للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِيَامًا وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي اشْتِرَاطِ الْأَوَّلَيْنِ، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَصَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِيهِ، فَقَالَ: وَلَا يُخْرِجُ مِثْلًا وَلَا طَعَامًا وَلَا صِيَامًا إلَّا بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ فَقِيهَيْنِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الطِّرَازِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا بَعْدَ أَنْ قَالَ أَمَّا اسْتِحْبَابُهُ، فَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ إذْ لَا يَحِلُّ بِشَيْءٍ إذْ فِيهِ مَزِيدُ احْتِيَاطٍ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْبَاجِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي اسْتِئْنَافُ الْحُكْمِ فِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْأَيَّامِ بِالْأَمْدَادِ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ، فَقَدْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ، وَبِالْحُكْمِ يَتَخَلَّصُ مِنْ الْخِلَافِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُكْمُ، وَنَصُّهُ: وَشَرْطُ الْجَزَاءِ فِي الْمِثْلِ وَالْإِطْعَامِ كَوْنُهُ بِحَكَمَيْنِ وَلَمْ يُحْكَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، فَتَأَمَّلْهُ (فَرْعٌ) : قَالَ سَنَدٌ: وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ، وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ.

ص (أَوْ إطْعَامٌ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ) ش أَيْ بِقَدْرِ قِيمَةِ الصَّيْدِ مِنْ الطَّعَامِ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُقَوِّمُ الصَّيْدَ بِدَرَاهِمَ مَثَلًا، ثُمَّ يَشْتَرِي بِتِلْكَ الْقِيمَةِ بَلْ الْمَطْلُوبُ أَنْ يُقَوِّمَ الصَّيْدَ أَوَّلَ الْأَمْرِ بِالطَّعَامِ، وَلَوْ قَوَّمَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا طَعَامًا أَجْزَأَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَحْكُمَا عَلَيْهِ بِالطَّعَامِ، فَلْيُقَوِّمَا الصَّيْدَ نَفْسَهُ حَيًّا بِطَعَامٍ، وَلَا يُقَوِّمَانِ جَزَاءَهُ مِنْ النِّعَمِ، وَلَوْ قَوَّمَ الصَّيْدَ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا طَعَامًا رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ وَاسِعًا وَلَكِنَّ تَقْوِيمَهُ بِالطَّعَامِ أَصْوَبُ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ فِي الْكَافِي: لَوْ قَوَّمَ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ قُوِّمَتْ بِطَعَامٍ أَجْزَأَ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالتَّقْوِيمُ لِلْحَكَمَيْنِ (قُلْت) : مِثْلُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهَا لَوْ قَوَّمَ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا طَعَامًا رَجَوْتُ سِعَتَهُ خِلَافُهُ وَنَقَلَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ بِلَفْظِ أَبِي عُمَرَ دُونَ قَوْلِهِ، وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ انْتَهَى. .

كَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَأَتَى الْمُصَنِّفُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى خِلَافِ مَا أَتَى بِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ لَفْظَهَا الْمُتَقَدِّمَ، ثُمَّ قَالَ: فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْقِيمَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا طَعَامًا لَا أَنَّهُ أَخْرَجَ عَنْ الْقِيمَةِ طَعَامًا مِنْ تَحْتِ يَدِهِ، وَهُوَ أَشَدُّ بُعْدًا عَنْ الْأَصْلِ مِمَّا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ انْتَهَى.

وَانْظُرْ مَا صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَلْ حَكَمَ الْحَكَمَانِ عَلَيْهِ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ اشْتَرَى هُوَ بِهَا طَعَامًا، أَوْ قَوَّمَ الْحَكَمَانِ الصَّيْدَ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ قَوَّمَا تِلْكَ الدَّرَاهِمَ بِطَعَامٍ، وَحَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الثَّانِي: وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْكَافِي فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (بِمَحِلِّهِ وَإِلَّا فَبِقُرْبِهِ وَلَا يُجْزِئُ بِغَيْرِهِ)

ش: قَوْلُهُ بِمَحِلِّهِ يَصِحُّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ، وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِإِطْعَامٍ قَالَ سَنَدٌ: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ إنْ أَخْرَجَ هَدْيًا، فَلَا يَكُونُ إلَّا بِالْحَرَمِ، وَإِنْ شَاءَ الصِّيَامَ صَامَ حَيْثُ شَاءَ مِنْ الْبِلَادِ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُطْعِمَ، فَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي مَوْضِعِ التَّقْوِيمِ، وَفِي مَوْضِعِ إخْرَاجِ الطَّعَامِ أَمَّا مَوْضِعُ التَّقْوِيمِ، فَأَصْحَابُنَا مُتَّفِقُونَ عَلَى تَقْوِيمِهِ حَيْثُ أَصَابَ الصَّيْدَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَيْسَ لَهُ هُنَاكَ قِيمَةٌ إمَّا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعِ اسْتِيطَانٍ، أَوْ بِمَوْضِعٍ لَا يَعْرِفُونَ لِلصَّيْدِ فِيهِ قِيمَةً قَالَ الْبَاجِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يُرَاعِيَ أَيْضًا ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَأَمَّا مَوْضِعُ إخْرَاجِهِ فَيُخْتَلَفُ فِيهِ هَلْ يَجِبُ الْحَرَمُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُرَاعِي الْحَرَمَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَهَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَوْضِعِ تَقْوِيمِهِ؟ ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَخْتَصُّ، وَلَا يُجْزِئُ بِغَيْرِهِ وَحَمَلَ ابْنُ الْمَوَّازِ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ السِّعْرِ، فَقَالَ إنْ أَصَابَ بِالْمَدِينَةِ وَأَطْعَمَ بِمِصْرَ لَمْ يُجْزِهِ أَلَا أَنْ يَتَّفِقَ سِعْرَاهُمَا وَإِنْ أَصَابَهُ بِمِصْرَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَأَطْعَمَ بِالْمَدِينَةِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ السِّعْرَ أَغْلَى، وَقَالَ أَصْبَغُ إذَا أَخْرَجَ عَلَى سِعْرِهِ بِمَوْضِعِهِ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ حَيْثُمَا كَانَ، ثُمَّ قَالَ وَإِذَا قُلْنَا يُخْرِجُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَبِقَدْرِ مَكِيلَةِ مَا حُكِمَ عَلَيْهِ، أَوْ بِعَدْلِ قِيمَةِ تِلْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>