للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ آثِمٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ)

ش: أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لِعِيَادَتِهِمَا أَوْ عِيَادَةِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ مَرَضَ الْأَبَوَيْنِ لَا يَخْرُجُ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ لِعِيَادَةِ أَبَوَيْهِ إذَا مَرِضَا وَيَبْتَدِئُ اعْتِكَافَهُ وَرَأَى ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ لِبِرِّهِمَا، انْتَهَى. وَقَالَ سَنَدٌ: أَرَى أَنَّ ذَلِكَ يَجِبُ لِإِبْرَارِهِمَا وَوُجُوبِهِ بِالشَّرْعِ فَوْقَ وُجُوبِ الِاعْتِكَافِ بِالنَّذْرِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الِاعْتِكَافِ وَلَا مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي لَا انْفِكَاكَ لِأَحَدٍ عَنْهَا وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخُرُوجُ لِعَارِضٍ هُوَ كَالْخُرُوجِ لِتَخْلِيصِ الْغُرَمَاءِ أَوْ الْهَرَمِيِّ فَإِنَّ ذَلِكَ يَجِبُ وَيَفْسُدُ الِاعْتِكَافُ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ مَنْ صَلَّى نَهَارًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ إلَيْهِمَا مِنْ بِرِّهِمَا وَبِرُّهُمَا فَرْضٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَهُوَ آكَدُ مِمَّا دَخَلَ فِيهِ مِنْ الِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ يَقْضِيهِ وَمَا فَاتَهُ مِنْ بِرِّ أَبَوَيْهِ لَا يَسْتَدْرِكُهُ وَلَا يَقْضِيهِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَخْرُجُ لِمَرَضِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وَيَبْتَدِئُ اعْتِكَافَهُ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ وَبِرُّهُمَا يَفُوتُ، انْتَهَى.

وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِعِيَادَةِ غَيْرِهِمَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ وَأَنَّهُ إنْ خَرَجَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ فَهَذَا يُقَيِّدُ إطْلَاقَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي كَعِيَادَةٍ وَجِنَازَةٍ.

ص (وَلَا جِنَازَتِهِمَا مَعًا)

ش: أَيْ فَلَا يَخْرُجُ لِجِنَازَةِ أَبَوَيْهِ إذَا مَاتَا مَعًا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَبِلَهُ الْبَاجِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ قَالَ الْبَاجِيُّ: إذَا كَانَا حَيَّيْنِ لَزِمَهُ طَلَبُ مَرْضَاتِهِمَا وَاجْتِنَابُ مَا يُسْخِطُهُمَا فَيَخْرُجُ لَهُمَا وَلَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ لِجِنَازَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَعْرِفَانِ بِحُضُورِهِ فَيُرْضِيهِمَا وَلَا بِتَخَلُّفِهِ فَيُسْخِطُهُمَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ إذْ لَيْسَ فِي تَرْكِ شُهُودِ جِنَازَتِهِمَا عُقُوقٌ لَهُمَا، انْتَهَى. وَلَمْ يَرْتَضِ صَاحِبُ الطِّرَازِ مَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَهُ: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ يَعُودُهُمَا إذَا مَرِضَا وَيُصَلِّي عَلَيْهِمَا إذَا مَاتَا وَلَعَلَّ مَالِكًا إنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِجِنَازَتِهِمَا فِي اعْتِكَافِهِ أَيْ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُهُ إذَا خَرَجَ لِذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي عِيَادَتِهِمَا وَيَكُونُ خُرُوجُهُ فِي الْعِيَادَةِ مُبْطِلًا لِعُكُوفِهِ إلَّا أَنَّهُ أَصْوَنُ لِقَضَاءِ حَقِّهِمَا وَكَذَلِكَ فِي الْجِنَازَةِ وَمَا يُعَلِّلُ بِهِ الْبَاجِيُّ يَلْزَمُهُ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ تَخَلُّفَهُ عَنْهُ مِمَّا يُسْخِطُ الْآخَرَ وَلَا يَرْضَاهُ وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَفْعَلُ بِهِ كَذَلِكَ فَيَسُوءُهُ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَمَا أَلْزَمَهُ مِنْ خُرُوجِهِ لِمَوْتِ أَحَدِهِمَا مُلْتَزَمٌ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ حَيٌّ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ لِمَا يَخْشَى مِنْ عُقُوقِ الْحَيِّ وَغَضَبِهِ عَلَيْهِ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ بِشَيْءٍ وَنَصُّهُ: وَفِي الْمُوَطَّإِ لَا يَخْرُجَ لِجِنَازَتِهِمَا ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ عُقُوقٍ، انْتَهَى. .

ص (وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ)

ش: قَالَ الشَّيْخُ بَهْرَامُ فِي الْكَبِيرِ: قَوْلُهُ كَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ كَالْحَيْضِ وَالْوَطْءِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ مَغْلُوبًا وَكَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ نَهَارًا مُتَعَمِّدًا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ أَفْطَرَ يَوْمًا نَاسِيًا فَلْيَقْضِهِ وَاصِلًا بِاعْتِكَافِهِ فَإِنْ أَفْطَرَ يَوْمًا عَامِدًا أَوْ جَامَعَ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ أَوْ لَامَسَ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ وَابْتَدَأَهُ فَأَوْجَبَ الِاسْتِئْنَافَ لِجَمِيعِهِ مَعَ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَمَّا كَانَتْ سُنَّتُهُ التَّتَابُعَ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي إذَا فَسَدَ جُزْؤُهَا فَسَدَتْ كُلُّهَا بِخِلَافِ نِسْيَانِ الْأَكْلِ فَإِنَّهُ وَجَبَ مَعَهُ الْقَضَاءُ مُتَّصِلًا بِآخِرِهِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَرَضَ وَالْحَيْضَ الَّذِي لَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ فِيهِ خِيرَةٌ، انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْوَسَطِ: يُرِيدُ كَالْحَيْضِ وَالْوَطْءِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ مَغْلُوبًا وَكَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ نَهَارًا مُتَعَمِّدًا وَقَالَهُ كُلَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الصَّغِيرِ: أَيْ فَيَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ لِبُطْلَانِ شَرْطِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ إذْ الصَّوْمُ شَرْطٌ وَمُبْطِلُ الشَّرْطِ مُبْطِلٌ لِلْمَشْرُوطِ، انْتَهَى. وَنَحْوُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>