طَاعَةٍ أَمْ لَا؟ انْتَهَى.
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) قَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ إذَا وَجَدَ الِاسْتِطَاعَةَ، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَشْيُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْمَشْيِ إذَا وَجَدَ التَّمَكُّنَ مِنْ ذَلِكَ.
(الثَّانِي) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِحْرَامُهُ مِنْ الْمِيقَاتِ لَا مِنْ مَوْضِعِهِ، انْتَهَى.
(الثَّالِثُ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَاخْتُلِفَ فِي مَشْيِ الْمَنَاسِكِ إذَا نَذَرَ الْحَجَّ، فَقَالَ مَالِكٌ يَمْشِي الْمَنَاسِكَ وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّهُ يَرْكَبُهَا، وَرَجَعَ مَالِكٌ مَرَّةً لِمِثْلِ ذَلِكَ فَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: إنْ جَهِلَ فَرَكِبَ الْمَنَاسِكَ وَمَشَى ذَلِكَ قَابِلًا، فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَمْ يَرَهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَجَزَ فِي الطَّرِيقِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ فِيمَا ظَنَنْتُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ رَأَى أَنَّ مَشْيَهُ الْأَوَّلَ يُجْزِئُهُ وَأَرْخَصَ فِي الرُّكُوبِ إلَى عَرَفَةَ، قَالَ الشَّيْخُ: وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ النَّاذِرَ إنَّمَا قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ فَجَعَلَ غَايَةَ مَشْيِهِ إلَى مَكَّةَ فَلَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الْحَجَّ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مِصْرَ فِي حَجٍّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ إلَّا إلَى مِصْرَ لَمْ يَرْكَبْ وَيَحُجُّ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ فِي حَجٍّ يَمْشِي إلَى مَكَّةَ وَيَرْكَبُ فِيمَا سِوَاهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَشْيَ الْمَنَاسِكِ، وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ يَمْشِي لِرَمْيِ الْجِمَارِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَفَاضَ فَلِعَادَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ، انْتَهَى.
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ إذَا قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ أَوْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ فِي حَجٍّ، وَأَمَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ الْحَجُّ مَاشِيًا فَالظَّاهِرُ لُزُومُ مَشْيِهِ الْجَمِيعَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعُ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَشْيُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، بَلْ اللَّازِمُ لَهُ الْمُضِيُّ إلَيْهَا، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، انْتَهَى. فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْمَسِيرُ إلَيْهَا جَمِيعِهَا فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(الْخَامِسُ) الْقَائِلُ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ هُوَ الْكَعْبَةُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهُ لِاشْتِهَارِهِ، وَانْظُرْ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَالرَّجْرَاجِيَّ وَأَبَا الْحَسَنِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ لِصَلَاةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
. ص (خَرَجَ مَنْ بِهَا وَأَتَى بِعُمْرَةٍ) ش شَمِلَ قَوْلُهُ بِهَا مَنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، فَيَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِعُمْرَةٍ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ خِلَافًا سَوَاءٌ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى الْمَسْجِدِ أَوْ إلَى مَكَّةَ، وَكَذَا مَنْ كَانَ خَارِجَهُ وَنَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ خَارِجَهُ وَنَذَرَ الْمَشْيَ إلَى الْمَسْجِدِ فَذَكَرُوا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ قَوْلَيْنِ، قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا قَالَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ وَهُوَ بِهَا خَرَجَ إلَى الْحِلِّ فَيَأْتِي بِعُمْرَةٍ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ أَنْ يَأْتِيَ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا، وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَوَائِلُ الْحِلِّ، وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْمَسْجِدِ وَهُوَ بِمَكَّةَ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ مِنْ مَوْضِعِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ، وَقَالَ مَرَّةً يَخْرُجُ إلَى الْحِلِّ كَالْأَوَّلِ، وَإِنْ قَالَ وَهُوَ بِالْمَسْجِدِ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ خَرَجَ إلَى الْحِلِّ، ثُمَّ يَدْخُلُ بِعُمْرَةٍ، انْتَهَى. وَقَرِيبٌ مِنْهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَانْظُرْ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الْحِلِّ وَأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ خَرَجَ رَاكِبًا وَمَشَى مِنْ الْحِلِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (مِنْ حَيْثُ نَوَى)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُجَوِّزُ نَذْرَ التَّحْلِيقِ فِي الْمَشْيِ كَنَذْرِ مَدَنِيٍّ مَشْيًا إلَى الْعِرَاقِ أَوْ الشَّامِ، انْتَهَى.
ص (وَلِحَاجَةٍ)
ش: أَيْ نَسِيَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute