للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُفْعَلَ الْيَوْمَ، وَلَا سِيَّمَا فِي الْمَسَاجِدِ الْجَامِعَةِ فَإِنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ يَعْنِي مِنْ إنْكَارِ الْعَوَامّ وَذَكَرَ حِكَايَةً وَقَعَتْ مِنْ ذَلِكَ أَدَّتْ إلَى قَتْلِ اللَّابِسِ قَالَ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَفْعَلَهُ مِنْ الْعَوَامّ مَنْ لَا يَتَحَفَّظُ فِي الْمَشْيِ بِنَعْلِهِ قَالَ الْأَبِيُّ بَلْ لَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ بِالنَّعْلِ مَخْلُوعَةً إلَّا وَهِيَ فِي كِنٍّ.

وَذَكَرَهُ فِي بَابِ الْبَوْلِ فِي الْمَسْجِدِ أَيْضًا وَذَكَرَ كَرَاهَتَهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الزَّوَاوِيِّ وَأَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى الشَّيْخِ الصَّالِحِ أَبِي عَلِيٍّ الْقَرَوِيِّ إدْخَالَهُ الْأَنْعِلَةَ غَيْرَ مَسْتُورَةٍ وَقَالَ: إنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ أَئِمَّةٌ يُقْتَدَى بِكُمْ فَلَا تَفْعَلْ، وَفِي الْمَدْخَلِ فِي فَصْلِ الْخُرُوجِ إلَى الْمَسْجِدِ: وَيَنْوِي امْتِثَالَ السُّنَّةِ فِي أَخْذِ الْقَدَمِ يَعْنِي النَّعْلَ بِالشِّمَالِ حِينَ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ وَحِينَ خُرُوجِهِ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ وَلَعَلَّهُ يَسْلَمُ مِنْ هَذِهِ الْبِدْعَةِ الَّتِي يَفْعَلُهَا كَثِيرٌ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الْعِلْمِ فَتَرَى أَحَدَهُمْ إذَا دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ يَأْخُذُ قَدَمَهُ بِيَمِينِهِ وَقَلَّ أَنْ يَخْلُوَ أَحَدُهُمْ مِنْ كِتَابٍ فَيَكُونَ الْكِتَابُ فِي شِمَالِهِ فَيَقَعَ فِي مَحْذُورَاتٍ مِنْهَا جَهْلُ السُّنَّةِ فِي مُنَاوَلَةِ كِتَابِهِ وَقَدَمِهِ وَمِنْهَا مُخَالَفَةُ السُّنَّةِ عِنْدَ أَوَّلِ دُخُولِ بَيْتِ رَبِّهِ وَمِنْهَا ارْتِكَابُهُ الْبِدْعَةَ فَيَسْتَفْتِحُ عِبَادَتَهُ بِهَا وَمِنْهَا اقْتِدَاءُ النَّاسِ بِهِ وَمِنْهَا التَّفَاؤُلُ وَهُوَ أَعْظَمُ الْجَمِيعِ فِي أَخْذِ الْكِتَابِ بِالشِّمَالِ، وَيَنْوِي امْتِثَالَ السُّنَّةِ بِأَنْ لَا يَجْعَلَ نَعْلَهُ فِي قِبْلَتِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلَا مِنْ خَلْفِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ خَلْفَهُ يَتَشَوَّشُ فِي صَلَاتِهِ وَقَلَّ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ جَمْعُ خَاطِرِهِ فَإِنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِلطَّهَارَةِ وَقَدْ رُوِيَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ فِي أَبِي دَاوُد صَرِيحًا، وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ النَّهْيُ عَمَّا هُوَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ النُّخَامَةُ مَعَ كَوْنِهَا طَاهِرَةً فَمَا بَالُكَ بِالْقَدَمِ الَّتِي قَلَّ أَنْ يَسْلَمَ فِي الطَّرِيقِ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ فِيهَا فَيَجْعَلُهُ عَلَى يَسَارِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ عَلَى يَسَارِهِ فَلَا يَفْعَلْ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ عَنْ يَمِينِ غَيْرِهِ فَيَجْعَلُهُ إذْ ذَاكَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا سَجَدَ كَانَ بَيْنَ ذَقَنِهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَيَتَحَفَّظُ أَنْ يُحَرِّكَهُ فِي صَلَاتِهِ لِئَلَّا يَكُونَ مُبَاشِرًا لَهُ فِيهَا فَيُسْتَحَبُّ لَهُ لِأَجْلِ هَذَا أَنْ تَكُونَ لَهُ خِرْقَةٌ، أَوْ مَحْفَظَةٌ يَجْعَلُ فِيهَا قَدَمَهُ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ الْأَبِيُّ أَفْتَى بَعْضُهُمْ فِيمَنْ أَزَالَ نَعْلًا عَنْ مَوْضِعٍ وَوَضَعَهُ بِآخَرِ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَقَلَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ حِفْظُهُ وَصَوَّبْتُ هَذِهِ الْفُتْيَا وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

ص (وَعُفِيَ عَمَّا يَعْسُرُ)

ش: لَمَّا ذَكَرَ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَمَا تُطْلَبُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ شَرَعَ فِي ذِكْرِ الْمَعْفُوَّاتِ مِنْ ذَلِكَ، وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَ عِشْرُونَ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَاعِدَةٌ كُلُّ مَأْمُورٍ يَشُقُّ عَلَى الْعِبَادِ فِعْلُهُ سَقَطَ الْأَمْرُ بِهِ وَكُلُّ مَنْهِيٍّ شَقَّ عَلَيْهِمْ اجْتِنَابُهُ سَقَطَ النَّهْيُ عَنْهُ وَالْمَشَاقُّ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَشَقَّةٌ فِي الْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا فَيُعْفَى عَنْهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ طَهَارَةُ الْحَدَثِ، أَوْ الْخَبَثِ تُذْهِبُ النَّفْسَ، أَوْ الْأَعْضَاءَ فَيُعْفَى عَنْهَا إجْمَاعًا، وَمَشَقَّةٌ فِي الْمَرْتَبَةِ السُّفْلَى لَا يُعْفَى عَنْهَا إجْمَاعًا كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فِي الشِّتَاءِ، وَمَشَقَّةٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ فَتَخْتَلِفُ فِي إلْحَاقِهَا بِالْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا فَتُؤَثِّرُ فِي الْإِسْقَاطِ أَوْ بِالْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا فَلَا تُؤَثِّرُ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ يَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِي فُرُوعِ هَذَا الْفَصْلِ وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِ مَا يَنْفَصِلُ مِنْ جَسَدِ مَنْ عُفِيَ عَنْهُ ثُمَّ مَا يُصِيبُهُ مِنْ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ مِنْ نَوْعِهِ كَبَوْلِ الْمُرْضَعِ ثُمَّ مَا يُصِيبُهُ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ وَبَوْلِ فَرَسِ الْغَازِي ثُمَّ مَا يُصِيبُهُ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ كَطِينِ الْمَطَرِ.

ص (كَحَدَثٍ مُسْتَنْكِحٍ)

ش: إطْلَاقُ الْحَدَثِ عَلَى مَا يَسْتَنْكِحُ مَجَازٌ فِقْهِيٌّ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ هُوَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ وَهَذَا رَأْيُ الْعِرَاقِيِّينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ بَوْلَ صَاحِبِ السَّلَسِ كَالْعَدَمِ وَيَشْتَرِطُونَ فِي الْحَدَثِ الصِّحَّةَ وَالِاعْتِيَادَ، وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلًا بِأَنَّ بَوْلَ صَاحِبِ السَّلَسِ حَدَثٌ وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِلْمَشَقَّةِ ذَكَرَهُ فِي فَرَائِضِ الْوُضُوءِ فِي الْكَلَامِ عَلَى النِّيَّةِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَإِطْلَاقُ الْحَدَثِ عَلَى الْمُسْتَنْكِحِ حَقِيقَةٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى - أَعْلَمُ.

وَنَكَّرَهُ لِيَعُمَّ كُلَّ حَدَثٍ وَسَوَاءٌ أَصَابَ الثَّوْبَ، أَوْ الْبَدَنَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَكَانَ فَأَمَّا إنْ أَصَابَهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ إلَى مَكَان طَاهِرٍ. وَأَمَّا إذَا أَصَابَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>