للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ: أُرِيدُ أَنْ أُنَاكِحَ فُلَانَةَ فَإِنَّهُ يَذْكُرُ لَهُ مَا فِيهَا وَفِيهِ ابْتِغَاءَ النُّصْحِ لَا لِعَدَاوَةٍ فِي الْمُشَاوَرِ فِيهِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ إذَا اُسْتُشِيرَ الْإِنْسَانُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكْشِفَ عَمَّا يَعْلَمُ فِيهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الشَّيْخُ إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَعْرِفُ حَالَ الْمَسْئُولِ عَنْهُ وَإِلَّا فَذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّصِيحَةِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ وَقَدْ قَالَ قَبْلَ هَذَا: وَعَلَيْهِ مُوَالَاةُ الْمُؤْمِنِينَ وَالنَّصِيحَةُ لَهُمْ وَقَدْ نَصَّ عَلَى هَذَا ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: اُنْظُرْ هَلْ يَكْشِفُ لَهُ عَنْ حَالِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشَارَ أَمْ لَا الشَّيْخُ ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَذْكُرُ إذَا سُئِلَ عَنْهُ وَإِلَّا فَهُوَ غِيبَةٌ وَالْغِيبَةُ حَرَامٌ انْتَهَى.

وَمَا ذَكَرَهُ الْجُزُولِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْشِفَ عَمَّا يَعْلَمُ فِيهِ إذَا سُئِلَ عَنْهُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَعْرِفُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْشِفُ عَنْ حَالِهِ إلَّا إذَا سُئِلَ عَنْهُ وَإِلَّا كَانَ غِيبَةً مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ مِنْ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ فَتَأَمَّلْهُ

ص (وَرُكْنُهُ وَلِيٌّ وَصَدَاقٌ وَمَحَلٌّ وَصِيغَةٌ)

ش: الضَّمِيرُ عَائِدٌ لِلنِّكَاحِ يَعْنِي أَنَّ أَرْكَانَ النِّكَاحِ أَرْبَعَةٌ وَكَذَا فَعَلَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَفِي الْحَقِيقَةِ هِيَ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ يَشْمَلُ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ وَقَدْ عَدَّهَا ابْنُ رَاشِدٍ فِي اللُّبَابِ خَمْسَةً وَقَالَ الشَّارِحُ جَعَلَ ابْنُ مُحْرِزٍ الْوَلِيَّ وَالشُّهُودَ وَالصَّدَاقَ شُرُوطًا وَهُوَ أَقْرَبُ مِمَّا هُنَا لَكِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ انْتَهَى.

(قُلْت) ، أَمَّا الْوَلِيُّ وَالزَّوْجَةُ وَالزَّوْجُ وَالصِّيغَةُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا وَلَا يَكُونُ نِكَاحٌ شَرْعِيٌّ إلَّا بِهَا لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ رُكْنَانِ وَالْوَلِيَّ وَالصِّيغَةَ شَرْطَانِ، وَأَمَّا الشُّهُودُ وَالصَّدَاقُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّا فِي الْأَرْكَانِ وَلَا فِي الشُّرُوطِ لِوُجُودِ النِّكَاحِ الشَّرْعِيِّ بِدُونِهِمَا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ شُرِطَ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِيهِ سُقُوطُ الصَّدَاقِ وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الدُّخُولِ الْإِشْهَادُ فَتَأَمَّلْهُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِشْهَادَ فِي الْعَقْدِ مُسْتَحَبٌّ، وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَقَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي قَوْلِ الرِّسَالَةِ: وَصَدَاقُ هَذَا شَرْطُ كَمَالٍ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْهُ لَمْ يَضُرَّ كَالتَّفْوِيضِ نَعَمْ لَوْ تَعَرَّضُوا لِإِسْقَاطِهِ فَسَدَ النِّكَاحُ وَفُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا، فَعُلِمَ أَنَّ ذِكْرَ الصَّدَاقِ أَوْلَى مِنْ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(بِأَنْكَحْت وَزَوَّجْت)

ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الصِّيغَةُ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى التَّأْبِيدِ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَ أَنْكَحْت وَزَوَّجْت وَمَلَّكْت وَبِعْت وَكَذَلِكَ وَهَبْت بِتَسْمِيَةِ صَدَاقٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصِّيغَةِ نَحْوُهُ فِي ابْنِ شَاسٍ: وَمُقْتَضَاهُمَا أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْأَشْرَافِ وَكَذَلِكَ فِي الِاسْتِذْكَارِ وَالنِّكَاحُ يَفْتَقِرُ إلَى التَّصْرِيحِ لِيَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ انْتَهَى.

وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ وَفِي اللُّبَابِ الصِّيغَةُ مِنْ الْوَلِيِّ لَفْظُ إلَخْ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَنْ يُمْكِنُهُ النُّطْقُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّالِّ عَلَى الْقَبُولِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ وَفِي كِتَابِ الْحِمَالَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَا فُهِمَ عَنْ الْأَخْرَسِ أَنَّهُ فَهِمَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ، أَوْ غَيْرِهَا لَزِمَهُ انْتَهَى.

(الثَّانِي) لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِهَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَهُ غَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ لَفْظِ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: صِيغَتُهُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَفْظِ التَّزْوِيجِ وَالْإِنْكَاحِ انْتَهَى فَأَتَى بِالْمَصْدَرِ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: زَوِّجْنِي فَيَقُولُ: فَعَلْت، اُنْظُرْ جَعَلَ لَفْظَ الْمُسْتَقْبَلِ فِي النِّكَاحِ الْمَاضِي وَمِثْلُهُ فِي إرْخَاءِ السُّتُورِ وَإِذَا قَالَتْ لَهُ: اخْلَعْنِي وَلَك أَلْفٌ فَقَالَ: قَدْ فَعَلْت لَزِمَهَا ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ بَعْدَ قَوْلِهَا الْأَوَّلِ شَيْئًا انْتَهَى.

وَسَيَأْتِي لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ بِكَمَالِهِ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فَإِنْ قُلْت أَنْكَحْت وَنَكَحْت خَبَرٌ عَنْ شَيْءٍ وَقَعَ فِي الْمَاضِي وَكَلَامُنَا فِي لَفْظٍ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الصِّيَغِ الْإِنْشَاءُ وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ الْمَاضِي، وَالْإِنْشَاءُ سَبَبٌ لِوُقُوعِ مَدْلُولِهِ كَقَوْلِ الْحَاكِمِ حَكَمْت

<<  <  ج: ص:  >  >>