للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرِكَتِهِ فِي الْمَوْتِ وَيُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ (وَالثَّانِي) : أَنَّهُ لَا يُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءُ، وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْ التَّرِكَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ انْتَهَى مِنْ ابْنِ سَلْمُونٍ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْإِقْرَارَ لِلْوَارِثِ بِشَيْءٍ إذَا قَامَ بِهِ الْمُقِرُّ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ وَشَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ وَجْهُ ذَلِكَ أَوْ سَبَبٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ جَازَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ وَجْهُهُ، وَلَا سَبَبُهُ وَكَانَ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ:

(أَحَدُهُمَا) : إنَّهُ نَافِذٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي الْمَوْتِ وَيُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءُ فِي الْفَلَسِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ (وَالثَّانِي) : أَنَّهُ لَا يُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءُ فِي الْفَلَسِ، وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْ التَّرِكَةِ فِي الْمَوْتِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ لِلتُّهْمَةِ عِنْدَهُمْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا يُحَاصُّ بِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا مَعَ الدَّيْنِ الَّذِي اسْتَدَانَهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، وَأَمَّا الْقَدِيمُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَإِنْ ثَبَتَ مَيْلُهُ إلَيْهِ، فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ لَهُ الْيَمِينُ عَلَى صِحَّةِ تَرَتُّبِ ذَلِكَ قَبْلَهُ، وَاخْتَارَ ابْنُ رُشْدٍ إبْطَالَ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ الْمَدَنِيِّينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (مَسْأَلَةٌ) وَإِنْ وَلَّاهُ مَا اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ بِثَمَنٍ يَسِيرٍ أَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ بَاعَهُ مَنْزِلَهُ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ، وَهُوَ يُسَاوِي شَيْئًا كَثِيرًا، فَذَلِكَ تَوْلِيجٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رَسْمِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ وَفِي رَسْمِ كَتَبَ عَلَيْهِ ذِكْرُ حَقٍّ وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ الثَّانِي الْوَاقِعِ بَعْدَ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْهُ وَاخْتُلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَبْطُلُ ذَلِكَ مُطْلَقًا؟ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ هِبَةً فَيَكْفِي فِيهِ الْحَوْزُ وَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ يَكُونُ كَالْهِبَةِ إنْ حَازَهُ الْأَبُ لَهُ جَازَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ مِنْ مَالٍ أَوْ مَتَاعٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْهِبَةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا إقْرَارُ الرَّجُلِ بِمَا فِي يَدَيْهِ مِنْ الدُّورِ وَالْمَتَاعِ الَّتِي لَا يُعْرَفُ مِلْكُهُ لَهَا إنَّهَا لِابْنِهِ مِنْ مِيرَاثِهِ فِي أُمِّهِ كَإِقْرَارِهِ لَهُ فِي مَرَضِهِ بِالدَّيْنِ مِنْ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُشْبِهَ قَوْلَهُ وَيُعْرَفَ وَجْهُ إقْرَارِهِ أَنَّهُ كَانَ لِأُمِّهِ مِنْ الْمَالِ نَحْوُ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ إنْ أَقَرَّ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ بِالدَّيْنِ لِابْنِهِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ وَجْهٌ أَوْ سَبَبٌ يَدُلُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَاطِعًا، وَلَوْ كَانَتْ الدُّورُ الَّتِي أَقَرَّ أَنَّهَا لِابْنِهِ مِنْ مِيرَاثِهِ فِي أُمِّهِ يَعْرِفُ مِلْكَهُ لَهَا لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ لِابْنِهِ بِهَا فِي مَرَضِهِ عَلَى حَالٍ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا فِي صِحَّتِهِ لَكَانَ إقْرَارُهُ لَهُ بِهَا كَالْهِبَةِ تَصِحُّ لَهُ إنْ حَازَهَا بِيَدِ تَحْوِيزِ الْآبَاءِ لِمَنْ يَلْزَمُهُمْ مِنْ الْأَبْنَاءِ عَلَى مَا فِي رَسْمِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ خِلَافُ قَوْلِ أَصْبَغَ فِي سَمَاعِهِ مِنْهُ انْتَهَى.

يَعْنِي أَنَّ أَصْبَغَ يَقُولُ: لَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِلِابْنِ، وَلَوْ حَازَهُ الْأَبُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِ هِبَةً وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي آخِرِ رَسْمِ الْوَصَايَا مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا إقْرَارُ الرَّجُلِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ بِمَا يَعْرِفُ مِلْكَهُ لَهُ مِنْ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ لِفُلَانٍ وَفُلَانٌ وَارِثٌ أَوْ غَيْرُ وَارِثٍ يَجْرِي مَجْرَى الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَيَحِلُّ مَحَلَّهَا، وَيُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِهَا إنْ حَازَ ذَلِكَ الْمُقَرُّ لَهُ بِهِ فِي صِحَّةِ الْمُقِرِّ جَازَ لَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ هَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَحْفَظُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَرَّ لَهُ بِذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِذَارِ، فَلَا يَلْزَمُهُ حَسْبَمَا مَضَى الْقَوْلُ فِيهِ فِي رَسْمِ الْبَزِّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ وَفِي رَسْمِ الْعُشُورِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى، وَالصُّلْحِ وَانْظُرْ نَوَازِلَ ابْنِ رُشْدٍ فِي مَسَائِلِ الْبُيُوعِ وَالْمَشَذَّالِيُّ فِي آخِرِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ وَأَحْكَامَ ابْنِ سَهْلٍ، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ مَا نَصُّهُ عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ مَنْ أَقَرَّ بِمَالٍ فِي يَدِهِ أَنَّهُ لِرَجُلٍ هُوَ كَالْهِبَةِ إنْ قَامَ فِي صِحَّتِهِ أَخَذَهُ وَإِنْ قَامَ فِي مَرَضِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ هُوَ مِيرَاثٌ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: قُلْت: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إذَا قَالَ رَجُلٌ أَوْ وُجِدَ بِخَطِّهِ لِفُلَانٍ قِبَلِي كَذَا وَثَبَتَ إقْرَارُهُ أَوْ خَطُّهُ بِلَفْظِهِ قِبَلِي، وَقَدْ مَرَّتْ قَبْلَ هَذَا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا انْتَهَى.

وَلَهُ نَحْوُ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْهِبَةِ يُشِيرُ إلَى مَا قَدَّمَهُ فِي مَسَائِلِ الْقِرَاضِ وَفِي مَسَائِلِ الْبُيُوعِ عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ أَيْضًا وَنَصُّهُ إذَا قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>