للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاخْتُلِفَ فِي اللِّعَانِ أَيْضًا كَذَلِكَ وَيُحْتَاجُ إلَى هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إذَا كَذَّبَ نَفْسَهُ بَعْدَ اللِّعَانِ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَتَرْجِعُ إلَيْهِ عَلَى نِكَاحٍ مُبْتَدَإٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فَسْخٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ طَلَاقٌ تَرْجِعُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ انْتَهَى وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُرْتَدِّ مِنْ أَنَّ ارْتِدَادَهُ هَلْ هُوَ فَسْخٌ، أَوْ طَلَاقٌ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ طَلَاقٌ كَمَا سَيَأْتِي، ثُمَّ قَالَ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَصْلٌ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَالَّتِي تُزَوَّجُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا وَكَانَ الْوَلِيُّ بِالْخِيَارِ فِي إجَازَتِهِ وَرَدِّهِ فَرَدَّهُ فَإِنَّهُ طَلَاقٌ وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ؛ كَانَتْ الْفُرْقَةُ فَسْخًا سَوَاءٌ طَلَّقَ بِنَفْسِهِ، أَوْ طُلِّقَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ كَانَ فِيهِ قَوْلَانِ: قَالَ مَالِكٌ: مَرَّةً يَكُونُ فَسْخًا وَقَالَ: مَرَّةً طَلَاقًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْفَسَادُ مِنْ قِبَلِ الْعَقْدِ، أَوْ الصَّدَاقِ، أَوْ مِنْهُمَا جَمِيعًا انْتَهَى مِنْ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مُخْتَصَرًا، وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَقَالَ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي: بَابُ الْحُكْمِ فِي الصَّدَاقِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، أَوْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا، وَلَا صَدَاقَ لَهَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إذَا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ إذَا كَانَ الْفَسَادُ فِي الصَّدَاقِ وَكَذَا إنْ كَانَ الْفَسَادُ فِي الْعَقْدِ وَكَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، وَكَذَا إنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَفُسِخَ بِحُكْمٍ، أَوْ تَفَاسَخَاهُ وَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهِ فَمَنْ لَمْ يُرَاعِ الْخِلَافَ وَلَا قَوْلَ مَنْ رَأَى جَوَازَهُ؛ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا صَدَاقًا وَلَا مِيرَاثًا إنْ مَاتَ وَيَلْزَمُ مَنْ رَاعَى الْخِلَافَ وَجَعَلَ فِيهِ الْمِيرَاثَ وَأَلْزَمَ الطَّلَاقَ أَنْ يَجْعَلَ لَهَا نِصْفَ تِلْكَ التَّسْمِيَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ كَانَ فَسَادُهُ مِنْ قِبَلِ صَدَاقِهِ فَمَاتَ قَبْلَ الْبِنَاءِ: لَهَا الصَّدَاقُ وَالْمِيرَاثُ وَلَمْ يُجْعَلْ لَهَا شَيْءٌ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ انْتَهَى.

فَفِي كَلَامِهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ يَكُونُ فَسْخًا وَسَوَاءٌ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ فِي الزَّوْجِ بِاخْتِيَارِهِ، أَوْ فُرِّقَ عَلَيْهِ جَبْرًا وَفِي كَلَامِهِ الثَّانِي أَنَّ تَفَاسُخَهُمَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ وَهُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى الْإِمَامِ إلَّا أَنْ لَا يَرْضَى الزَّوْجُ بِالْفِرَاقِ فَإِذَا كَانَ النِّكَاحُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَتَرَاضَيَا عَلَى فَسْخِهِ انْفَسَخَ وَسَوَاءٌ فَسَخَاهُ بِلَفْظِ الْفَسْخِ، أَوْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَهُوَ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَمِنْ وَقْتِ الْمُفَاسَخَةِ تَكُونُ الْعِدَّةُ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا بُدَّ مِنْ إشْهَادِهِمَا عَلَى الْفَسْخِ لِتَشْهَدَ لَهُمَا الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ إنْ رَفَعَا إلَى الْحَاكِمِ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنْ امْتَنَعَا، أَوْ الزَّوْجُ مِنْ الْفَسْخِ؛ رَفَعَاهُ إلَى الْحَاكِمِ، وَفَسَخَهُ حِينَئِذٍ الْحَاكِمُ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَفَسَخَهُ الزَّوْجُ بِطَلَاقٍ؛ فَلَا شَكَّ فِي لُزُومِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَإِنْ طَلَّقَ فِيهِ ظَانًّا أَنَّهُ صَحِيحٌ كَفَاهُ ذَلِكَ وَلَا تَكُونُ فِيهِ رَجْعَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الرَّجْعَةِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهُ فَسْخًا بِغَيْرِ طَلَاقٍ بِأَنْ قَالَ فَسَخْتُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، أَوْ تَرَكْنَا هَذَا النِّكَاحَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْفَسْخُ وَكَانَ طَلَاقًا عَلَى ظَاهِرِ مَا قَالَهُ فِي بَابِ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ مِنْ إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنْ يُقَلِّدَا مَنْ يَقُولُ بِأَنَّهُ فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إنَّهُمَا إذَا قَلَّدَا مَنْ يَرَى صِحَّةَ هَذَا النِّكَاحِ؛ فَإِنَّهُمَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ مَنْقُولًا مِنْ بَابِ الْخُلْعِ وَنَصُّ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُشَارِ إلَيْهِ: وَإِنْ انْكَشَفَ بَعْدَ الْخُلْعِ أَنَّ بِهَا جُنُونًا، أَوْ جُذَامًا، أَوْ بَرَصًا؛ كَانَ لَهُ مَا أَخَذَ وَتَمَّ الْخُلْعُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ وَلَوْ تَرَكَهَا أَيْضًا بِغَيْرِ الْخُلْعِ لَمَّا غَرَّتْهُ؛ كَانَ فَسْخًا بِغَيْرِ طَلَاقٍ انْتَهَى بِلَفْظِهِ وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ فِي بَابِ الْعِدَّةِ

قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيَجِبُ عَلَى الْحُرَّةِ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ كُلِّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ بَعْدَ الدُّخُولِ مِنْ حِينِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ نِكَاحٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، أَوْ لَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ اللَّخْمِيُّ وَقِيلَ: يَكْفِي فِي الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ حَقِيقَةً وَقَوْلُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ شَيْءٌ؛ فَأَحْرَى الْفَاسِدُ، وَقَالَ: مِنْ حِينِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ النِّكَاحَ الْمُجْمَعَ عَلَى فَسَادِهِ لَمَّا كَانَتْ الْفُرْقَةُ فِيهِ لَا تَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ كَانَتْ فِي كُلِّ وَقْتٍ كَالْأَجْنَبِيَّةِ فَتَكُونُ الْعِدَّةُ مِنْ آخِرِ وَطْءٍ وَقَوْلُهُ: ثَلَاثُ حِيَضٍ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ، أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ انْتَهَى.

وَنَحْوُهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>