للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ بِيَدِهِ، أَوْ إنَّمَا هُوَ إذَا اسْتَلَمَهُ بِفِيهِ؟ قَالَ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ حَالٍ انْتَهَى.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) فَإِذَا قُلْنَا: يَجْمَعُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالِاسْتِلَامِ فَهَلْ التَّكْبِيرُ قَبْلَ الِاسْتِلَامِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ إلَّا قَوْلَ ابْنِ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ إذَا تَقَدَّمَتْ لِلطَّوَافِ فَاسْتَقْبِلْ الْحَجَرَ وَكَبِّرْ ثُمَّ قَبِّلْهُ بِفِيكَ انْتَهَى.

فَظَاهِرُ عَطْفِهِ التَّقْبِيلَ بِثُمَّ عَلَى التَّكْبِيرِ يَقْتَضِي أَنَّ التَّقْبِيلَ عَقِبَ التَّكْبِيرِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ، أَوْ صَرِيحَهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ التَّكْبِيرَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ التَّقْبِيلِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ أَوَّلًا: فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْتَدِئَ بِاسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ بِفِيهِ إنْ قَدَرَ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَصِلْ كَبَّرَ إذَا حَاذَاهُ ثُمَّ مَضَى يَطُوفُ، وَلَا يَقِفُ، وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهَا أَنَّ التَّقْبِيلَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ التَّكْبِيرِ مَا فَهِمَهُ سَيِّدِي خَلِيلٌ مِنْهَا مِنْ أَنَّ التَّكْبِيرَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ التَّقْبِيلِ بِالْيَدِ أَوْ بِالْفَمِ، وَلَوْ فُهِمَ مِنْ كَلَامِهَا أَنَّ التَّكْبِيرَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى التَّقْبِيلِ لَمَا وَقَعَ فِيمَا اعْتَرَضَ بِهِ فَتَأَمَّلْهُ وَالْأَمْرُ سَهْلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي:) قَالَ فِي الطِّرَازِ مَسْأَلَةٌ مَنْ قَالَ فِيمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَلْمِسَ الرُّكْنَ: قَالَ مَالِكٌ يُكَبِّرُ وَيَمْضِي، وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ هَذَا يُخْتَلَفُ فِيهِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُشِيرُ بِيَدِهِ، وَهُوَ فَاسِدٌ ثُمَّ ذَكَرَ وَجْهَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي مَنَاسِكِ ابْنِ فَرْحُونٍ أَوَّلَ الْكَلَامَ عَلَى الطَّوَافِ، وَلَا تُشِيرُ إلَيْهِ بِيَدِكَ انْتَهَى.

قَالَ أَيْضًا فِي سُنَنِ الطَّوَافِ: وَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ بِيَدِهِ وَيَضَعُهَا عَلَى فِيهِ انْتَهَى.

، وَقَالَ ابْنُ مُعَلَّى فِي مَنَاسِكِهِ: فَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْحَجَرِ كَبَّرَ إذَا حَاذَاهُ، وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ أَيْ: لَا يُشِيرُ وَاخْتَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِشَارَةَ مَعَ التَّكْبِيرِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى عَدَمِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى.

، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ عِيَاضٍ هُوَ فِي قَوَاعِدِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَالدُّعَاءُ بِلَا حَدٍّ) ش قَالَ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، وَهِيَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَذْكَارِ، وَلَا يَقْرَأُ، وَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ الْمَجِيدُ أَفْضَلَ الذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِي الطَّوَافِ، فَإِنْ فَعَلَ فَلِيُسِرَّ الْقِرَاءَةَ لِئَلَّا يَشْغَلَ غَيْرَهُ عَنْ الذِّكْرِ انْتَهَى.

ص (وَلَوْ مَرِيضًا وَصَبِيًّا حُمِلَا) ش قَالَ التَّادَلِيُّ عَنْ الْقَرَافِيِّ: فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَصِحُّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ يَرْكَبُ فِي السَّعْيِ، وَأَنَّهُ رَمَلَ فِيهِ؟ قُلْنَا: رَمَلَ بِزِيَادَةِ تَحْرِيكِ دَابَّتِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَكِبَ فِي حَجِّهِ وَمَشَى فِي عُمْرَتِهِ وَبِالْعَكْسِ انْتَهَى.

قَالَ التَّادَلِيُّ: وَقَفَ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ عَلَى أَنَّ الرَّاكِبَ إذَا سَعَى رَاكِبًا يَرْمُلُ بِتَحْرِيكِ دَابَّتِهِ وَيَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الطَّوَافِ أَيْضًا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا نَصَّ عَلَيْهِ إلَّا مَا يُسْتَقْرَأُ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ وَيُؤَيِّدُهُ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ لَكِنْ لِلرَّاكِبِ فِي بَطْنِ مُحَسِّرٍ، وَلِلْمَاشِي فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا انْتَهَى.

، وَمَا ذَكَرَهُ صَحِيحٌ، وَقَدْ نَصَّ سَنَدٌ عَلَى أَنَّ الرَّاكِبَ فِي الطَّوَافِ يَخُبُّ بِدَابَّتِهِ، وَنَصُّهُ: وَإِنْ طَافَ رَاكِبًا لَمْ يَخُبَّ دَابَّتَهُ فِي الْأَشْوَاطِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَحْمُولَ لَا يُخَبُّ بِهِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَخُبُّ الْحَامِلُ بِالْمَحْمُولِ يَخُبُّ الرَّاكِبُ بِدَابَّتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الدَّابَّةَ يَخُبُّ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَخُبَّ بِالْمَحْمُولِ انْتَهَى.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلِلزَّحْمَةِ الطَّاقَةُ) ش قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ زُوحِمَ فِي الرَّمَلِ فَلَمْ يَجِدْ مَسْلَكًا رَمَلَ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ قَالَ سَنَدٌ: يُسْتَحَبُّ لِلطَّائِفٍ الدُّنُوُّ مِنْ الْبَيْتِ هُوَ الْمَقْصُودُ، فَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ الْبَيْتِ زِحَامٌ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْمُلَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ قَلِيلًا وَجَدَ فُرْجَةً تَرَبَّصَ، فَإِذَا وَجَدَ فُرْجَةً رَمَلَ، وَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ بِفُرْجَةٍ لِكَثْرَةِ الزِّحَامِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ تَأَخَّرَ إلَى حَاشِيَةِ النَّاسِ أَمْكَنَهُ الرَّمَلُ فَلْيَتَأَخَّرْ، وَرَمَلُهُ مَعَ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قُرْبِهِ بِالْبَيْتِ مِنْ غَيْرِ رَمَلٍ، فَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ التَّأْخِيرُ أَوْ كَانَ لَيْسَ فِي حَاشِيَةِ النَّاسِ فُرْجَةٌ، فَإِنَّهُ يَمْشِي وَيُعْذَرُ فِي تَرْكِ الرَّمَلِ انْتَهَى.

قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّهُ إذَا زُوحِمَ فِي الرَّمَلِ فَلَمْ يَجِدْ مَسْلَكًا إنَّمَا يَرْمُلُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ، وَهُوَ قَائِمٌ فِي مَوْضِعِهِ فَلَيْسَ يُؤْمَرُ أَنْ يَتَحَرَّكَ إذَا لَمْ يُطِقْ الْمَشْيَ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إنَّهُ لَا يُحَرِّكُ مَنْكِبَيْهِ فِي الرَّمَلِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>