرِّ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِخُبْزٍ لِشَعِيرٍ وَالذُّرَةِ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ أَبَدًا، انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ الْقَرَافِيُّ وَالْقَوْلِيُّ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ كَلَفْظِ الدَّابَّةِ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحِمَارِ، انْتَهَى. هَذَا بِمِصْرَ وَبِالْعِرَاقِ فِي الْفُرْسِ، وَفِي قَفِصَةِ الْأُنْثَى مِنْ الْحَمِيرِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ. قَالَ الْقَرَافِيُّ وَالْأَجْنَبِيُّ مِنْ الْحَقِيقَةِ نَحْوُ لَفْظِ الْغَائِطِ فَإِنَّهُ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْفَضْلَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْإِنْسَانِ، وَهِيَ لَيْسَتْ بَعْضَ الْمَوَاضِعِ الْمُطَمْئِنَةِ، وَعُرْفُ الْمُرَكَّبَاتِ كَغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِ مُرَكَّبٍ مَخْصُوصٍ وَمَعْنَى مَخْصُوصٍ فِي سِيَاقٍ مَخْصُوصٍ حَتَّى يَصِيرَ أَشْهُرُ فِيهِ مِمَّا لَا يَقْتَضِيهِ لُغَةً، كَقَوْلِ الْقَائِلِ لِغَرِيمِهِ: لَأَقْضِيَنَّكَ حَقَّكَ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ فِي قَصْدِ عَدَمِ التَّأْخِيرِ عَنْ هَذِهِ الْغَايَةِ دُونَ التَّأْخِيرِ إلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الْقَسَمُ غَيْرُ بِسَاطِ الْيَمِينِ، فَإِنَّ الْبِسَاطَ حَالَةٌ تَتَقَدَّمُ الْحَلِفَ، وَهَذَا الْعُرْفُ يُفْهَمُ مِنْ نَفْسِ اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحَالَةِ كَيْفَ كَانَتْ فَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ كُلُّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى اللُّغَةِ؛ لِأَنَّهُ غَلَبَةُ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ الْمُسَمَّى اللُّغَوِيِّ فَهُوَ نَاسِخٌ لِلُّغَةِ وَالنَّاسِخُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَنْسُوخِ، بِخِلَافِ الْفِعْلِيِّ لَيْسَ مُعَارِضًا لِلُّغَةِ، انْتَهَى. وَسَتَأْتِي فُرُوعٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ أَمْثِلَةً.

ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْهُ أَشَارَ إلَى الرَّابِعِ.

ص (ثُمَّ مَقْصِدٌ لُغَوِيٌّ)

ش: يَعْنِي إنْ فُقِدَتْ النِّيَّةُ وَالْبِسَاطُ وَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى مُقْتَضَاهُ لُغَةً. قَالَ الْقَرَافِيُّ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَهَذَا فِي الْمَظْنُونِ، وَأَمَّا الْمَعْلُومُ مِثْلُ قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَأُرِيَنَّهُ النُّجُومَ فِي النَّهَارِ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُحَمَّلُ عَلَى مَا عَلِمَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْمُبَالَغَةِ دُونَ الْحَقِيقَةِ، انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ الرَّابِعِ أَشَارَ إلَى الْخَامِسِ بِقَوْلِهِ:

ص (ثُمَّ شَرْعِيٌّ)

ش: يَعْنِي إذَا فُقِدَتْ الْأَرْبَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى مُقْتَضَاهُ فِي الشَّرْعِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ صَاحِبَ الشَّرْعِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْحَلِفُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الشَّرْعِيَّاتِ مِثْلُ أَنْ تَقُولَ: وَاَللَّهِ لَأُصَلِّيَنَّ أَوْ لَا أُصَلِّي فَهَذَا يُحْمَلُ عَلَى الصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ الْعُرْفِيَّ يَتَنَاوَلُهَا أَيْضًا، وَلَوْ حَلَفَ لَيَتَوَضَّأَنَّ فَالْعُرْفُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي تُسْتَبَاحُ بِهِ الصَّلَاةُ وَالْوُضُوءُ اللُّغَوِيُّ قَدْ يُطَلَّقُ عَلَى غَسْلِ الْيَدَيْنِ فَقَطْ، انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ: قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ رَجُلَ بَنِي فُلَانٍ يَحْنَثُ إذَا كَلَّمَ صِبْيَانَهُمْ، انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَحَنِثَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ بِفَوْتِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>