قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَسُئِلَ السُّيُورِيُّ عَمَّنْ حَلَفَ لَا دَخَلَ الدَّارَ، وَلَا أَكَلَ الطَّعَامَ فِي هَذَا الْعِيدِ فَمَا قَدْرُ الْعِيدِ.؟ فَأَجَابَ الْعِيدُ عَلَى قَدْرِ مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ (قُلْت) أَفْتَى أَشْيَاخُنَا بِتُونُسَ أَنَّ آخِرَهُ فَتْحُ الرُّبْعِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ الْفَتْحُ الْمُعْتَادُ، وَلَا يُنْظَرُ لِتَقَدُّمِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَخُرُوجِ الْجَيْشِ، وَلَا تَأَخُّرِهِ كَحَصَادِ الزَّرْعِ، انْتَهَى.
وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ مَنْ حَلَفَ لَا يُعَيِّدُ مَعَ أَهْلِهِ فَيَخْرُجُ مِنْ بَلَدِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ، وَلَوْ قَرُبَتْ مَسَافَتُهُ، وَلَا يَرْجِعُ إلَّا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي إنْ كَانَ عِيدُ الْفِطْرِ، وَإِنْ كَانَ عِيدُ الْأَضْحَى فَلَا يُجْزِئُ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ الْبُرْزُلِيُّ هَذِهِ سِيرَةُ الْبِلَادِ غَيْرِ تُونُسَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ حَدَّ عِيدِ تُونُسَ فَتْحُ الرُّبْعِ لَا قَبْلَ ذَلِكَ فَيُرْجَعُ إلَى سِيرَةِ كُلِّ بَلَدٍ فِي حَقِّ الْعِيدِ عِنْدَهُمْ، انْتَهَى.
وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهَا لِلْمُتَقَدِّمِينَ، وَهِيَ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ وَنَصُّهَا: وَسُئِلَ أَصْبَغُ عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ حَتَّى إلَى الْعِيدِ فَوَطِئَهَا لَيْلَةَ الْعِيدِ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَ الْفَجْرِ قَالَ: لَا يَطَؤُهَا حَتَّى الْعِيدِ وَبَعْدَ مَا يَنْصَرِفُ الْإِمَامُ، وَإِنْ وَطِئَهَا قَبْلَ ذَلِكَ حَنِثَ، وَالْعِيدُ عِنْدِي انْصِرَافُ الْإِمَامِ قِيلَ لَهُ فَرَجُلٌ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ كَلَامٌ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَدْخُلَ بَيْتَهُ يَوْمَ الْعِيدِ.؟ قَالَ لَا يَدْخُلُ يَوْمَ الْعِيدِ، وَلَا يَوْمَيْنِ بَعْدَهُ، وَذَلِكَ فِي الْفِطْرِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ جَوَابُهُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى الْمَقْصِدِ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ الْحَالِفُ أَرَادَ وَتَرَكَ الِاعْتِبَارَ بِمَا يَقْتَضِيهِ مُجَرَّدُ اللَّفْظِ، فَقَالَ فِي الَّذِي يَحْلِفُ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ حَتَّى إلَى الْعِيدِ أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَنْصَرِفَ النَّاسُ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْوَقْتُ الَّذِي يَتَرَفَّهُ النَّاسُ فِيهِ بِعِيدِهِمْ وَيَسْتَرِيحُونَ فِيهِ مِنْ نَصَبِهِمْ، فَمَنْ حَمَلَ يَمِينَ الْحَالِفِ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى مَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُ يَمِينِهِ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ قَالَ فِي الَّذِي يَحْلِفُ أَنْ لَا يَدْخُلَ بَيْتَهُ يَوْمَ الْعِيدِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ يَوْمَ الْعِيدِ، وَلَا يَوْمَيْنِ بَعْدَهُ فِي الْفِطْرِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ هِيَ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِالسُّكُونِ إلَى أَهْلِهِمْ فِيهَا مِنْ أَجْلِ عِيدِهِمْ وَتَرْكِ التَّصَرُّفِ فِي وُجُوهِ مَعَاشِهِمْ فَحَمَلَ يَمِينَهُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ مُعَاقَبَةَ أَهْلِهِ فِي أَنْ يَحْرِمَهَا مِنْ نَفْسِهِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ مِنْ النَّاسِ بِمِثْلِهِ، وَهُوَ بَيِّنٌ وَعَلَى مَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُ يَمِينِهِ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ إلَّا يَوْمَ الْفِطْرِ وَحْدَهُ، وَقَدْ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ، انْتَهَى.
. ص (وَبِعَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ النُّذُورِ، وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةٌ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَلْقَةً، ثُمَّ يَرْتَجِعْهَا فَتَزُولُ يَمِينُهُ، وَلَوْ ضَرَبَ أَجَلًا كَانَ عَلَى بِرٍّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْنِثَ نَفْسَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ إذَا مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْقَرَافِيُّ فِي كِفَايَةِ اللَّبِيبِ فِي كَشْفِ غَوَامِضِ التَّهْذِيبِ قَوْلُهُ: ثُمَّ أَرَادَ إلَى آخِرِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مُشْكِلَاتِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَلْزَمُ بِعَدَمِ التَّزْوِيجِ، فَالطَّلَاقُ الْمُعَجَّلُ لَا يُحِلُّ الْيَمِينَ وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الزَّوَاجِ فَعَزْمُهُ هَذَا هُوَ حِنْثُهُ فَتَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ لِحِنْثِهِ لَا أَنَّهُ يُنْشِئُهَا وَالْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْفِعْلِ كَتَرْكِ الْفِعْلِ، فَفِي الْجَوَاهِرِ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ فَأَنْتِ عَلِيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَكُونُ مُظَاهِرًا عِنْدَ الْيَأْسِ أَوْ الْعَزْمِ عَلَى تَرْكِ التَّزْوِيجِ، فَجُعِلَ لِعَزْمٍ يَقُومُ مَقَامَ تَعَذُّرِ الْفِعْلِ، فَقَوْلُ الْكِتَابِ طَلَّقَهَا أَيْ تَسَبَّبَ فِي طَلَاقِهَا بِعَزْمِهِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute