للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَسْأَلُ يُقَالُ مُعْتَرٌّ وَمُعْتَرِي انْتَهَى.

(الثَّالِثُ) : إذَا كَانَ مَعَ الْمُحْصَرِ هَدْيٌ وَنَحَرَهُ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا بَلَغَ مَحِلَّهُ، وَلَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ قَالَهُ سَنَدٌ وَسَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا كَلَامُهُ بِلَفْظِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

ص (فَتُلْقَى قَلَائِدُهُ بِدَمِهِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مُهْدِيَهُ يَنْحَرُهُ وَيُلْقِي قَلَائِدَهُ بِدَمِهِ.

(فَرْعٌ) : فَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَبْحُهُ فَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ ضَمِنَهُ بِتَفْرِيطِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَبْحِهِ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ.

ص (كَرَسُولِهِ)

ش: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ رَاجِعًا إلَى هَدْيِ التَّطَوُّعِ إذَا أُرْسِلَ مَعَ شَخْصٍ، وَعَطِبَ قَبْلَ مَحِلِّهِ، فَإِنَّ حُكْمَ الرَّسُولِ حُكْمُ رَبِّهِ، فَيَنْحَرُهُ، وَيُلْقِي قَلَائِدَهُ بِدَمِهِ، وَيُخَلِّي بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ رَاجِعًا لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَالْمَبْعُوثُ مَعَهُ الْهَدْيُ يَأْكُلُ مِنْهُ لَا مِنْ الْجَزَاءِ وَالْفِدْيَةِ وَنَذْرِ الْمَسَاكِينِ، فَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِسْكِينًا، فَجَائِزٌ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَقَالَ فِي الطِّرَازِ: فَإِنْ بَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ كَانَ حُكْمُ الرَّسُولِ حُكْمَ الْمُرْسِلِ، فَكُلُّ هَدْيٍ يَأْكُلُ مِنْهُ صَاحِبُهُ إذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ، فَنَائِبُهُ يَأْكُلُ مِنْهُ، وَكُلُّ هَدْيٍ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ صَاحِبُهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ نَائِبُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِصِفَةٍ مُسْتَحَقَّةٍ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ أَكَلَ السَّائِقُ مِنْ الْهَدْيِ إذَا عَطِبَ قَبْلَ مَحِلِّهِ، فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يُجْزِ رَبَّهُ، وَنَظَرْت فِي تَضْمِينِهِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ مُجَرَّدُ قَوْلِهِ لِمَا أَكَلَ، وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ لَقُبِلَ، وَذَلِكَ لِمَوْضِعِ التُّهْمَةِ فَإِنْ شَهِدَ لَهُ أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِهِ نَظَرْت، فَإِنْ أَكَلَ مِنْ الْهَدْيِ لَمْ تُجْزِ شَهَادَتُهُ لِمَوْضِعِ التُّهْمَةِ؛ وَلِأَنَّهُ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ مَا أَكَلَ إلَّا مُبَاحًا إذْ هُوَ مَمْنُوعٌ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ إذَا نَحَرَ لِغَيْرِ خَوْفٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ يَزْعُمُ أَنَّهُ إنَّمَا أَكَلَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ، فَيَضْمَنُ السَّائِقُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ أَطْعَمَهُ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْهَدْيِ وَقْتَ نَحْرِهِ لَا هَدْيًا مَكَانَهُ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْهَدْيَ بِهَدْيٍ رَبُّهُ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا، فَلَيْسَ عَلَى رَبِّهِ إلَّا هَدْيٌ بِقِيمَةِ مَا يَرْجِعُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا، فَعَلَيْهِ هَدْيٌ بِأَصْلِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ السَّائِقُ، فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُطْعِمَ أَحَدًا أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ يُطْعِمْ أَحَدًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّهِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ وَأَطْعَمَ، فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى رَبِّهِ وَإِنْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى رَبِّهِ وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا، فَإِنْ أَطْعَمَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ ضَمِنَ ذَلِكَ، وَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِهِ، وَإِنْ كَانَ بِأَمْرِهِ، فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ، وَإِنْ أَطْعَمَ مُسْتَحِقًّا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُنْظَرُ فِي رَبِّهِ فَإِنْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَأَطْعَمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِمُعَيَّنٍ وَلَكِنْ قَالَ أَطْعِمْهُ لِلْمَسَاكِينِ، فَهُوَ خَفِيفٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ خَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ كَقَوْلِهِ أَطْعِمْهُ لِلْمَسَاكِينِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَعْيِينٌ انْتَهَى.

فَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ حُكْمَ الرَّسُولِ فِي الْأَكْلِ وَعَدَمِهِ حُكْمُ رَبِّهِ إلَّا فِيمَا إذَا عَطِبَ الْوَاجِبُ قَبْلَ مَحِلِّهِ، فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ لِلتُّهْمَةِ أَنْ يَكُونَ عَطْبُهُ بِسَبَبِهِ فَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ عُلِمَ أَنَّ رَبَّهُ لَا يَتَّهِمُهُ، أَوْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْغُرْمِ إنْ اتَّهَمَهُ جَازَ لَهُ الْأَكْلُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَكْلَهُ مِنْهُ لَا يُمْنَعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِذَلِكَ قَالَ: إنَّهُ إنْ أَطْعَمَ أَحَدًا مِنْ الْوَاجِبِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَضَمِنَ فِي غَيْرِ الرَّسُولِ بِأَمْرِهِ بِأَخْذِ شَيْءٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ هَدْيِ التَّطَوُّعِ إذَا عَطِبَ قَبْلَ مَحِلِّهِ مَأْمُورٌ بِأَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَلَا يَأْمُرَ أَحَدًا بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ فَإِنْ أَمَرَ أَحَدًا بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بَدَلَ الْهَدْيِ كَمَا يَضْمَنُ إذَا أَكَلَ مِنْهُ، أَوْ مِنْ هَدْيٍ مُنِعَ مِنْ الْأَكْلِ مِنْهُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ يَضْمَنُ إذَا أَمَرَ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْهَدْيِ الْمَمْنُوعِ مِنْ الْأَكْلِ مِنْهُ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ فَإِنَّ الْفِدْيَةَ وَالْجَزَاءَ وَنَذْرَ الْمَسَاكِينِ إذَا بَلَغَتْ الْمَحِلَّ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ وَلَهُ تَفْرِقَتُهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالْأَخْذِ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ الرَّسُولِ يَعْنِي بِهِ أَنَّ الرَّسُولَ وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِصَاحِبِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ فِي كَوْنِهِ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ، وَلَا يَأْمُرُ أَحَدًا لَكِنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْهُ نَظَرٌ، يُرِيدُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْهَدْيِ أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>