للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّمْسُ أَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِمَرِيضٍ عَاجِزٍ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرْمِيَ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَالْحَالُ: أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ الرَّمْيِ يَسْتَنِيبُ لَكِنَّ اسْتِنَابَتَهُ لَا تُسْقِطُ عَنْهُ الْهَدْيَ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْهَدْيُ إذَا صَحَّ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَرَمَى عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ إذَا رَمَى عَنْهُ وَلِيُّهُ فَلَا هَدْيَ فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْعَاجِزِ أَنَّ الرَّمْيَ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ جُزْءٌ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ الَّتِي تُفْعَلُ بِالصَّبِيِّ، وَالْفَاعِلُ فِي الْحَقِيقَةِ لَهَا غَيْرُ الصَّبِيِّ فَلَا يَلْزَمُ فِي الرَّمْيِ عَنْهُ هَدْيٌ، كَمَا لَا يَلْزَمُ فِي سَائِرِ الْأَفْعَالِ مِنْ وُقُوفٍ وَطَوَافٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْمَرِيضُ هُوَ الْفَاعِلُ لِسَائِرِ الْأَرْكَانِ، فَإِذَا فُعِلَ عَنْهُ الرَّمْيُ خَاصَّةً مَعَ أَنَّهُ أَتَى بِسَائِرِ الْأَفْعَالِ صَارَ كَأَنَّ الرَّمْيَ لَمْ يَقَعْ أَلْبَتَّةَ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَأَعَادَ إنْ صَحَّ قَبْلَ الْفَوَاتِ) ش الظَّاهِرُ: أَنَّ الْإِعَادَةَ عَلَى الْوُجُوبِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إنَّهُ كَالنَّاسِي قَالَ: وَإِذَا قَضَى، فَإِنَّهُ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ عَنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَرْمِي عَنْ الْيَوْمِ الثَّانِي كَذَلِكَ ثُمَّ الثَّالِثِ كَذَلِكَ، وَلَا يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْأُولَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى الْأَيَّامِ الثَّلَاثِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَتَقْدِيمُ الْحَلْقِ أَوْ الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ) ش أَمَّا تَقْدِيمُ الْحَلْقِ عَلَى الرَّمْيِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَغَيْرُهَا لَا، كَمَا تُعْطِيهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ هَدْيٌ؛ لِأَنَّ الدَّمَ إذَا أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْهَدْيِ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ فَاَلَّذِي رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ الْإِجْزَاءَ مَعَ الْهَدْيِ، كَمَا قَالَ هُنَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ، وَهُوَ كَمَنْ لَمْ يُفِضْ، وَأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ بَعْدَ إفَاضَتِهِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ فَسَدَ حَجُّهُ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ أَصْبَغُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ الْإِفَاضَةَ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ آكَدُ (تَنْبِيهٌ:) وَانْظُرْ لَوْ أَعَادَ الْإِفَاضَةَ بَعْدَ الرَّمْيِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، هَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْهَدْيُ أَمْ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الطِّرَازِ: إذَا، قُلْنَا: يُجْزِئُهُ الْحَجُّ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ لِمَا أَخَّرَ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ ثُمَّ قَالَ: وَهَلْ يُعِيدُ الْإِفَاضَةَ بَعْدَ مَا رَمَى قَالَ أَصْبَغُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُعِيدُ الْإِفَاضَةَ قَالَ: وَلَوْ لَمْ يُجْزِهِ لَفَسَدَ حَجُّهُ، كَمَا قَالَ أَشْهَبُ وَأَنْ يُعِيدَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَأَصْوَنُ وَيَخْرُجُ مِنْ الْخِلَافِ انْتَهَى.

فَقَوْلُهُ: وَهَلْ يُعِيدُ الْإِفَاضَةَ؟ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ مَعَ الْهَدْيِ، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالْإِعَادَةِ فَتَأَمَّلْهُ.

ص (لَا إنْ خَالَفَ فِي غَيْرٍ) ش بِأَنْ قَدَّمَ النَّحْرَ عَلَى الرَّمْيِ أَوْ قَدَّمَ الْحَلْقَ عَلَى النَّحْرِ أَوْ قَدَّمَ الْإِفَاضَةَ عَلَى النَّحْرِ أَوْ عَلَى الْحَلْقِ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا.

ص (فَوْقَ الْعَقَبَةِ) ش أَيْ: فَوْقَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمَنَاسِكِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَا يَجُوزُ الْمَبِيتُ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى، وَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُرَحَّلُ النَّاسَ مِنْ وَرَائِهَا، وَفِيهِ أَيْضًا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَبِيتَنَّ أَحَدٌ مِنْ الْحَاجِّ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ وَرَاءِ الْعَقَبَةِ وَعَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ بَاتَ رَجُلٌ لَيْلَةً وَرَاءَ الْعَقَبَةِ فَلْيُهْدِ هَدْيًا وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَبِيتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>