للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَاخْتُلِفَ هَلْ يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِذَلِكَ اللِّعَانِ أَمْ لَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْوَلَدَ يَنْفِيهِ اللِّعَانُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَالثَّانِي) أَنَّهُ لَا يَنْفِيهِ بِحَالٍ، وَإِنْ، وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَشْهَبَ (وَالثَّالِثُ) التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يُولَدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيَأْتِي عَلَى هَذَا فِي جُمْلَةِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَفِي كُلِّ طَرَفٍ مِنْهَا قَوْلَانِ إذَا، وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَإِذَا وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَوْلَانِ انْتَهَى، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَ الرُّؤْيَةِ أَمْ لَا، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَ الرُّؤْيَةِ، فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَيُقَيَّدُ بِهِ مَا هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَإِنْ لَاعَنَ لِلرُّؤْيَةِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَكَرَ الِاسْتِبْرَاءَ، ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ، وَقُلْنَا إنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ فَادَّعَى الْآنَ أَنَّهُ كَانَ اسْتَبْرَأَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ، وَقَالَ: لَيْسَ الْوَلَدُ مِنِّي قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: كَانَ ذَلِكَ لَهُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا بِاتِّفَاقٍ، وَسَقَطَ نَسَبُ الْوَلَدِ قِيلَ بِذَلِكَ اللِّعَانِ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ، وَقِيلَ بِلِعَانٍ ثَانٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ انْتَهَى، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ.

(قُلْت) ، وَكَلَامُهُ فِي الْأُمِّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَنْتَفِي بِاللِّعَانِ الْأَوَّلِ، وَنَصُّهُ قُلْت فَإِنْ ادَّعَى رُؤْيَةً أَوْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ اسْتَبْرَأَ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ ادَّعَى الرُّؤْيَةَ، فَلَمَّا وَلَدَتْ ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ قَالَ: لَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَيَكُونُ اللِّعَانُ الَّذِي تَلَاعَنَا نَفْيًا لِلْوَلَدِ.

(قُلْت) : فَإِنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَلَدُ وَلَدِي وَقَدْ كُنْتُ كَاذِبًا فِي الِاسْتِبْرَاءِ، وَمَا اسْتَبْرَأْتُهَا قَالَ: يُضْرَبُ الْحَدَّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَاذِفًا، وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ إلَّا أَنَّهُ قَالَ الْوَلَدُ: لَيْسَ مِنِّي، وَلَاعَنَهَا بِرُؤْيَةٍ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَدْنَى مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَلْحَقَتْهُ بِهِ أَيَكُونُ قَاذِفًا، وَيُجْلَدُ الْحَدَّ قَالَ لَا.

(تَنْبِيهٌ) : مَشَى الْمُصَنِّفُ هُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ تَلِدَهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الرُّؤْيَةِ فَأَكْثَرَ فَلَا يُلْحِقُهُ أَوْ تَلِدَهُ لِأَقَلَّ فَيُلْحَقُ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ هَذَا مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ، وَذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الْأَقْوَالَ فَقَالَ

ص (وَإِنْ لَاعَنَ لِرُؤْيَةٍ، وَادَّعَى الْوَطْءَ قَبْلَهَا، وَعَدَمَ الِاسْتِبْرَاءِ فَلِمَالِكٍ فِي إلْزَامِهِ بِهِ، وَعَدَمِهِ، وَنَفْيِهِ أَقْوَالٌ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَيُلْحَقُ إنْ ظَهَرَ يَوْمًا)

ش: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فَرَغْنَا مِنْهَا؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ، وَهَذِهِ أَخَصُّ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى أَنَّهُ وَطِئَ، وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ فِي تِلْكَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، وَذَكَرَ هُنَا لِمَالِكٍ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ، وَيُشِيرُ إلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قَالَ: رَأَيْتُ امْرَأَتِي تَزْنِي، وَلَمْ أُجَامِعْهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنِّي كُنْتُ، وَطِئْتُهَا قَبْلَ الرُّؤْيَةِ فِي الْيَوْمِ أَوْ قَبْلَهُ، وَلَمْ اسْتَبْرِئْ فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَلْزَمُهُ مَا أَتَتْ بِهِ مِنْ وَلَدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَة فَيَلْزَمُهُ، وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ فَمَرَّةً أَلْزَمَهُ الْوَلَدَ، وَمَرَّةً لَمْ يُلْزِمْهُ الْوَلَدَ، وَمَرَّةً قَالَ يَنْفِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَحَبُّ مَا فِيهِ إلَيَّ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهَا يَوْمَ الرُّؤْيَةِ حَمْلٌ ظَاهِرٌ لَا يَشُكُّ فِيهِ أَنَّ الْوَلَدَ يُلْحَقُ بِهِ إذَا الْتَعَنَ عَلَى الرُّؤْيَةِ انْتَهَى لَفْظُ التَّهْذِيبِ، وَاخْتَلَفَ شُيُوخُ الْمُدَوَّنَةِ فِي فَهْمِ كَلَامِهَا فَمِنْهُمْ مَنْ فَهِمَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَإِنَّ قَوْلَ مَالِكٍ اخْتَلَفَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَمَرَّةً أَلْزَمَهُ الْوَلَدَ.

وَإِنْ لَمْ يَنْفِهِ بِاللِّعَانِ الْأَوَّلِ، وَأَلْحَقهُ بِهِ، وَإِنْ، وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ ثَانٍ، وَقَوْلُهُ مَرَّةً لَمْ يُلْزِمْهُ أَيْ لَيْسَ فِي اللِّعَانِ الْأَوَّلِ تَعَرُّضٌ لِلْوَلَدِ، فَيَبْقَى الْأَمْرُ مَوْقُوفًا فَإِنْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ ثَانٍ، انْتَفَى وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ بِهِ، وَقَوْلُهُ، وَمَرَّةً قَالَ بِنَفْيِهِ يَعْنِي أَنَّ الْوَلَدَ يَنْتَفِي بِاللِّعَانِ الْأَوَّلِ، فَلَا يُلْحَقُ بِهِ فَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ حُدَّ، وَلَحِقَ بِهِ هَكَذَا قَرَّرَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ فِي التَّوْضِيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَهِمَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إلَّا قَوْلَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْوَلَدَ مَنْفِيٌّ، وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ، وَمَرَّةً لَمْ يُلْزِمْهُ الْوَلَدَ، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>