للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَنَدٌ: الْعَصْبُ ثِيَابُ قُطْنٍ مُرْتَفِعَةٍ فِيهَا خُطُوطٌ مَصْبُوغَةٌ، وَهِيَ الْحِبَرَةُ تُصْبَغُ بِالْيَمَنِ لَيْسَ فِيهَا وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ الْبَاجِيّ: وَأَمَّا الْمُوَرَّدُ بِالْعُصْفُرِ وَالْمَصْبُوغُ بِالْمَغْرَةِ، أَوْ الْمِشْقِ ابْنُ الْمَوَّازِ وَالْأَصْفَرُ بِغَيْرِ زَعْفَرَانٍ، وَلَا وَرْسٍ، فَلَيْسَ بِمَمْنُوعٍ لُبْسُهُ لِلْمُحْرِمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ، وَلَا يُفْعَلُ غَالِبًا إلَّا إبْقَاءً لِلثَّوْبِ، فَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ، وَمَنْ يُقْتَدَى بِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ لِئَلَّا يُلْبِسَ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ فَيَقْتَدِيَ بِهِ فِي لُبْسِ الْمَصْبُوغِ الْمَمْنُوعِ لُبْسُهُ رَوَاهُ أَشْهَبُ وَمُحَمَّدٌ انْتَهَى. ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَذْهَبَ كَرَاهَةُ مَا صُبِغَ مِنْ الْأَصْفَرِ بِغَيْرِ زَعْفَرَانٍ وَلَا وَرْسٍ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ: وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي جَوَازِ لُبْسِ الْمَصْبُوغِ بِالْمَدَرِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ خَلِيلٌ: يُرِيدُ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ، ثُمَّ اعْتَرَضَ عَلَى ابْنِ رَاشِدٍ فِي حَمْلِهِ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِخِلَافِ الْمُوَرَّدِ وَالْمُمَشَّقِ لَا غَيْرَ عَلَى الْمَشْهُورِ عَلَى أَنَّهُ مُرَادُهُ أَنَّ الْمُوَرَّدَ وَالْمُمَشَّقَ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ فِيهِمَا، وَلَا يُلْحَقُ بِهِمَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَلْوَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ الْإِحْرَامُ فِيمَا عَدَاهُمَا مَكْرُوهٌ؛ وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يُحْرِمَ فِي الْبَيَاضِ فَقَالَ: لَيْسَتْ تَمْشِيَتُهُ بِجَيِّدَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي جَوَازِ الْمَصْبُوغِ بِالْمَدَرِ عَلَى مَا نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَلَا يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ فِي غَيْرِهِمَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْجَلَّابِ وَاللَّخْمِيّ، وَغَيْرُهُمَا انْتَهَى. .

وَلَفْظُ ابْنِ الْجَلَّابِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَلْبَسَ الثِّيَابَ السُّودَ وَالْكُحْلِيَّاتِ وَالدُّكْنَ وَالْخُضْرَ وَتَقَدَّمَ لَفْظُ اللَّخْمِيِّ، وَقَوْلُهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي جَوَازِ الْمَصْبُوغِ بِالْمَدَرِ يُرِيدُ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَذْهَبُ جَوَازُ الْمُوَرَّدِ وَالْمُمَشَّقِ مَعَ كَرَاهَتِهِ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَلَا يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ فِي غَيْرِهِمَا يُرِيدُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَفْضَلِ؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ الْبَيَاضُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَبِهَذَا يُقَيَّدُ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا بَأْسَ بِالْمُوَرَّدِ وَالْمُمَشَّقِ فَيُقَالُ يُرِيدُ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ، وَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِالْإِحْرَامِ فِي جَمِيعِ الْأَلْوَانِ إلَخْ فَيُقَالُ يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَيَاضَ أَفْضَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ التِّلِمْسَانِيِّ أَنَّ الْمَصْبُوغَ يُكْرَهُ لُبْسُهُ لِلْمُقْتَدَى بِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَشْبَهَ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ، أَوْ لَمْ يُشْبِهْ، فَإِنَّهُ قَالَ الْجَائِزُ: مِنْ الْمَصْبُوغِ مَا لَا يَكُونُ صِبَاغُهُ مِنْ نَاحِيَةِ الطِّيبِ كَالْأَخْضَرِ وَالْأَزْرَقِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَيَجُوزُ لِلْعَامَّةِ وَيُكْرَهُ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ انْتَهَى وَنَحْوُهُ لِلْقَرَافِيِّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْبَيَاضَ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَأَنَّ الْمَصْبُوغَ بِغَيْرِ طِيبٍ، وَلَا يُشْبِهُ لَوْنُ صِبْغِهِ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ جَائِزٌ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ، وَلِمَنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى إلَّا عَلَى ظَاهِرِ التِّلِمْسَانِيِّ الْمُتَقَدِّمِ وَالْقَرَافِيِّ وَأَنَّ الْمَصْبُوغَ بِغَيْرِ طِيبٍ وَلَكِنَّهُ يُشْبِهُ لَوْنُ صِبْغِهِ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ، وَالْمَصْبُوغُ بِالطِّيبِ إذَا غُسِلَ حَتَّى ذَهَبَ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، وَبَقِيَ لَوْنُهُ يُكْرَهُ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ، وَيَجُوزُ لِغَيْرِ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ، وَأَنَّ الْمَصْبُوغَ بِالطِّيبِ حَرَامٌ، فَإِذَا عُلِمَ ذَلِكَ، فَتَعَيَّنَ تَقْيِيدُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَيَّدْنَاهُ بِهِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ مَصْبُوغٍ الْمَصْبُوغُ بِغَيْرِ طِيبٍ إذَا كَانَ لَوْنُ صِبَاغِهِ يُشْبِهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِغَيْرِ طِيبٍ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَغْنَى عَنْ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الطِّيبِ بِمَا سَيَذْكُرُهُ مِنْ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الطِّيبِ فِي الْإِحْرَامِ حَرَامٌ، وَاسْتِعْمَالَ الثَّوْبِ الْمُطَيَّبِ كَاسْتِعْمَالِ الطِّيبِ وَاسْتَغْنَى عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ لَوْنِ صِبَاغِهِ يُشْبِهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ، وَمَنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ، فَإِنْ قِيلَ لَمْ لَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى عُمُومِهِ مِنْ كَرَاهَةِ الْمَصْبُوغِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ الْبَيَاضُ، وَخِلَافُ الْأَوْلَى لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ كَرَاهَةٍ (قُلْت) : يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ تَقْيِيدُهُ الْكَرَاهَةَ بِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ إلَّا أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ التِّلِمْسَانِيِّ وَالْقَرَافِيِّ، فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِحْرَامَ فِي غَيْرِ الْبَيَاضِ خِلَافُ الْمُسْتَحَبِّ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ: وَجَمِيعُ الْأَلْوَانِ وَاسِعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>