للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِوُلُوغِ الْكَلْبِ فَقَطْ، وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَلْبُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ لَمْ يُغْسَلْ سَبْعًا خِلَافًا لِلشَّافِعَيَّ.

(فَرْعٌ) قَالَ سَنَدٌ إذَا لَعِقَ الْكَلْبُ يَدَ أَحَدِكُمْ لَا يَغْسِلُهَا.

وَيُقَالُ: وَلَغَ يَلَغُ بِفَتْحِ اللَّامِ فِيهِمَا وُلُوغًا بِضَمِّ الْوَاوِ إذَا شَرِبَ. أَبُو عُبَيْدَةَ فَإِذَا شَرِبَ كَثِيرًا فَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَيُسْتَعْمَلُ الْوُلُوغُ فِي الْكِلَابِ وَالسِّبَاعِ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْآدَمِيِّ وَيُسْتَعْمَلُ الشُّرْبُ فِي الْجَمِيعِ انْتَهَى بِالْمَعْنَى.

وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الطَّيْرِ يَلَغُ إلَّا الذُّبَابُ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ. وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا يَعْنِي أَنَّ الْغَسْلَ لَا يَخْتَصَّ بِالْمَنْهِيِّ عَنْ اتِّخَاذِهِ بَلْ يَغْسِلُ مِنْ وُلُوغِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ وَالْمَنْهِيِّ عَنْ اتِّخَاذِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْوَافِي قَالَهُ السَّيِّدُ فِي تَصْحِيحِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: هُوَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِالْمَنْهِيِّ عَنْ اتِّخَاذِهِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الْكِتَابِ لِلْجِنْسِ فَيَعُمُّ، أَوْ لِلْعَهْدِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْ اتِّخَاذِهِ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ ثَالِثًا عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ زَرْقُونٍ بِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْحَضَرِيِّ وَعَزَيَاهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَقَالَ وَتَفْسِيرُ اللَّخْمِيّ بِالْمَنْهِيِّ عَنْ اتِّخَاذِهِ يَمْنَعُ كَوْنَهُ ثَالِثًا يَعْنِي أَنَّ اللَّخْمِيَّ فَسَّرَ الْحَضَرِيَّ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي الْحَضَرِ لَا يَكُونُ غَالِبًا إلَّا مَنْهِيًّا عَنْ اتِّخَاذِهِ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: " لَا غَيْرِهِ " يَعْنِي أَنَّ الْغَسْلَ خَاصٌّ بِالْكَلْبِ فَلَا يُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ يُلْحَقُ بِهِ الْخِنْزِيرُ وَهُمَا رِوَايَتَانِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَسْلَ لِلتَّعَبُّدِ، أَوْ لِلْقَذَارَةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَإِذَا أُلْحِقَ بِهِ الْخِنْزِيرُ فَيُلْحَقُ بِهِ سَائِرُ السِّبَاعِ لِاسْتِعْمَالِهَا لِلنَّجَاسَةِ وَانْدِرَاجِهَا فِي الِاسْمِ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ «اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ فَعَدَا عَلَيْهِ الْأَسَدُ فَأَكَلَهُ» .

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَانْظُرْ لَوْ نَشَأَ وَلَدٌ مِنْ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِالْكَلْبِ قَالَ وَالْأَحْوَطُ وُجُوبُ الْغَسْلِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُحْكَمَ فِيهِ بِتَبَعِيَّةِ أُمِّهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَزَادَ لِقَوْلِهِ: كُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا.

ص (عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ)

ش: أَيْ لَا يُؤْمَرُ بِالْغَسْلِ إلَّا عِنْدَ قَصْدِ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ الْإِنَاءِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْأَكْثَرِ وَلِرِوَايَةِ عَبْدِ الْحَقِّ، وَقِيلَ: يُؤْمَرُ بِالْغَسْلِ بِفَوْرِ الْوُلُوغِ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِتَخْرِيجِ الْمَازِرِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَلِنَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَبَنَى ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ الْخِلَافَ عَلَى أَنَّ الْغَسْلَ تَعَبُّدٌ فَيَجِبُ عِنْدَ الْوُلُوغِ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تُؤَخَّرُ، أَوْ لِلنَّجَاسَةِ فَلَا يَجِبُ إلَّا عِنْدَ إرَادَةِ الِاسْتِعْمَالِ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُبْنَى الْخِلَافُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْأَمْرِ هَلْ هُوَ لِلْفَوْرِ، أَوْ لِلتَّرَاخِي؟ اهـ.

قَالَ صَاحِبُ الْجَمْعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الذَّخِيرَةِ تَرْجِيحُ الثَّانِي لِتَقْدِيمِهِ إيَّاهُ، قَالَ: وَانْظُرْ هَلْ مُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِهِ إلَّا عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِهِ هَلْ يُغْسَلُ فَوْرًا، أَوْ عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ، أَوْ مُرَادُهُ أَنَّهُ إذَا أُرِيدَ اسْتِعْمَالُهُ غُسِلَ عِنْدَ إرَادَةِ الِاسْتِعْمَالِ سَوَاءٌ اتَّصَلَ الِاسْتِعْمَالُ بِالْقَصْدِ، أَوْ لَمْ يَتَّصِلْ؟ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ اسْتِعْمَالَهُ فَإِنَّهُ لَا يُغْسَلُ وَيَكُونُ الْقَوْلُ الْآخَرُ يُغْسَلُ وَلَوْ عَزَمَ عَلَى تَرْكِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كُسِرَ لَزِمَ غَسْلُ شِقَاقِهِ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ اهـ. وَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَرُبَّمَا بِمَا ذُكِرَ فِي ثَمَرَةِ الْخِلَافِ هُنَا هَلْ يَلْزَمُ غَسْلُ الْإِنَاءِ إذَا كُسِرَ وَفِيهِ بُعْدٌ اهـ. وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

وَقَالَ سَنَدٌ مَذْهَبُ مَالِكٍ غَسْلُهُ عِنْدَ إرَادَةِ الِاسْتِعْمَالِ لَا بِفَوْرِ الْوُلُوغِ كَمَا زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّ غَسْلَهُ إنَّمَا يُرَادُ لِيُسْتَعْمَلَ أَرَأَيْت لَوْ كُسِرَ بَعْدَ الْوُلُوغِ أَكَانَ يُغْسَلُ شِقَاقُهُ؟ اهـ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَقُولُ أَحَدٌ بِغَسْلِ شِقَاقِهِ، فَتَأَمَّلْهُ.

ص (بِلَا نِيَّةٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي غَسْلِ الْإِنَاءِ النِّيَّةُ قَالَهُ الْبَاجِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ قَالَا وَإِنَّمَا يَفْتَقِرُ التَّعَبُّدُ إلَى النِّيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>