للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَيْتَةِ حُكْمُ رَمَادِهَا وَالِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ جَارٍ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي طَهَارَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ ثُمَّ قَالَ وَالْأَظْهَرُ مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ الطَّهَارَةُ انْتَهَى.

وَعَزَى ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَيْسَتْ فِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ هُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ النَّجَاسَةُ بَلْ نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ قَالَ دُخَانُ النَّجَاسَةِ أَشَدُّ مِنْ رَمَادِهَا، وَلِهَذَا قَالَ فِي الشَّامِلِ وَرَمَادُ النَّجِسِ نَجِسٌ وَخَرَّجَ مِنْ لَبَنِ الْجَلَّالَةِ وَبَيْضِهَا طَهَارَتَهُ وَهَلْ دُخَانُهُ كَذَلِكَ، أَوْ طَاهِرٌ خِلَافٌ انْتَهَى. فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُوقَدُ بِالنَّجَاسَةِ لَا عَلَى خُبْزٍ وَلَا طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ وَلَا تَسْخِينِ مَاءٍ فَإِنْ فُعِلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَصِلْ مِنْ الرَّمَادِ وَالدُّخَانِ شَيْءٌ إلَى الْمَطْبُوخِ وَالْمَخْبُوزِ فَهُوَ طَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ يَصِلُ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الرَّمَادِ فَهُوَ نَجِسٌ، أَوْ مِنْ الدُّخَانِ فَنَجِسٌ أَيْضًا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي الْبُيُوعِ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يُرَخَّصَ فِي الْخُبْزِ بِالزِّبْلِ بِمِصْرَ لِعُمُومِ الْبَلْوَى وَمُرَاعَاةً لِمَنْ يَرَى أَنَّ النَّارَ تُطَهِّرُ وَأَنَّ رَمَادَ النَّجَاسَةِ طَاهِرٌ وَلِلْقَوْلِ بِطَهَارَةِ زِبْلِ الْخَيْلِ وَلِلْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهِ، وَمِنْهَا وَمِنْ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ قَالَ فَيُخَفَّفُ الْأَمْرُ مَعَ هَذَا الْخِلَافِ وَإِلَّا فَيَتَعَذَّرُ عَلَى النَّاسِ أَمْرُ مَعِيشَتِهِمْ غَالِبًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى خِلَافِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُ رَحْمَةٌ لِلنَّاسِ.

(الثَّانِي) عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ أَنَّ الدُّخَانَ النَّجِسَ لَا يُنَجِّسُ مَا لَاقَاهُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ بَلْ إنَّمَا يُنَجِّسُ إذَا عَلِقَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُلُوقِ أَنْ يَظْهَرَ أَثَرُهُ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الرَّائِحَةِ فَلَا.

(الثَّالِثُ) ذُكِرَ فِي الطِّرَازِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُرْتَكِ الْمَصْنُوعِ مِنْ عِظَامِ الْمَيْتَةِ لَا يُصَلَّى بِهِ وَعَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ يُصَلَّى بِهِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى الشَّيْخُ إنْ جُعِلَ مُرْتَكٌ صُنِعَ مِنْ عَظْمِ مَيْتَةٍ لِقُرْحَةٍ وَجَبَ غَسْلُهُ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ فَلَيْسَ بِنَجَاسَةٍ لِحَرْقِهِ بِالنَّارِ وَخَفَّفَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الصَّلَاةَ بِهِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمَرْهَمُ النَّجِسُ يُغْسَلُ عَلَى الْأَشْهَرِ.

(الرَّابِعُ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الرَّسْمِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا أَرَى أَنْ يُوقَدَ بِهَا فِي الْحَمَّامَاتِ انْتَهَى. فَإِنْ جَعَلَ فَعَلَ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا عَرَقُ الْحَمَّامِ فَقَالَ عِيَاضٌ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ خَفَّفَ أَبُو عِمْرَانَ مَا يَقْطُرُ مِنْ عَرَقِ الْحَمَّامِ، وَإِنْ أُوقِدَ تَحْتَهُ بِالنَّجَاسَةِ وَرَأَى أَنَّ رُطُوبَةَ النَّجَاسَةِ لَا تَصْعَدُ إلَى ذَلِكَ الْعَرَقِ لِلْحَائِلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ مِنْ أَرْضِ الْحَمَّامِ وَخُرُوجَ أَدْخِنَتِهِ عَنْهُ خَارِجًا وَإِنَّمَا ذَلِكَ الْعَرَقُ مِنْ بُخَارِ الرُّطُوبَةِ وَالْمِيَاهِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِيهِ، وَهَذَا عَلَى أَنَّهَا طَاهِرَةٌ وَلَوْ كَانَتْ نَجِسَةً لَكَانَ الْبُخَارُ الْمُتَصَعِّدُ مِنْهَا وَعَرَقُهَا نَجِسٌ كَدُخَانٍ النَّجَاسَةِ وَبُخَارِهَا فَإِنَّهُ لَا شَكَّ بَعْضُ أَجْزَائِهَا وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَرَقُ الْحَمَّامَاتِ الَّتِي يُسْتَعْمَلُ فِي غَسْلِهَا مِيَاهُ الْحِيَاضِ النَّجِسَةِ وَلَا يُتَحَفَّظُ دَاخِلَهَا مِنْ الْبَوْلِ وَالنَّجَاسَاتِ انْتَهَى. وَقَبِلَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَكَذَا الرَّجْرَاجِيُّ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اتَّصَلَ الدُّخَانُ النَّجِسُ بِالْعَرَقِ لَتَنَجَّسَ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق الشُّيُوخُ يَذْكُرُونَ فِي الْقَطْرَةِ مِنْ سَقْفِهِ قَوْلَيْنِ مَبْنَاهُمَا انْقِلَابُ الْأَعْيَانِ انْتَهَى.

وَفُهِمَ مِنْ جَعْلِ عِيَاضٍ بُخَارَ الْمِيَاهِ الْمُتَنَجِّسَةِ نَجِسًا أَنَّ دُخَانَ الْأَشْيَاءِ الْمُتَنَجِّسَةِ نَجِسٌ، وَقَدْ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ الْبِسَاطِيُّ وَعُلِمَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ عَرَقَ الْحَمَّامِ مِنْ الرُّطُوبَاتِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِيهِ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ فِي الْمُغْنِي إذَا اسْتَحَالَ الدُّخَانُ النَّجِسُ مَاءً فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْمَاءِ الْمُتَقَاطِرِ مِنْ حَائِطِ الْحَمَّامِ: إنَّهُ يُغْسَلُ وَيَحْتَاجُونَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إلَى جَوَابٍ عَمَّا إذَا اسْتَحَالَ الطَّاهِرُ مَاءً فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ مُطَهِّرٌ وَكَأَنَّهُ يَعْنِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ جِهَةِ أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ الْمَاءِ إنَّمَا هُوَ الدُّخَانُ فَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا لَا مُطَهِّرًا، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْعَرَقَ إنَّمَا هُوَ مِنْ رُطُوبَاتِ الْمِيَاهِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فَهُوَ جُزْءُ مَاءٍ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَغَيُّرٌ فَهُوَ مُطَهِّرٌ، وَكَذَلِكَ الْقِدْرُ إذَا أُوقِدَ تَحْتَهَا بِالنَّجَاسَةِ وَهِيَ مُغَطَّاةٌ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ الدُّخَانِ وَعَرِقَ غِطَاؤُهَا فَهُوَ طَاهِرٌ وَفِي الْبُرْزُلِيِّ عَنْ ابْنِ قَدَّاحٍ الصَّحِيحُ طَهَارَةُ عَرَقِ الْحَمَّامِ وَمَا سَقَطَ مِنْ سَقْفِهِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي شَرْحِهِ هُنَا لَوْ جُعِلَ فِي الْقِدْرِ مَاءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>