للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ أَوْ يُطْلِقَ عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَ النَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِ لِنُزُولِ الرَّحْمَةِ عَلَى الْقَارِئِ ثُمَّ تُنْشَرُ وَلِهَذَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَى الْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ لِحُصُولِ النَّفْعِ بِهَا وَلَا يُقَالُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الثَّوَابِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ الْمَمْنُوعَ مَا يَكُونُ بِصِيغَةِ جَعَلْته لَهُ أَوْ أَهْدَيْته لَهُ أَمَّا الدُّعَاءُ بِجَعْلِ ثَوَابِهِ لَهُ فَلَيْسَ تَصَرُّفًا بَلْ سُؤَالٌ لِنَقْلِ الثَّوَابِ إلَيْهِ وَلَا مَنْعَ فِيهِ وَأَمَّا إهْدَاءُ الثَّوَابِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ يَمْنَعُ مِنْهُ ثُمَّ ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ شُهْبَةَ ثُمَّ قَالَ: وَجَوَّزَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ السُّبْكِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا سُؤَالُ الْفَاتِحَةِ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ جَزْمًا لِمَا لَا يَخْفَى انْتَهَى كَلَامُهُ.

فَهَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ قَالُوا بِالْمَنْعِ مِنْ هَذَا وَذَكَرُوا تَعْلِيلَهُ وَدَلِيلَهُ حَتَّى مَنْ أَفْتَى مِنْ الشَّافِعِيَّةِ بِالْجَوَازِ وَفَصَّلَ وَحَصَّلَ وَمَا بَقِيَ بَعْدَ هَذَا شَيْءٌ وَاَللَّهُ الْهَادِي الْمُوَفِّقُ انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْمَوْلِدِ وَكَلَامُ ابْنِ السُّبْكِيّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ يَعْنِي بِهِ مَا ذَكَرَاهُ مِنْ أَنَّ أَعْمَالَ أُمَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّهَا فِي صَحِيفَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (وَإِجَارَةُ ضَمَانٍ عَلَى بَلَاغٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ لِلْحَجِّ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ أَفْضَلُ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى وَجْهِ الْبَلَاغِ وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ سَنَدٌ: اتَّفَقَ مَالِكٌ وَالْأَئِمَّةُ عَلَى الْأَرْزَاقِ فِي الْحَجِّ وَأَمَّا الْإِجَارَةُ بِأُجْرَةٍ فَقَالَ بِهَا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنَعَهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ حَنْبَلٍ انْتَهَى. وَالرِّزْقَةُ هُوَ أَنْ يَدْفَعَ لِلْحَاجِّ شَيْئًا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى حَجِّهِ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ عَقْدِ إجَارَةٍ فِي ذِمَّتِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ قَدْرَ كِفَايَتِهِ أَمْ لَا وَقَالَ فِي غُنْيَةِ الْفَقِيرِ فِي حَجِّ الْأَجِيرِ وَقَدْ فَرَّقَ الْأَصْحَابُ بَيْنَ الرِّزْقِ وَالْإِجَارَةِ بِأَنَّ الرِّزْقَ هُوَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِ فَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ وَذَلِكَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ وَقِلَّتِهِمْ وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَهُوَ شَيْءٌ مَقْدُورٌ قَصُرَ عَنْ كِفَايَتِهِ أَوْ زَادَ انْتَهَى. وَلَفْظُ سَنَدٍ فِي الطِّرَازِ: الَّذِي اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى صِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رِزْقَةً لَا أُجْرَةً صَحَّحَهُ الْكَافَّةُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ وَأَمَّا عَقْدُ الْإِجَارَةِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَصَحَّحَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ حَنْبَلٍ وَدَلِيلُنَا أَنَّهُ عَمَلٌ تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ فَجَازَ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ وَأَمَّا الِاسْتِئْجَارُ بِالنَّفَقَةِ فَمَنَعَهُ الشَّافِعِيُّ وَزَعَمَ أَنَّهَا أُجْرَةٌ مَجْهُولَةٌ وَنَقُولُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الرِّزْقَةِ وَكَاسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ بِمُؤْنَتِهَا إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْمُعَاوَضَةُ فِي الْحَجِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ حَجٌّ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَحَجٌّ بِنَفَقَةٍ مَا بَلَغَتْ وَتُسَمَّى أُجْرَةً عَلَى الْبَلَاغِ وَحَجٌّ بِأُجْرَةٍ عَلَى وَجْهِ الْجَعَالَةِ وَهُوَ أَنْ يُلْزِمَ نَفْسَهُ شَيْئًا وَلَكِنْ إنْ حَجَّ كَانَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ كَذَا وَهِيَ مِنْ وَجْهِ الْبَلَاغِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا.

((قُلْتُ)) : فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْحَجُّ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ هُوَ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُصَنِّفُ إجَارَةَ ضَمَانٍ وَفِي أَثْنَاءِ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ تَارَةً يَكُونُ مُعَيَّنًا فِي عَيْنِ الْأَجِيرِ قَالَ: مِثْلُ أَنْ يَقُولَ اسْتَأْجَرْتُك لِتَحُجَّ عَنِّي بِكَذَا، قَالَ: وَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَنِّي بِنَفْسِك كَانَ تَأْكِيدًا وَإِضَافَةُ الْفِعْلِ إلَيْهِ تَكْفِي فِي ذَلِكَ انْتَهَى.

وَتَارَةً يَكُونُ مَضْمُونًا فِي ذِمَّتِهِ قَالَ: مِثْلُ أَنْ يَقُولَ مَنْ يَأْخُذُ كَذَا فِي حَجَّةٍ أَوْ مَنْ يَضْمَنُ لِي حَجَّةً بِكَذَا وَلَمْ يُعَيِّنْ لِفِعْلِهَا أَحَدًا وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: الْمُعَاوَضَةُ فِي الْحَجِّ عَلَى وَجْهَيْنِ: مُعَيَّنٍ وَمَضْمُونٍ وَالْمُعَيَّنُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إجَارَةٍ وَبَلَاغٍ وَالْبَلَاغُ عَلَى وَجْهَيْنِ: بَلَاغٍ فِي الْحَجِّ وَهُوَ الْجُعْلُ وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا بِتَمَامِهَا، وَبَلَاغِ النَّفَقَةِ، وَالْمَضْمُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: ضَمَانٍ بِالسَّنَةِ وَهُوَ كَوْنُهَا غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ إذَا فَاتَتْهُ هَذِهِ السَّنَةُ يَأْتِي فِي سَنَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ، وَضَمَانٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَجِيرِ فَإِذَا مَاتَ اُسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِهِ مَنْ يَحُجُّ انْتَهَى، وَهُوَ يُشِيرُ إلَى مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: ضَمَانٌ بِالنِّسْبَةِ يُوهِمُ أَنَّهُ قِسْمٌ مُسْتَقِلٌّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ كُلُّ قِسْمٍ مِنْ الْإِجَارَةِ بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي عَيْنِ الْأَجِيرِ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ وَمِنْ إجَارَةِ الْبَلَاغِ وَمِنْ الْجَعَالَةِ يَنْقَسِمُ إلَى مَضْمُونٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى السَّنَةِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ السَّنَةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ وَإِلَى مُعَيَّنَةٍ فِي السَّنَةِ، وَقَوْلُهُ: مُعَيَّنٌ مُرَادُهُ بِهِ تَعْيِينُ

<<  <  ج: ص:  >  >>