للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ، بِخِلَافِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا قَبِلَ مِنْ هَدَايَا عُظَمَاءِ الْكُفَّارِ، وَأَمَّا مَا أَتَتْهُ مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهَا تَكُونُ لَهُ إذَا كَانَ الْحَرْبِيُّ لَا يُخَافُ مِنْهُ، وَأَمَّا الرَّجُلُ مِنْ الْجَيْشِ تَأْتِيهِ الْهَدِيَّةُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ بَعْضِ قَرَابَتِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا اخْتِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي أَنَّهَا لَهُ، انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ.

ص (وَانْتِقَالٌ مِنْ مَوْتٍ لِآخَرَ وَوَجَبَ إنْ رُجِيَ حَيَاةٌ أَوْ طُولُهَا)

ش: قَالَ الْبُرْزُلِيُّ بَعْد أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ: إذَا أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ فَيُذْبَحُ لِإِرَاحَتِهِ مِنْ أَلَمِ الْوَجَعِ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي بَابِ الْمُبَاحِ طَعَامٌ طَاهِرٌ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَذَكَاةِ مَا لَا يُؤْكَلُ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا يَقَعُ بِأَهْلِ الْبَلَايَا مِمَّنْ يَأْخُذُهُمْ الْوُلَاةُ وَيَجْزِمُونَ بِأَنَّهُمْ مَقْتُولُونَ، فَيُرِيدُ أَنْ يَسْتَعْجِلَ الْمَوْتَ بِشُرْبِ السُّمِّ فَيَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ عِزُّ الدِّينِ إذَا رَجَا الْإِنْسَانُ حَيَاةً سَاعَةً فَلَا يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْجَالُ مَوْتِهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي الْأَسْئِلَةِ هَلْ يَجُوزُ لِلْمُكَلَّفِ قَتْلُ نَفْسِهِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ أَتَى مَا يُوجِبُ ذَلِكَ أَوْ يُسْتَحَبُّ أَوْ يَحْرُمُ فَإِذَا فَعَلَ هَلْ يُسَمَّى بِذَلِكَ فَاسِقًا أَوْ مُفْتَاتًا؟ جَوَابُهَا مَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ بِذَنْبٍ مِنْ الذُّنُوبِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ وَسَتْرُهُ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ التَّوْبَةِ أَوْلَى بِهِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ تَطْهِيرَ نَفْسِهِ بِالْقَتْلِ فَلْيُقِرَّ بِذَلِكَ عِنْدَ وَلِيِّ الْقَتْلِ لِيَقْتُلَهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ، فَإِذَا قَتَلَ نَفْسَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ إذَا قَتَلَ نَفْسَهُ قَبْلَ التَّوْبَةِ كَانَ ذَنْبُهُ صَغِيرًا لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَيَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى فَاسِقًا بِالْجَرِيمَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَتْلِ، وَإِنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ فَإِنْ جَعَلْنَا تَوْبَتَهُ مُسْقِطَةً لِقَتْلِهِ فَقَدْ لَقِيَ اللَّهَ فَاسِقًا بِقَتْلِهِ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسًا مَعْصُومَةً، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَسْقُطُ قَتْلُهُ بِتَوْبَتِهِ لَقِيَ اللَّهَ عَاصِيًا لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ إثْمَ مَنْ يَرْتَكِبُ الْكَبَائِرَ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ رُوحًا يَسْتَحِقُّ تَفْوِيتَهَا وَأَزْهَقَ نَفْسًا يَسْتَحِقُّ إزْهَاقَهَا، وَكَانَ الْأَصْلُ يَقْتَضِي أَنْ يَجُوزَ لِكُلِّ أَحَدٍ الْقِيَامُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ، لَكِنَّ الشَّرْعَ فَوَّضَهُ إلَى الْأَئِمَّةِ كَيْ لَا يُوقِعَ الِاسْتِبْدَادُ بِهِ فِي الْفِتَنِ، انْتَهَى.

ص (كَالنَّظَرِ فِي الْأَسْرَى بِقَتْلٍ أَوْ مَنٍّ أَوْ فِدَاءٍ أَوْ جِزْيَةٍ أَوْ اسْتِرْقَاقٍ)

ش: قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>