للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ التَّفْرِيقُ يَسِيرًا بَنَى، وَإِنْ كَانَ مُتَفَاحِشًا اسْتَأْنَفَ.

ص (وَبَنَى إنْ لَمْ يُطِلْ)

ش: يَعْنِي فَإِنْ فَصَلَ بَيْنَ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ بِكَلَامٍ أَوْ سَلَامٍ أَوْ بِشَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْفَصْلُ يَسِيرًا كَرَدِّ سَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ يَسِيرٍ فَإِنَّهُ يَبْنِي، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْأَذَانَ مِنْ أَوَّلِهِ، قَالَ فِي النَّوَادِرِ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ: وَلَا يَتَكَلَّمُ فِي أَذَانِهِ فَإِنْ فَعَلَ بَنَى إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ أَعْمَى أَوْ دَابَّةٍ أَنْ يَقَعَ فِي بِئْرٍ وَشَبَهِهِ فَلْيَتَكَلَّمْ وَيَبْنِي، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِنْ عَرَضَتْ لَهُ حَاجَةٌ مُهِمَّةٌ فَلْيَتَكَلَّمْ وَيَبْنِي انْتَهَى. زَادَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ وَكَذَلِكَ فِي التَّلْبِيَةِ وَلَا يَفْعَلُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ انْتَهَى، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ وَلَا يَتَكَلَّمُ فِي أَذَانِهِ فَإِنْ فَعَلَ وَعَادَ بِالْقُرْبِ بَنَى عَلَى مَا مَضَى، وَإِنْ بَعُدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ اسْتَأْنَفَهُ مِنْ أَوَّلِهِ وَمِثْلُهُ إنْ عَرَضَ لَهُ رُعَافٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَقْطَعُ أَذَانَهُ أَوْ خَافَ تَلَفَ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ خَافَ تَلَفَ أَحَدٍ أَعْمَى أَوْ صَبِيٍّ أَنْ يَقَعَ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ ثُمَّ يَعُودُ إلَى أَذَانِهِ فَيَبْنِي إنْ قَرُبَ وَيَبْتَدِئُ إنْ بَعُدَ انْتَهَى.

(قُلْتُ) وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: إنْ خَشِيَ تَلَفَ مَالِهِ، بَلْ وَكَذَلِكَ إنْ خَشِيَ تَلَفَ مَالِ غَيْرِهِ لِوُجُوبِ حِفْظِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ص (غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى الْوَقْتِ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْأَذَانِ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ تَحَقُّقِ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِلْإِعْلَامِ بِذَلِكَ وَإِذَا قُدِّمَ عَلَى الْوَقْتِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ فَإِنْ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَعَادَ الْأَذَانَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ لَمْ يَجُزْ وَلْيُعْلِمْ أَهْلَ الدُّورِ أَنَّ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ كَانَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَيُعِيدُ مَنْ كَانَ قَدْ صَلَّى مِنْهُمْ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَأَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرْجِعَ فَيُنَادِي أَلَا إنَّ الْعَبْدَ نَامَ فَرَجَعَ فَنَادَى: أَلَا إنَّ الْعَبْدَ قَدْ نَامَ» .

(تَنْبِيهٌ) وَهَذَا إذَا عَلِمُوا قَبْلَ أَنْ يُصَلُّوا وَأَمَّا لَوْ صَلَّوْا فِي الْوَقْتِ ثُمَّ عَلِمُوا أَنَّ الْأَذَانَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا يُعِيدُونَ الْأَذَانَ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مَخَافَةَ أَنْ يُقْبِلَ النَّاسُ إلَى الصَّلَاةِ وَقَدْ صُلِّيَتْ فَيَتْعَبُوا لِغَيْرِ فَائِدَةٍ انْتَهَى.

(قُلْتُ) وَلِأَنَّ الْأَذَانَ إنَّمَا هُوَ لِلِاجْتِمَاعِ لِلصَّلَاةِ وَهَذَا إذَا وَقَعَتْ الصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الصَّلَاةَ وَقَعَتْ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ فَيُعِيدُونَ الْأَذَانَ وَالصَّلَاةَ، وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ، قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَمَنْ أَذَّنَ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ أَعَادَ الْأَذَانَ، قَالَ عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ: وَمَنْ أَذَّنَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَصَلَّى فِي الْوَقْتِ فَلَا يُعِيدُ أَشْهَبُ وَكَذَلِكَ فِي الْإِقَامَةِ.

ص (إلَّا الصُّبْحَ فَبِسُدُسِ اللَّيْلِ) ش يَعْنِي أَنَّ صَلَاةَ الصُّبْحِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدَّمَ أَذَانُهَا قَبْلَ وَقْتِهَا بِمِقْدَارِ سُدُسِ اللَّيْلِ كَمَا صَرَّحَ بِاسْتِحْبَابِهِ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَقْتَضِي الْجَوَازَ فَيُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ أَعَمُّ مِنْ الِاسْتِحْبَابِ كَمَا حَمَلَ الْجُزُولِيُّ عَلَيْهِ قَوْلَ الرِّسَالَةِ: وَلَا يُؤَذَّنُ لِصَلَاةٍ قَبْلَ وَقْتِهَا إلَّا الصُّبْحَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا فِي السُّدُسِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ فَإِنَّ لَفْظَ لَا بَأْسَ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمُسْتَحَبِّ فِعْلُهُ وَإِنَّمَا يُقَالُ فِي الْأَمْرِ الْمُبَاحِ الَّذِي يَسْتَوِي فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ كَمَا، قَالَهُ فِي رَسْمِ الْمُحْرِمِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصِّيَامِ وَالْمُعْتَبَرُ اللَّيْلُ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْجُزُولِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(تَنْبِيهٌ) إذَا أَذَّنَ لَهَا فِي السُّدُسِ الْآخِرِ مِنْ اللَّيْلِ فَلَا يُسَنُّ لَهَا أَذَانٌ آخَرُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ فَإِنَّهُ، قَالَ: ذَهَبَ النَّاسُ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُؤَذَّنُ لِلصُّبْحِ قَبْلَ الْفَجْرِ إذَا كَانَ ثَمَّ مُؤَذِّنٌ آخَرُ بَعْدَ الْفَجْرِ حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ فَإِنَّ الْأَذَانَ الْوَاقِعَ قَبْلَ الْفَجْرِ إنْ كَانَ يُحْسَبُ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَدْ أُذِّنَ لَهَا فَلَا حَاجَةَ لِأَذَانٍ ثَانٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسَبُ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ فَلَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ إنَّمَا يَكُونُ لِلصَّلَاةِ انْتَهَى.

(قُلْتُ) يُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ بِالْأَذَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ تَعَدُّدُ الْمُؤَذِّنِينَ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُؤَذِّنُ فِي الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ عَشَرَةٌ، وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>