للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعَيْنِهَا وَعَيَّنَهَا لَهُمْ صَحَّ لَهُ صَرْفُهَا عَلَيْهِمْ، انْتَهَى.

(الْخَامِسُ) قَالَ فِي سَمَاعِ عِيسَى: يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ أَهْلُ الْهَوَى الْخَفِيفِ الَّذِي يُبَدَّعُ صَاحِبُهُ وَلَا يُكَفَّرُ كَتَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا أَهْلُ الْأَهْوَاءِ الْمُضِلَّةِ كَالْقَدَرِيَّةِ وَالْخَوَارِجِ وَمَا أَشْبَهَهُمْ فَمَنْ كَفَّرَهُمْ بِمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ لَمْ يُجِزْ أَنْ يُعْطَوْا مِنْ الزَّكَاةِ، وَمَنْ لَمْ يُكَفِّرْهُمْ أَجَازَ أَنْ يُعْطَوْا مِنْهَا إذَا نَزَلَتْ بِهِمْ حَاجَةٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَمِنْ الْبِدَعِ مَا لَا يُخْتَلَفُ فِي أَنَّهُ كُفْرٌ، كَمَنْ يَقُولُ: إنَّ عَلِيًّا هُوَ النَّبِيُّ وَأَخْطَأَ جِبْرِيلُ.

وَمَنْ يَقُولُ: فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولَانِ نَاطِقٌ وَصَامِتٌ وَكَانَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاطِقًا وَعَلِيٌّ صَامِتًا، وَمَنْ يَقُولُ: الْأَئِمَّةُ أَنْبِيَاءٌ يَعْلَمُونَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، فَهَؤُلَاءِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ لَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ بِإِجْمَاعٍ لِأَنَّهُمْ كُفَّارٌ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُعْطَى تَارِكُ الصَّلَاةِ مِنْ الزَّكَاةِ، وَقَالَ: إنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ مَنْ فَعَلَهُ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ أَنَّهُ كَافِرٌ وَهُوَ بَعِيدٌ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ، وَلَمْ يُجِزْ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يُعْطَاهَا تَارِكَ الصَّلَاةِ، وَقَالَ: إنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ مَنْ فَعَلَهُ، وَهَذَا قَوْلٌ انْفَرَدَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ أَوْلَى فَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَوْا إذَا كَانَ فِيهِمْ الْحَاجَةُ الْبَيِّنَةُ، انْتَهَى. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ جَمِيعَ ذَلِكَ مُخْتَصَرًا، وَنَصَّهُ الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَصْبَغَ: لَا يُعْجِبُنِي إعْطَاؤُهَا ذَا هَوًى إلَّا خَفِيفَهُ الْإِخْوَانُ لَا يُعْطَى ذَا هَوًى وَمَنْ فَعَلَ أَسَاءَ وَأَجْزَأَتْهُ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: يُعْطَى أَهْلُ الْأَهْوَاءِ إنْ احْتَاجُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّ خَفَّ هَوَاهُمْ كَتَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى الصَّحَابَةِ وَالْقَدَرِيُّ وَالْخَارِجِيُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَكْفِيرِهِمْ.

وَمَنَعَهَا ابْنُ حَبِيبٍ غَيْرَ الْمُصَلِّي عَلَى أَصْلِهِ " الشَّيْخُ الْمُصَلِّي أَوْلَى مِنْهُ وَيُعْطَى إنْ كَانَ ذَا حَاجَةٍ بَيِّنَةٍ " وَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْبُرْزُلِيِّ فِي جَوَابِ السُّيُورِيِّ فِي التَّنْبِيهِ الثَّالِثِ فِي قَلِيلِ الصَّلَاةِ: إنَّهُ لَا يُعْطَى عَلَى وَجْهِ الشِّدَّةِ، وَلَوْ أُعْطِيَ لَمَضَى، وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ إثْرَ هَذَا الْكَلَامِ: وَمِثْلُهُ أَهْلُ الْمُجُونِ وَالْمَعَاصِي إذَا كَانُوا يَصْرِفُونَ الزَّكَاةَ فِي مَحِلِّهَا مِنْ ضَرُورِيَّاتِهِمْ، وَلَوْ كَانُوا يَصْرِفُونَهَا حَيْثُ لَا تُرْضَى غَالِبًا فَلَا تُعْطَى لَهُمْ، وَلَا تُجْزِئُ مَنْ أَعْطَاهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِذَلِكَ إلَى الْمَعْصِيَةِ وَلَا يُحِلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مَا نَهَى عَنْهُ، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ وَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُكَفِّرُ تَارِكَ الصَّلَاةِ فَلَا تُجْزِئُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ، وَأَهْلُ الْأَهْوَاءِ يُسْلَكُ بِهِمْ هَذَا الْمَسْلَكُ الَّذِي أَصَّلْنَاهُ.

وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ أَصْبَغَ وَنَقَلَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ بَعْدَ هَذَا: وَدَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى الْأَصْلَحِ حَالًا أَوْلَى مِنْ دَفْعِهَا إلَى سَيِّئِ الْحَالِ إلَّا أَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ الْمَوْتُ فَيُعْطَى، وَإِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْمُعْطَى يُنْفِقُهَا فِي الْمَعْصِيَةِ فَلَا يُعْطَى وَلَا تُجْزِئُ إنْ وَقَعَتْ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي مَسَائِلِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ فِي أَيْتَامٍ تَحِلُّ لَهُمْ زَكَاةٌ لَهُمْ خَادِمٌ غَيْرُ مُصَلٍّ وَلَا مُنْفِقَ فَيُحْرَمُونَ مِنْ أَجْلِهِ؟ فَأَجَابَ يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ وَيَأْكُلُ خَادِمُهُمْ مِنْهَا بِالْإِجَارَةِ، وَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا كَيْفَ شَاءُوا، انْتَهَى.

(السَّادِسُ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ وَجْهِ إخْرَاجِ الصَّدَقَةِ فِي الْأَصْنَافِ: رَوَى عَلِيٌّ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَرْأَةِ يَغِيبُ عَنْهَا زَوْجُهَا غَيْبَةً بَعِيدَةً فَتَحْتَاجُ وَلَا تَجِدُ مُسَلِّفًا فَلْتُعْطَ مِنْهَا، انْتَهَى. يَعْنِي مِنْ الزَّكَاةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ يُعْلَمُ أَنَّ زَوْجَهَا مُوسِرٌ وَإِلَّا فَتُعْطَى وَلَوْ وَجَدَتْ مَنْ يُسَلِّفهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ مُعْسِرًا لَمْ تَلْزَمْهُ النَّفَقَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّابِعُ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْبُرْزُلِيّ حُكْمُ أَهْلِ الْمُجُونِ وَمَنْ يَصْرِفُ الزَّكَاةَ فِي الْمَعَاصِي، قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَلَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ لَمْ يُعْطَ بِالْفَقْرِ؛ لِأَنَّهُ يَصْرِفُهُ فِي مِثْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ تُعْلَمَ مِنْهُ تَوْبَةٌ أَوْ يُخَافَ عَلَيْهِ، انْتَهَى.

ص (وَعَدَمُ بُنُوَّةٍ لِهَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الَّذِي يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ عَادِمًا لِبُنُوَّةِ هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ أَيْ لَا يَكُونُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَلَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ وَعَمَّمْنَا هَذَا الشَّرْطَ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَصْنَافِ، وَكَذَلِكَ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ إلَّا الْمُؤَلَّفَةَ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ فِيهِمْ، وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ " الْمُطَّلِبِ " الْمُطَّلِبَ بْنَ عَبْدِ مَنَافٍ، وَهُوَ أَخُو هَاشِمٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>