للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا قُلْنَاهُ: أَنَّ أَرْكَانَ الْحَجِّ لَا تَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينٍ بِدَلِيلِ الْوُقُوفِ وَالْإِحْرَامِ وَالسَّعْيِ، وَهَذَا مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى تَعْيِينٍ نَعَمْ نِيَّةُ الْحَجِّ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى جَمِيعِ أَفْعَالِهِ، وَلَا يَصِحُّ غَيْرُ الْحَجِّ فِي زَمَانِ الْحَجِّ فَلَمَّا صَحَّ الطَّوَافُ فِي نَفْسِهِ وَجَبَ أَنْ يُحْكَمُ أَنَّهُ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ، وَيَسْتَحِبُّ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ الدَّمَ، كَمَنْ طَافَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ وَسَعَى، وَلَمْ يُعِدْ سَعْيَهُ حَتَّى رَجَعَ لِبَلَدِهِ (الرَّابِعُ:) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: هَلْ يُجْزِئُ طَوَافُ الْقُدُومِ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: عَدَمُ الْإِجْزَاءِ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُجْزِئُهُ

ص (حَلَالًا إلَّا مِنْ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ وَكُرِهَ الطِّيبُ وَاعْتَمَرَ، وَإِلَّا كَثُرَ إنْ وَطِئَ) ش هَذَا حَالُ مَنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ قُدُومِهِ أَوْ طَوَافُ إفَاضَتِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ، وَكَانَ طَوَافُهُ غَيْرَ صَحِيحٍ، وَلَمْ يُعِدْ بَعْدَ طَوَافِ السَّعْيِ الْإِفَاضَةَ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ أَوْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ، وَكَانَ طَوَافُهُ غَيْرَ صَحِيحٍ، وَلَمْ يَتَطَوَّعْ بَعْدَهُ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَرْجِعُ مِنْ بَلَدِهِ حَلَالًا مِنْ مَمْنُوعَاتِ الْإِحْرَامِ كُلِّهَا إلَّا مِنْ النِّسَاءِ وَالصَّيْدِ، فَإِنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْهِ، أَمَّا الطِّيبُ فَيُكْرَهُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ، وَلَا يَحْرُمُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ حَصَلَ لَهُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ: بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَإِذَا رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى بَقِيَّةِ إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ فَلَا يُجَدِّدُ إحْرَامًا مِنْ الْمِيقَاتِ إذَا مَرَّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَدْخُلُ عَلَى بَقِيَّةِ إحْرَامِ الْحَجِّ، وَلَا يُلَبِّي فِي طَرِيقِهِ؛ لِأَنَّ تَلْبِيَتَهُ قَدْ انْقَطَعَتْ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ، فَإِذَا وَصَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى مَكَّةَ كَمَّلَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ فَاَلَّذِي لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ قُدُومِهِ بَقِيَ عَلَيْهِ السَّعْيُ لَكِنَّ السَّعْيَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَقَدُّمِ طَوَافٍ فَيَطُوفُ أَوَّلًا ثُمَّ يَسْعَى فَيُتِمُّ تَحَلُّلَهُ مِنْ الْحَجِّ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ.

(قُلْتُ:) وَيَنْوِي بِطَوَافِهِ الَّذِي يَأْتِي بِهِ قَبْلَ السَّعْيِ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ فَاتَ مَحِلُّهُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَلَزِمَهُ إعَادَةُ السَّعْيِ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْ السَّعْيَ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ بَطَلَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَصَارَ كَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ فَيُعِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَيَسْعَى بَعْدَهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَاَلَّذِي لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ إفَاضَتِهِ يَطُوفُ الْإِفَاضَةَ فَقَطْ، وَلَا يَحْلِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَلَقَ بِمِنًى، فَإِذَا كَمَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إحْرَامَهُ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَأْتِي بِعُمْرَةٍ، وَأَنَّ جُلَّ النَّاسِ يَقُولُونَ: لَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَطَأَ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) هَذَا الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْعُمْرَةِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا فِيمَنْ أَصَابَ النِّسَاءَ قَالَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ الْأَوَّلِ: وَالْمُفْرِدُ بِالْحَجِّ إذَا طَافَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ أَوَّلَ مَا دَخَلَ مَكَّةَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَة عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ثُمَّ خَرَجَ إلَى عَرَفَاتٍ فَوَقَفَ الْمَوَاقِفَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ فَطَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، وَلَمْ يَسْعَ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَأَصَابَ النِّسَاءَ وَالصَّيْدَ وَالطِّيبَ وَلَبِسَ الثِّيَابَ فَلْيَرْجِعْ لَابِسًا لِلثِّيَابِ حَلَالًا إلَّا مِنْ النِّسَاءِ وَالصَّيْدِ وَالطِّيبِ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى ثُمَّ يَعْتَمِرَ وَيُهْدِيَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِقَ إذَا رَجَعَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ السَّعْيِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَلَقَ بِمِنًى، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَمَى الْجَمْرَةَ حَلَّ لَهُ لُبْسُ الثِّيَابِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الطِّيبِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَهُوَ خَفِيفٌ، وَعَلَيْهِ لِكُلِّ صَيْدٍ أَصَابَهُ الْجَزَاءُ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَأْخِيرِ الطَّوَافِ الَّذِي طَافَهُ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ، وَهُوَ كَالْمُرَاهِقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>