ذَلِكَ دَخَلَ وَقْتُ الْأُضْحِيَّة، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِاعْتِبَارِ الْخُطْبَتَيْنِ لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْخُطْبَتَانِ مَقْصُودَتَيْنِ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ اعْتَبَرَهُمَا الشَّافِعِيُّ إلَّا أَنَّهُ اعْتَبَرَ وَقْتَ الصَّلَاةِ، وَوَقْتَ الْخُطْبَتَيْنِ، فَإِذَا مَضَى ذَلِكَ دَخَلَ وَقْتُ الْأُضْحِيَّة، وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ اعْتِبَارُ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَتَيْنِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَأَمَّا إنْ لَمْ يَذْبَحْ الْإِمَامُ، فَالْمُعْتَبَرُ صَلَاتُهُ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: إذَا ذَبَحَ أَهْلُ الْمُسَافِرِ عَنْهُ رَاعَوْا إمَامَهُمْ دُونَ إمَامِ بَلَدِ الْمُسَافِرِ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ (فَرْعٌ) : قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا: وَلَا يُرَاعَى الْإِمَامُ فِي الْهَدْيِ (وَهَلْ هُوَ الْعَبَّاسِيُّ أَوْ إمَامُ الصَّلَاةِ قَوْلَانِ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي كَوْنِ الْمُعْتَبَرِ إمَامَ الصَّلَاةِ أَوْ إمَامَ الطَّاعَةِ طَرِيقَا ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ قَائِلًا الْمُعْتَبَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ كَالْعَبَّاسِيِّ الْيَوْمَ أَوْ مَنْ أَقَامَهُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ بِبَلَدِهِ أَوْ عَمَّلَهُ عَلَى بَلَدٍ مِنْ بُلْدَانِهِ، وَمَنْ كَانَ سُلْطَانًا دُونَ أَنْ يُقِيمَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُمْ غَيْرُهُ يَتَحَرَّوْنَ كَأَهْلِ الْبَوَادِي يَتَحَرَّوْنَ أَقْرَبَ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ اللَّخْمِيِّ لَا يُعْتَبَرُ الْمُتَغَلِّبُونَ اُنْظُرْ نُصُوصَ الْمَذْهَبِ بِنُفُوذِ أَحْكَامِهِمْ وَأَحْكَامِ قُضَاتِهِمْ يُرَدُّ بِعَدَمِ إمْكَانِ غَيْرِ ذَلِكَ وَإِمْكَانِ الثَّانِي لِتَحَرِّي وَقْتِ الْإِمَامِ غَيْرِ الْمُتَغَلِّبِ كَمَا لَوْ كَانَ أَخَّرَ ذَبْحَهُ اخْتِيَارًا وَاسْتِدْلَالُهُ بِقَوْلِ عُثْمَانَ، وَهُوَ مَحْصُورٌ لِلْقَائِلِ لَهُ أَنَّهُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ إمَامُ فِتْنَةٍ وَأَنْتَ إمَامُ الْعَامَّةِ إنَّ الصَّلَاةَ مِنْ أَحْسَنِ مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ، فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ فَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إسَاءَتَهُمْ يُنْتِجُ عَكْسَ مَا ادَّعَاهُ؛ لِأَنَّ الْبَغْيَ إسَاءَةٌ إجْمَاعًا، وَلَا سِيَّمَا الْبَغْيُ عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَوَجَبَ اجْتِنَابُ الِاقْتِدَاءِ بِالْبُغَاةِ لِإِسَاءَتِهِمْ
(قُلْت) : وَصَرِيحُ نَصِّهَا مَعَ سَائِرِ الرِّوَايَاتِ بِأَقْرَبِ الْأَئِمَّةِ وَكَوْنُ الْمُعْتَبَرِ إمَامَ مَنْ ذَبَحَ عَنْ مُسَافِرٍ لَا إمَامَ بَلَدِ الْمُسَافِرِ ظَاهِرٌ فِي كَوْنِهِ إمَامَ الصَّلَاةِ لِامْتِنَاعِ تَعَدُّدِ إمَامِ الطَّاعَةِ، وَعَلَيْهِ لَا يُعْتَبَرُ ذَبْحُ إمَامِ صَلَاتِهَا؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ السُّلْطَانِ أُضْحِيَّتَهُ لِلذَّبْحِ بِالْمُصَلَّى دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ نِيَابَتِهِ إيَّاهُ فِي الِاقْتِدَاءِ بِذَبْحِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ قُلْت: إلَخْ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ مَنْ يُقِيمُهُ الْإِمَامُ عَلَى بَلَدٍ لَا سِيَّمَا إمَامًا فَقَوْلُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ: أَقْرَبُ الْأَئِمَّةِ إنَّمَا يُرِيدُونَ إمَامَ الصَّلَاةِ وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَمَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ امْتِنَاعِ تَعَدُّدِ إمَامِ الطَّاعَةِ سَبَقَهُ إلَيْهِ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ رَاشِدٍ وَانْفَصَلَ عَنْهُ تِلْمِيذُهُ أَبُو الْحَسَنِ بِتَعَدُّدِ عُمَّالِهِ انْتَهَى، وَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ غَيْرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ: أَقْرَبُ الْأَئِمَّةِ وَنَحْوُهُ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْعُمَّالِ إذَا لَمْ يَكُونُوا أَئِمَّةً لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُسَمَّوْنَ أَئِمَّةً كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لَا يُعْتَبَرُ ذَبْحُ إمَامِ صَلَاتِهَا أَيْ وَعَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إمَامُ الطَّاعَةِ لَا يُعْتَبَرُ ذَبْحُ إمَامِ صَلَاتِهَا إلَخْ وَرَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ كَلَامِ سَيِّدِنَا عُثْمَانَ غَيْرُ وَاضِحٍ لِالْتِزَامِهِ الرَّدَّ عَلَى سَيِّدِنَا عُثْمَانَ فِي أَمْرِهِ بِالِاقْتِدَاءِ فِي الصَّلَاةِ بِإِمَامِ الْفِتْنَةِ، فَتَأَمَّلْهُ، وَجَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ إمَامُ الصَّلَاةِ الَّذِي صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْعِيدِ فَمَنْ ذَبَحَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ إمَامُهُ لَمْ يُجْزِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَا يُرَاعَى قَدْرُهُ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ)
ش: الضَّمِيرُ لِذَبْحِ الْإِمَامِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ لَا يُرَاعَى قَدْرُ ذَبْحِ الْإِمَامِ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ لَوْ قَالَ قَدْرُهَا لِيَعُودَ عَلَى الصَّلَاةِ كَانَ أَحْسَنُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَهُوَ ذَبْحُ الْإِمَامِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى قَدْرُ الذَّبْحِ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ الشَّيْخُ فِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَهُ الْبَاجِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ وَيَذْبَحُ إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَجْزَأَهُ انْتَهَى. ثُمَّ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا عَلِمْتَ أَنَّ مَنْ لَا يُرَاعِي قَدْرَ الصَّلَاةِ لَا يُرَاعِي قَدْرَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَّا اسْتِحْبَابًا انْتَهَى.
ص (وَأَعَادَ سَابِقُهُ)
ش: قَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَذْبَحَ قَبْلَ الْإِمَامِ مُتَعَمِّدًا وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute