للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِرَجُلٍ أَوْ وَجَدَ بِخَطِّهِ لِفُلَانٍ قِبَلِي كَذَا وَثَبَتَ إقْرَارُهُ أَوْ خَطُّهُ فَلَفْظَةُ قِبَلِي مُحْتَمِلَةٌ أَنْ يَكُونَ أَوْجَبَ لَهُ قِبَلَهُ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً فَمَوْتُهُ أَوْ فَلَسُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ يُبْطِلُهَا بَعْدَ الِاسْتِظْهَارِ بِيَمِينِ الْوَرَثَةِ فِي الْمَوْتِ لَا يَعْلَمُونَ مَوْرُوثَهُمْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ، وَلَا أَوْجَبَهَا قِبَلَهُ وَلَا أَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظَةُ قِبَلِي يَسْتَوْجِبُ بِهَا الْحُكْمَ بِالدَّيْنِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِي حَالِ الرَّجُلَيْنِ، فَإِنْ قَالَ قِبَلِي مَنْ سَلَفٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ، فَلَا إشْكَالَ فِي لُزُومِهِ هُنَا انْتَهَى.

(مَسْأَلَةٌ) : قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ فِي الْفَرْقِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ: إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ مَا تَرَكَهُ أَبُوهُ مِيرَاثٌ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا عُهِدَ فِي الشَّرِيعَةِ، وَعَلَى مَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ الدِّيَانَةُ، ثُمَّ جَاءَ بِشُهُودٍ أَخْبَرُوهُ أَنَّ أَبَاهُمْ أَشْهَدَهُ أَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فِي صِغَرِهِ بِهَذِهِ الدَّارِ وَحَازَهَا لَهُ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ مَلَكَهَا عَلَيْهِ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ، فَإِنَّهُ إذَا رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ بِأَنَّ التَّرِكَةَ كُلَّهَا مَوْرُوثَةٌ إلَّا هَذِهِ الدَّارَ الْمَشْهُودَ لَهُ بِهَا دُونَ الْوَرَثَةِ، وَاعْتَذَرَ بِإِخْبَارِ الْبَيِّنَةِ لَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِذَلِكَ بَلْ أَقَرَّ بِنَاءً عَلَى الْعَادَةِ، وَمُقْتَضَى ظَاهِرِ الشَّرِيعَةِ أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَيُقْبَلُ عُذْرُهُ وَيُقِيمُ بَيِّنَتَهُ وَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ السَّابِقُ مُكَذِّبًا لِلْبَيِّنَةِ وَقَادِحًا فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذَا عُذْرٌ عَادِيٌّ يُسْمَعُ مِثْلُهُ انْتَهَى كَلَامُ الْقَرَافِيِّ بِلَفْظِهِ. وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ وَانْظُرْ مَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ مَعَ مَا نَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ سَحْنُونٍ فِي كِتَابِ ابْنِهِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ فِي تَرْجَمَةِ الْمُدَّعِي يُكَذِّبُ بَيِّنَتَهُ وَنَصُّهُ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَسَأَلَهُ شَجَرَةُ عَمَّنْ ادَّعَى دَارًا بِيَدِ امْرَأَةِ ابْنِهِ أَنَّهَا لِابْنَةٍ تَرَكَهَا بَيْنَ وَرَثَتِهِ وَسَمَّاهُمْ، ثُمَّ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ أُخْرَى أَنَّ أَبَاهُ أَشْهَدَ لَهُ فِي صِحَّتِهِ بِنِصْفِهَا صَيَّرَهُ إلَيْهِ فِي حَقٍّ لَهُ قِبَلَهُ مِنْ قِبَلِ مِيرَاثِهِ لِأُمِّهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ مَخْرَجِهِ إلَى الْحَجِّ، ثُمَّ رَجَعَ فَسَكَنَهَا حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ لَهُ الْحَاكِمُ قَدْ ادَّعَيْتَهَا أَوَّلًا مِيرَاثًا وَالْآنَ لِنَفْسِكَ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ الْأَخِيرَةِ قَالَ سَحْنُونٌ: لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يُرِيدُ؛ لِأَنَّهُ كَذَّبَ بَيِّنَتَهُ بِدَعْوَاهُ الْأُولَى انْتَهَى.

فَعُلِّلَ عَدَمُ قَبُولِ دَعْوَاهُ الثَّانِيَةِ بِأَنَّهُ كَذَّبَ بَيِّنَتَهُ بِدَعْوَاهُ الْأُولَى فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَنَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَتْ وَلَهَا زَوْجٌ وَإِخْوَةٌ وَأَبٌ فَادَّعَى بَعْضُ الْإِخْوَةِ أَنَّ بَعْضَ مُتَخَلِّفِهَا مِلْكٌ لِأُمِّهِمْ فَأَثْبَتَ الزَّوْجُ أَنَّهُ مِلْكٌ لِزَوْجَتِهِ، فَادَّعَى بَقِيَّةُ الْإِخْوَةِ أَنَّهَا أَوْصَتْ لَهُ بِتِلْكَ الْحَوَائِجِ فَهَلْ دَعْوَاهُمْ الْأُولَى مُكَذِّبَةٌ؟ لِدَعْوَاهُمْ الثَّانِيَةِ أَمْ لَا فَأَجَبْت بِمَا صُورَتُهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي الْوَصِيَّةَ مِنْ الْإِخْوَةِ الْمُدَّعِينَ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّ الْحَوَائِجَ مِلْكٌ لِأُمِّهِمْ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مُكَذِّبٌ لِدَعْوَاهُمْ الْوَصِيَّةَ فَلَا تُسْمَعُ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي لِمِلْكِيَّةِ الْأُمِّ غَيْرُهُمْ مِنْ الْوَرَثَةِ، فَدَعْوَاهُ مَسْمُوعَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَسُئِلْت أَيْضًا عَمَّنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْعُزْلَةِ الَّتِي هِيَ وَقْفٌ مِنْ قِبَلِ فُلَانَةَ، وَأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ جَارِيَةً فِي مِلْكِهَا إلَى حِينِ وَقْفِهَا، ثُمَّ مَاتَ شَخْصٌ قَرِيبٌ لِلْمُقِرِّ، فَادَّعَى أَنَّ لِمُوَرِّثِهِ فِيهَا حِصَّةً فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمْ لَا؟

فَأَجَبْت إقْرَارُ الشَّخْصِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْعُزْلَةِ الَّتِي هِيَ وَقْفٌ قِبَلَ فُلَانَةَ، وَأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ جَارِيَةً فِي مِلْكِهَا إلَى حِينِ وَقْفِهَا مُبْطِلٌ لِدَعْوَاهُ أَنَّ لِمُوَرِّثِهِ فِيهَا حِصَّةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَزِمَ لِحَمْلٍ)

ش: سَوَاءٌ أَطْلَقَ الْإِقْرَارَ كَقَوْلِهِ لِحَمْلِ فُلَانَةَ أَلْفٌ أَوْ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ أَلْفٌ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَلَا إشْكَالَ إذَا قَيَّدَ ذَلِكَ بِوَجْهٍ يَصِحُّ لِلْجَنِينِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَأَمَّا إنْ قَالَ أَقْرَضَنِيهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ فَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَالَ: وَخَرَجَ عَدَمُ اللُّزُومِ مِنْ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْحَجْرِ وَخَرَجَ عَدَمُ اللُّزُومِ أَيْضًا فِيمَا إذَا طَلَّقَ مِنْ الْمَوَّازِيَّةِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ فِي الْإِقْرَارِ لِحَمْلٍ إنْ قَيَّدَهُ بِمَا يَصِحُّ كَقَوْلِهِ لِهَذَا الْحَمْلِ عِنْدِي مِائَةُ دِينَارٍ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْصَى لَهُ بِهَا أَوْ مِيرَاثٍ صَحَّ وَإِنْ قَيَّدَهُ بِمَا يَمْتَنِعُ بَطَلَ كَقَوْلِهِ لِهَذَا الْحَمْلِ عِنْدِي مِائَةُ دِينَارٍ مِنْ مُعَامَلَةٍ عَامَلَنِي بِهَا وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: يَلْزَمُهُ وَتَقْيِيدُهُ بِمَا ذُكِرَ نَدَمُ ذِكْرٍ، ثُمَّ عَنْ الْمَازِرِيِّ التَّخْرِيجُ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ فَتَحَصَّلَ فِيمَا إذَا قَيَّدَهُ بِوَجْهٍ لَا يَصِحُّ لِلْجَنِينِ قَوْلَانِ لِسَحْنُونٍ مَعَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْإِقْرَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>