للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: قَالَ ابْنُ الْمُعَدَّلِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ هُوَ لَازِمٌ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِي تَرْكِهِ نِسْيَانًا أَوْ عَامِدًا دَمٌ، وَلَا فِدْيَةَ فَقَدْ صَرَّحَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِمُسَاوَاةِ الْعَامِدِ وَالنَّاسِي، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ سَحْنُونٌ: مَنْ تَرَكَ الْغُسْلَ وَتَوَضَّأَ فَقَدْ أَسَاءَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَ الْغُسْلَ وَالْوُضُوءَ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ، فَإِنْ بَعُدَ تَمَادَى، وَإِنْ قَرُبَ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ قَوْلَانِ: ذَكَرَهُمَا صَاحِبُ الطِّرَازِ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَغَيْرُهُمْ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي كِتَابِهِ: وَمَنْ رَكَعَ لِلْإِحْرَامِ، وَسَارَ مِيلًا قَبْلَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ وَنَسِيَ الْغُسْلَ فَلْيَغْتَسِلْ ثُمَّ يَرْكَعْ ثُمَّ يُهِلَّ، وَإِذَا ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ أَهَلَّ تَمَادَى، وَلَا غُسْلَ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: مُتَّصِلٌ أَيْ: بِالْإِحْرَامِ، فَلَوْ اغْتَسَلَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَأَحْرَمَ عَشِيَّتَهُ لَمْ يُجْزِهِ الْغُسْلُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَا لَوْ اغْتَسَلَ غَدْوَةً وَأَخَّرَ الْإِحْرَامَ إلَى الظُّهْرِ لَمْ يُجْزِهِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي التَّنْبِيهِ الثَّانِي مِنْ الْقَوْلَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ:) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ لِحَيْضٍ رُجِيَ رَفْعُهُ عَنْ سَنَدٍ وَغَيْرِهِ حُكْمُ مَا إذَا أَرَادَتْ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ تَأْخِيرَ الْإِحْرَامِ حَتَّى تَطْهُرَ (فَرْعٌ) : فَإِنْ كَانَ مَنْ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ جُنُبًا فَقَالَ سَنَدٌ: يَغْتَسِلُ لِجَنَابَتِهِ وَإِحْرَامِهِ، وَهَلْ يَكُونُ غُسْلًا وَاحِدًا يَجْرِي ذَلِكَ عَلَى حُكْمِ الْجَنَابَةِ وَالْجُمُعَةِ عَلَى مَا مَرَّ انْتَهَى.

قَالَ التَّادَلِيُّ وَاغْتِسَالُهُ لِجَنَابَتِهِ وَإِحْرَامِهِ غُسْلًا وَاحِدًا يُجْزِئُ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمَا تَكَلَّمَ عَلَى سُنَنِ الْإِحْرَامِ إثْرَ الْكَلَامِ عَلَى الْغُسْلِ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: اسْتَحَبَّ بَعْضُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنْ يُقَلِّمَ أَظَافِرَهُ، وَيُزِيلَ مَا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ الشَّعْرِ الَّذِي يُؤْمَرُ بِإِزَالَتِهِ لَا شَعْرَ رَأْسِهِ، فَإِنَّ الْأَفْضَلَ بَقَاؤُهُ طَلَبًا لِلشُّعْثِ فِي الْحَجِّ وَأَنْ يُلَبِّدَهُ بِصَمْغٍ أَوْ غَاسُولٍ فَهُوَ أَفْضَلُ لِيَقْتُلَ دَوَابَّهُ انْتَهَى.

وَظَاهِرُ كَلَامِ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَكَلَامِ غَيْرِهِ: إبَاحَةُ التَّلْبِيدِ لَا اسْتِحْبَابُهُ بِقَوْلِهِمْ: لَا بَأْسَ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: لِيَقْتُلَ دَوَابَّهُ عَبَّرَ عَنْهُ فِي مَنَاسِكِهِ بِلَفْظٍ مُرَادِفٍ لِهَذَا اللَّفْظِ فَقَالَ: وَتَمُوتُ دَوَابُّهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ وَسَيَأْتِي وَجْهُ إشْكَالِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمَنَاسِكِهِ مُخَالِفٌ لِابْنِ بَشِيرٍ، وَاَلَّذِي فِيهِ لِتَقِلَّ دَوَابُّهُ مُضَارِعُ قَلَّ الشَّيْءُ يَقِلُّ مِنْ الْقِلَّةِ ضِدِّ الْكَثْرَةِ، وَكَذَا هُوَ فِي النَّوَادِرِ وَالطِّرَازِ، وَلَوْلَا مَا صَرَّحَ بِهِ فِي مَنَاسِكِهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَتَمُوتُ دَوَابُّهُ لَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ: صَحَّفَ الْكَاتِبُ قَوْلَهُ: لِتَقِلَّ بِلَفْظِ لِيَقْتُلَ، وَإِشْكَالُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَصِيرُ حَامِلًا لِنَجَاسَةٍ أَوْ شَاكًّا فِي حَمْلِهَا، وَالثَّانِي: أَنَّ التَّلْبِيدَ لَا يَقْتُلُ الْقَمْلَ فِي سَاعَتِهِ، وَإِنَّمَا يَقْتُلُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَمَنْ قَتَلَ الْقَمْلَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَزِمَهُ الْإِطْعَامُ.

ص (وَنُدِبَ بِالْمَدِينَةِ لِلْحُلَيْفِيِّ) ش يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَوْ مِمَّنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ، فَإِذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَسَحْنُونٍ، وَقَالَ عِيَاضٌ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّ ابْنَ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونًا فَسَّرَا الْمَذْهَبَ فَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ بِالْمَدِينَةِ جَائِزٌ، وَلَيْسَ بِمُسْتَحَبٍّ وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ فِي التَّنْبِيهِ الثَّانِي بَلْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إجْزَاءُ غُسْلِهِ أَنَّ الْمَطْلُوبَ الْغُسْلُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) الْغُسْلُ بِالْمَدِينَةِ إنَّمَا يُنْدَبُ أَوْ يُرَخَّصُ فِيهِ لِمَنْ يَغْتَسِلُ بِهَا ثُمَّ يَذْهَبُ بِهَا إلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ فَيُحْرِمُ بِهَا فَوْرَهُ أَوْ يُقِيمُ بِهَا قَلِيلًا لَا يَحْصُلُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالْإِحْرَامِ تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ فَأَمَّا مَنْ يُقِيمُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ يَوْمًا أَوْ لَيْلَةً فَهَذَا لَا يُطْلَبُ بِالْغُسْلِ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِاسْتِحْبَابِهِ، وَلَا يُرَخَّصُ لَهُ فِيهِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ، كَمَا بَيَّنْتُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَنَاسِكِ (الثَّانِي:) مِنْ اغْتَسَلَ بِالْمَدِينَةِ فَيُرَاعَى فِي حَقِّهِ اتِّصَالُ غُسْلِهِ بِخُرُوجِهِ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ فَوْرِهِ وَطَالَ تَأَخُّرُهُ لَمْ يُجْزِهِ الْغُسْلُ، وَإِنْ تَأَخَّرَ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ لِشُغْلٍ خَفَّ كَشَدِّ رَحْلِهِ وَإِصْلَاحِ بَعْضِ جِهَازِهِ أَجْزَأَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>