للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا إنْ قُتِلَتْ، فَقِيلَ لَا قِيمَةَ عَلَى قَاتِلِهَا إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا؛ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا أَتْلَفَ عَلَى سَيِّدِهَا مَنْفَعَةً، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقِيلَ إنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ، وَيَتَصَدَّقُ بِهَا، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ، فَوَجَبَ أَنْ تُرَدَّ مَسْأَلَةُ الضَّحَايَا إلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لِلرَّجُلِ إذَا اخْتَلَطَتْ رُءُوسُ الضَّحَايَا فِي الْأَفْرَانَ يَأْكُلُ مَتَاعَ غَيْرِهِ، وَلَمْ يُحَرِّمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ لُقَطَةِ مَا لَا يَبْقَى مِنْ الطَّعَامِ حَيْثُ لَا يُوجَدُ لَهُ ثَمَنٌ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، فَأَكْلُهُ جَائِزٌ إذَا لَمْ يُعْلَمْ صَاحِبُهُ وَخُشِيَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الشَّاةِ هِيَ لَك أَوْ لِأَخِيك أَوْ لِلذِّئْبِ وَالتَّصَدُّقُ بِذَلِكَ أَفْضَلُ بِخِلَافِ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ مِنْ غَيْرِ الْأَضَاحِيِّ تَخْتَلِطُ فِي الْفُرْنِ، فَلَا يَعْلَمُ الرَّجُلُ لِمَنْ هَذَا الَّذِي سِيقَ إلَيْهِ، وَلَا عِنْدَ مَنْ صَارَ مَتَاعُهُ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبْتَاعَهُ.

وَيُوقِفَ ثَمَنَهُ عَلَى حُكْمِ اللُّقَطَةِ إذَا لَمْ تَبْقَ وَوُجِدَ لَهَا ثَمَنٌ انْتَهَى.

فَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ يَجُوزُ عَلَى الْبَعْضِ، وَعَلَى الْكُلِّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، وَأَمَّا فِي الْجِنْسِ فَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْأَكْلُ؛ لِأَنَّهَا كَلُقَطَةِ مَا يَفْسُدُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَنٌ، وَالْقَوْلُ بِجَوَازِ أَخْذِ قِيمَةَ الْأُضْحِيَّةِ مِمَّنْ سَرَقَهَا هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ سَنَدٌ فِي بَابِ الْهَدْيِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ الثَّانِي فِيمَا إذَا سُرِقَ الْهَدْيُ بَعْدَ ذَبْحِهِ فَقَالَ: فَقَدْ أَجْزَأَ عَنْهُ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ بِرُمَّتِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ سُرِقَ بَعْدَ ذَبْحِهِ أَجْزَأَ لَا قَبْلَهُ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْخُبْزِ إذَا اخْتَلَطَ وَاللَّحْمِ أَنَّهُ كَاللُّقَطَةِ هَذَا حُكْمُ الْخُبْزِ الْمَأْخُوذِ وَأَمَّا الْفَرَّانُ، فَإِنْ اعْتَرَفَ أَنَّ الْخُبْزَ لَيْسَ هُوَ، فَلَهُ تَغْرِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ فِي ضَمَانِ الصُّنَّاعِ عَلَى أَنَّهُ إذَا ضَيَّعَ الْخُبْزَ ضَامِنٌ فَرَّطَ أَمْ لَمْ يُفَرِّطْ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ الْمَوْجُودَ هُوَ خُبْزُ هَذَا الرَّجُلِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْبُرْزُلِيِّ: مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ: إذَا احْتَرَقَ الْخُبْزُ فِي الْفُرْنِ، فَقَالَ الْفَرَّانُ: هُوَ لِفُلَانٍ، وَقَالَ صَاحِبُهُ: لَيْسَ هُوَ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْفَرَّانِ قَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ الْبُرْزُلِيُّ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامًا عَنْ اللَّخْمِيّ مُضْمَنُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَعْمَلُ إلَّا لِلنَّاسِ صُدِّقَ، وَإِنْ كَانَ يَعْمَلُ لِنَفْسِهِ لَمْ يُصَدَّقْ، فَانْظُرْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ فِي الْخُفِّ أَوْ النَّعْلِ يَتَبَدَّلُ مَعَ الْكَلَامِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْخُفِّ وَالنَّعْلِ إذَا تَبَدَّلَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَنَصُّهُ: وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ تَبَدَّلَ لَهُ خُفٌّ أَوْ نَعْلٌ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ وَقْتَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يَحِلُّ لَهُ الْخُفَّانِ أَصْبَغُ وَابْنُ وَهْبٍ يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِمَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَقِيلَ إنْ كَانَ أَجْوَدَ مِنْ الَّذِي لَهُ، فَلَا يَلْبَسُهُ ابْنُ الْمَوَّازِ يَتَصَدَّقُ بِذَلِكَ الْخُفِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَرَبُّهُ أَخَذَ خُفَّهُ أَمْ لَا انْتَهَى كَلَامُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَصَحَّ إنَابَةٌ بِلَفْظٍ)

ش: اعْلَمْ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ مَكْرُوهَةٌ لَا كَمَا يُعْطِيهِ لَفْظُ ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ الْجَوَازِ بِلَا كَرَاهَةٍ حَيْثُ قَالَ وَالْأَوْلَى ذَبْحُهُ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ اسْتَنَابَ مَنْ تَصِحُّ مِنْهُ الْقُرْبَةُ جَازَ انْتَهَى. وَلِذَلِكَ لَمْ يَعْطِفْهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى الْجَائِزَاتِ فِي قَوْلِهِ، وَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ كَمَا هِيَ عَادَتُهُ بَلْ قَالَ: وَصَحَّ، وَصَرَّحَ فِي بَابِ الْحَجِّ بِالْكَرَاهَةِ كَمَا تَقَدَّمَ حَيْثُ قَالَ: وَكُرِهَ نَحْرُ غَيْرِهِ كَالْأُضْحِيَّةِ، وَقَدَّمَ هُنَا فِي الْمَنْدُوبَاتِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَبْحُهَا بِيَدِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَهُ كَلَامُ سَنَدٍ وَتَصْرِيحُهُ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ لِمَنْ أَطَاقَ الذَّبْحَ بِيَدِهِ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ إنْ وَجَدَ سَعَةً وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَوْلٌ إنَّهُ لَا يُجْزِئُ إذَا اسْتَنَابَ مُسْلِمًا وَقَوْلُهُ: بِلَفْظٍ، يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ أَوْ بِالْعَادَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ بِعَادَةٍ.

ص (إنْ أَسْلَمَ)

ش: احْتِرَازًا مِنْ الْمَجُوسِيِّ وَالْكِتَابِيِّ، فَإِنْ أَمَرَ رَجُلًا يَظُنُّ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ فَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُعِيدُ، فَإِنْ عَزَّ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ بِأَنْ تَزَيَّا بِزِيِّ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَذْبَحُونَ ضَمِنَ ذَلِكَ وَعَاقَبَهُ السُّلْطَانُ انْتَهَى. مِنْ التَّوْضِيحِ (فَرْعٌ) وَمَوْضِعُ الْمَنْعِ أَنْ يَلِيَ الذِّمِّيُّ الذَّبْحَ، فَأَمَّا السَّلْخُ وَتَقْطِيعُ اللَّحْمِ، فَلَا قَالَهُ سَنَدٌ فِي الْحَجِّ.

ص (وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ)

ش: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>