عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْمَسْجِدَ لَمْ يَحْنَثْ وَلَيْسَ عَلَى هَذَا حَلَفَ، وَإِنْ دَخَلَ عَلَى جَارِهِ فَوَجَدَهُ عِنْدَهُ حَنِثَ، انْتَهَى.
ص (وَبِدُخُولِهِ عَلَيْهِ مَيِّتًا فِي بَيْتٍ يَمْلِكُهُ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا دَخَلَ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا يَمْلِكُهُ كَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَالَ مَا دَامَ فِي مِلْكِهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ، ثُمَّ إنَّ الْحَالِفَ دَخَلَ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي بَيْتٍ كَانَ يَمْلِكُهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ بِمَوْتِهِ انْتَقَلَ الْمِلْكُ لِلْوَرَثَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَأَصْلُهُ لِابْنِ بَشِيرٍ وَرَاعَى فِي الرِّوَايَةِ كَوْنَهُ لَهُ حَقٌّ يَجْرِي مَجْرَى الْمِلْكِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ حَتَّى يُجَهَّزَ، انْتَهَى. وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ: وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فِي حَيَاتِهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَيِّتًا حَنِثَ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ مِثْلُ قَوْلِ أَصْبَغَ فِي نَوَازِلِهِ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ بَيْتَ فُلَانٍ مَا عَاشَ أَوْ حَتَّى يَمُوتَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ مَاتَ قَبْلَ دَفْنِهِ حَنِثَ قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَحْنَثُ. وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْلَهُ مَا عَاشَ وَحَيَاتَهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ وَقْتًا لِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ إرَادَتِهِ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهِ أَبَدًا فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِحَيَاتِهِ أَوْ مَا عَاشٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْغَايَةُ الَّتِي يَقْصِدُ النَّاسُ بِهَا التَّأْبِيدَ فِي عُرْفِ كَلَامِهِمْ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الرَّجُلِ: لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ، وَلَا آكُلُ هَذَا الطَّعَامَ، وَلَا أُكَلِّمُ فُلَانًا حَيَاتِي أَوْ مَا عِشْت إذَا أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَبَدًا، وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ إتْبَاعُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى، فَقَوْلُ مَالِكٍ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ: لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا أَبَدًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَيِّتًا حَنِثَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ حَيَاتَهُ قَوْلًا وَاحِدًا عَلَى مَا قَالَ فِي أَوَّلِ رَسْمِ الطَّلَاقِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ، وَمَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْهُ، انْتَهَى أَكْثَرُهُ بِاللَّفْظِ، وَمِنْهُ مَا نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ الْبَرَاءِ وَنَصُّهُ: وَسُئِلَ ابْنُ الْبَرَاءِ عَمَّنْ خَطَبَ ابْنَةَ أَخِيهِ لِابْنِهِ مِنْ أَخِيهِ فَلَمْ يُسْعِفْهُ فَحَلَفَ لَا أَحْضُرُهُ فِي فَرَحٍ وَلَا حُزْنٍ فَمَاتَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَهَلْ لِلْحَالِفِ حُضُورُ دَفْنِهِ وَتَكْفِينِهِ وَتَعْزِيَتِهِ أَمْ لَا.؟
فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَحْضُرُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ إذَا قَصَدَ الْحَالِفُ إيلَامَ نَفْسِ أَخِيهِ فِي عَدَمِ اجْتِمَاعِهِ مَعَهُ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِائْتِلَافِ الْقَرَابَةِ فِيهِ، وَإِذَا مَاتَ فَلَا إيلَامَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ: لَا حَاضِرَهُ لَا حَضَرَ كُلَّ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ قَصْدَ الْمُبَاعَدَةِ وَالْقَطِيعَةِ فَحُضُورُ جِنَازَتِهِ هُوَ مِمَّا يُنْسَبُ إلَيْهِ، وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ حَلَفَتْ لَا تَحْضُرُ لِأُخْتِهَا مَحْيًا وَلَا مَمَاتًا فَمَاتَتْ بِنْتُ أُخْتِهَا فَأَرَادَتْ انْتِظَارَهَا عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ لِتُصَلِّيَ عَلَيْهَا وَيَمِينُهَا بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ فَكَرِهَ مَالِكٌ ذَلِكَ لَهَا، وَهِيَ لَمْ تُعَزِّ وَلَمْ تُعَزَّ وَلَمْ تَحْضُرْ مَشْهَدَهَا، وَالْحِنْثُ يَكُونُ بِأَقَلِّ سَبَبٍ فَتَرْكُ ذَلِكَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا حَاضِرَهُ قَوِيٌّ فِي إرَادَةِ الْحَيَاةِ، وَلِمَا عُرِفَ عَادَةً بِإِيلَامِهِ بِعَدَمِ حُضُورِهِ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ قُلْت: عِنْدِي أَنَّهَا تَجْرِي عَلَى مَسْأَلَةِ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا حَيَاتَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَنَصُّ الرِّوَايَةِ يَحْنَثُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَا تَسْمِيَةَ بِاسْمِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَجَازَ مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ الْإِيلَامُ لِقَلْبِهِ، وَقَدْ مَاتَ، فَلَا إيلَامَ.
ص (لَا بِدُخُولِ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُجَامَعَةَ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إثْرَ هَذَا الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَدَارُ جَارِهِ فِي مَسْأَلَةِ إنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا، وَإِنْ دَخَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ عَلَى الْحَالِفِ فَخَافَ مَالِكٌ عَلَيْهِ الْحِنْثَ، وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute