للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّرِكَةِ فِي ثُلُثِهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِمْ مَا لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ بِلَا مُرَادِهِمْ هَذَا خَطَأٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَصْبَغَ أَيْضًا الْبَيْعُ يَمْضِي إذَا فَاتَ إنْ كَانَ لَهُ ثُلُثٌ مُوصَى بِهِ إلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَحْصِيلِ الْمَالِ وَجَمْعِهِ وَبَيْعِهِ إلَّا فِي الْعَقَارِ اسْتِحْسَانٌ أَيْضًا وَالْقِيَاسُ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْكِبَارِ الْبَيْعُ فِي حُظُوظِهِمْ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا بِإِذْنِهِمْ كَالشُّرَكَاءِ الْأَجْنَبِيِّينَ لِلْمَيِّتِ وَلِأَشْهَبَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: لِلْمُوصَى أَنْ يَبِيعَ الْحَيَوَانَ وَالرَّقِيقَ وَالْعَقَارَ لِتَأْدِيَةِ الدَّيْنِ، وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ كِبَارٌ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِمْ أَوْ كَانُوا كِبَارًا وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الْعَقَارِ إلَّا الثُّلُثُ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَدْ مَضَى فِي رَسْمِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ طَرَفٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى.

وَنَصُّ مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي رَسْمِ الشَّجَرَةِ: " وَسُئِلَ عَنْ الْوَصِيِّ يُرِيدُ بَيْعَ مَتَاعِ الرَّجُلِ مُسَاوَمَةً وَيَرَى أَنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَهُ مِثْلُ مَا يُسَوِّمُهُ الرَّجُلُ فِي الدَّارِ وَمَا أَشْبَهَهُ فَيُنْهِيَهُ وَيَرَى أَنَّ بَيْعَهُ غِبْطَةٌ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ بَاعَ مُسَاوَمَةً أَوْ مِمَّنْ يَزِيدُ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مَعْنَاهُ فِي الْوَصِيِّ عَلَى الثُّلُثِ إذَا بَاعَ بِإِذْنِ الْوَرَثَةِ عَلَى الصِّغَارِ إذَا بَاعَ بِإِذْنِ الْكِبَارِ أَوْ فِي الْوَصِيِّ عَلَى الصِّغَارِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ مُشْتَرِكٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ وَصِيًّا عَلَى الصِّغَارِ وَهُمْ شُرَكَاءُ مَعَ الْكِبَارِ فَيُبَاعُ الْجَمِيعُ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ وَصِيًّا عَلَى الثُّلُثِ فَبَاعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي الْوَصِيِّ بِبَيْعِ الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ يُرِيدُ لِإِنْفَاذِ وَصَايَاهُ، وَفِي الْوَرَثَةِ غَائِبٌ كَبِيرٌ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِ فَذَلِكَ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ أَوْ بِالثُّلُثِ صَدَقَةً أَوْ غَيْرِهَا وَالْوَرَثَةُ كِبَارٌ كُلُّهُمْ فَلَهُ بَيْعُ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ، وَفِيهَا قَوْلٌ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ الْعَقَارِ إلَّا الثُّلُثُ، وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ وَكُلُّ مَا لَهُ فِيهِ بَيْعُ الْعَقَارِ فَلَهُ بَيْعُ مَا سِوَاهُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَا أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ، وَلَمْ يَتْرُكْ عَقَارًا وَالْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ كِبَارٌ غُيَّبٌ أَوْ بَعْضُهُمْ غُيَّبٌ فَلَهُ بَيْعُ مَا كَانَ مِنْ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ بِخِلَافِ الرِّبَاعِ، وَإِنْ كَانُوا حُضُورًا، مُحَمَّدٌ أَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُمْ، فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ شَيْءٍ وَلَا لِلسُّلْطَانِ وَلَهُ بَيْعُ ذَلِكَ فِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا رَفَعَ ذَلِكَ السُّلْطَانُ حَتَّى يَأْمُرَهُ أَوْ يَأْمُرَ مَنْ يَبِيعُ مَعَهُ، وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إذَا كَانُوا أَصَاغِرَ وَأَكَابِرَ فَلَا بَيْعَ حَتَّى يَحْضُرَ الْأَكَابِرُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ غَابُوا بِأَرْضٍ نَائِيَةٍ وَتَرَكَ حَيَوَانًا وَرَقِيقًا وَعُرُوضًا فَلَهُ بَيْعُ ذَلِكَ وَيَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ حَتَّى يَأْمُرَ مَنْ يَبِيعُ عَلَى الْغَائِبِ قَالَ أَشْهَبُ: إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُمْ فَلْيَبِعْ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ وَيَرَى أَنَّ بَيْعَهُ أَفْضَلُ لِلْجَمِيعِ، وَيَقْسِمُ الثَّمَنَ إذَا قَدِمُوا، وَإِنْ شَاءَ قَسَمَهُ فِي غَيْبَتِهِمْ ثُمَّ مَنْ تَلِفَ حَقُّهُ كَانَ مِنْهُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْوَرَثَةُ عَصَبَةً قَالَ سَحْنُونٌ كَيْفَ يَبِيعُ عَلَى الْوَرَثَةِ الْكِبَارِ الْغُيَّبِ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ وَكَيْفَ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الْعُتْبِيَّة الْمُتَقَدِّمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ، وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ، وَالْمَعْرُوفُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَقْسِمُ الْمُوصَى عَلَى الْغُيَّبِ الْكِبَارِ وَلَا يَبِيعُ لِدَيْنٍ وَلَا لِغَيْرِهِ وَلَوْ جَازَ أَنْ يَقْسِمَ الثُّلُثَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ لَجَازَ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ وَقَبِلَهُ، فَيَتَحَصَّلُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ التَّرِكَةَ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ غُيَّبًا كِبَارًا أَوْ فِيهِمْ غَائِبٌ كَبِيرٌ أَمْ لَا؟ فَأَجَازَ ذَلِكَ أَشْهَبُ حَتَّى فِي الْعَقَارِ وَمَنَعَ ذَلِكَ غَيْرُهُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ حَتَّى يُرْفَعَ إلَى السُّلْطَانِ فَيَأْمُرُهُ بِالْبَيْعِ أَوْ يَأْمُرُ مَنْ يَبِيعُ مَعَهُ لِلْغَائِبِ أَوْ يَقْسِمُ مَا يَنْقَسِمُ، وَإِذَا كَانَ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ فَأَحْرَى أَنْ يَمْنَعَ بَيْعَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى إلَى السُّلْطَانِ، وَيُرَدُّ إنْ وَقَعَ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَقْوَالِ فَكُلُّهَا اسْتِحْسَانٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>