حُصُولِهَا فِي بَطْنِ الطَّيْرِ لِسَرَيَانِ النَّجَاسَةِ فِيهِ بِالْحَرَارَةِ فَأَشْبَهَ طَبْخَ اللَّحْمِ بِالْمَاءِ النَّجِسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ النَّارَ فِي الْحَرَارَةِ أَشَدُّ، وَعَلَى هَذَا لَوْ حَصَلَتْ فِي بَطْنِ خِنْزِيرٍ وَمَاتَ فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ اللَّحْمَ وَنَحْوَهُ مِمَّا فِيهِ رُطُوبَةٌ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ قَبْلَ طَبْخِهِ، أَوْ بَعْدَ طَبْخِهِ وَلَمْ يُطْبَخْ بِهَا أَنَّهُ يُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَتَشَرَّبْ بِهَا وَتَسْرِ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يُؤْكَلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(السَّادِسُ) إذَا حُمِّيَتْ السِّكِّينُ، أَوْ الْخَاتَمُ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ ثُمَّ طُفِئَتْ فِي مَاءِ نَجِسٍ فَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ، وَأَنَّ لَابِسَهُ حَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ وَذَكَرَ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهَا لَا تَقْبَلُ الْمَاءَ وَلَا يَدْخُلُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يُهَيِّجُ الْحَرَارَةَ الَّتِي حَصَلَتْ بِالنَّارِ فِي دَاخِلِ الْحَدِيدِ فَتَدْفَعُ عَنْهَا الْمَاءَ؛ لِأَنَّ طَبْعَهُ ضِدَّ طَبْعِ الْحَرَارَةِ لَكِنَّهُ يُهَيِّجُهَا وَيُخْرِجُهَا إلَى خَارِجِ ذَاتِ الْحَدِيدِ فَإِذَا انْفَصَلَتْ فَلَا يَقْبَلُ الْحَدِيدُ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا بِدَاخِلِهِ لِكَوْنِهِ جَمَادًا مُتَرَاصَّ الْأَجْزَاءِ فَلَا يَكُونُ فِيهِ مَاءٌ نَجِسٌ ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَذَكَرَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهَا تُغْسَلُ بِالْمَاءِ الْحَارِّ وَذَكَرَ الْمَشَذَّالِيُّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ إذَا حُمِّيَا فِي النَّارِ وَطُفِئَا فِي مَاءٍ نَجِسٍ أَنَّهُ يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
(السَّابِعُ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ نَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ سَأَلَتْ عَنْهَا شَيْخَنَا الْإِمَامَ وَهِيَ إذَا بَلَعَ الشَّمْعَ وَذَهَبَ ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ الْمَخْرَجِ فَكَانَ شَيْخُهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْغُبْرِينِيُّ يَقُولُ بِغَسْلِهَا وَتَكُونُ طَاهِرَةً كَالنَّوَاةِ وَالْحَصَاةِ إذَا أَلْقَاهَا بَعْدَ أَنْ ابْتَلَعَهَا صَحِيحَةً، وَخَالَفَهُ شَيْخُهُ الْإِمَامُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ: الصَّوَابُ نَجَاسَةُ الشَّمْعِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَيَّعُ بِالْحَرَارَةِ وَيُدَاخِلُهُ بَعْضُ أَجْزَاءِ مَا فِي الْبَطْنِ فَيَنْجُسُ بَاطِنُهُ كَظَاهِرِهِ وَالصَّوَابُ نَجَاسَتُهُ كَفَضْلَةِ الْإِنْسَانِ انْتَهَى.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ يُوَافِقُ عَلَى النَّوَاةِ وَالْحَصَاةِ وَالذَّهَبِ تُغْسَلُ وَتَكُونُ طَاهِرَةً وَلَوْ ابْتَلَعَ ذَلِكَ مَنْ فَضْلَتُهُ طَاهِرَةٌ لَمْ يَحْتَجْ إلَى غَسْلِهِ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
(الثَّامِنُ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّامِلِ أَنَّ قُدُورَ الْمَجُوسِ تَطْهُرُ بِتَغْلِيَةِ الْمَاءِ فِيهَا وَنَحْوُهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ.
(التَّاسِعُ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ سَأَلْتُ شَيْخَنَا ابْنَ عَرَفَةَ عَنْ حَمْلِ الطَّعَامِ فِي الْإِنَاءِ الْمُعَدِّ لِلنَّجَاسَةِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ فِيهَا فَقَالَ سُئِلْتُ عَنْهَا وَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَنْبَغِي.
(الْعَاشِرُ) قَالَ الْمُقْرِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَوَّلِ قَوَاعِدِهِ: مَا يُعَافُ فِي الْعَادَاتِ يُكْرَهُ فِي الْعِبَادَاتِ كَالْأَوَانِي الْمُعَدَّةِ بِصُوَرِهَا لِلنَّجَاسَاتِ، وَالصَّلَاةِ فِي الْمَرَاحِيضِ، وَالْوُضُوءِ بِالْمُسْتَعْمَلِ.
ص (وَيُنْتَفَعُ بِمُتَنَجِّسٍ لَا نَجَسٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَآدَمِيٍّ)
ش: مُرَادُهُ بِالْمُتَنَجِّسِ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي الْأَصْلِ وَأَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ كَالثَّوْبِ النَّجِسِ وَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَنَحْوِهِ تَقَعُ فِيهِ فَأْرَةٌ أَوْ نَجَاسَةٌ، وَبِالنَّجَسِ مَا كَانَتْ عَيْنُهُ نَجِسَةً كَالْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَذَكَرَ أَنَّ الْأَوَّلَ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَالْآدَمِيِّ وَشَمِلَ سَائِرَ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ فَيُسْتَصْبَحُ بِالزَّيْتِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَيُتَحَفَّظُ مِنْهُ وَيُعْمَلُ مِنْهُ الصَّابُونُ لَكِنْ تُغْسَلُ الثِّيَابُ مِنْهُ بِمَاءٍ طَاهِرٍ وَيُدْهَنُ بِهِ الْحَبْلُ وَالْعَجَلَةُ قَالَهُ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الْوُضُوءِ وَفِي رَسْمِ الْبَزَّار مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ خَفَّفَ