للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ فَتْحُونٍ وَحَكَى أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا الْوَلِيدِ كَانَ يَأْخُذُ بِهَذَا الْقَوْلِ وَيُكَلِّفُ إثْبَاتَ الْكَفَاءَةِ عِنْدَهُ وَيَقُولُ: إنْ كَانَتْ تَمْلِكُ نَفْسَهَا فَإِنَّهَا إذَا دَعَتْ إلَى غَيْرِ كُفْءٍ لَا يَلْزَمُنِي أَنْ أُعِينَهَا عَلَى ذَلِكَ اهـ. وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ ذَكَرَ فَتْوَى ابْنِ زَرْبٍ وَأَنَّهَا فِي صَفَرِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَذَكَرَ كَلَامَ أَصْبَغَ فِي النَّوَادِرِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ فِي الْوَصِيِّ وَنَحْوِهِ فِي آخِرِ نَوَازِلِهِ اهـ.

وَفِي تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ فِي أَوَّلِ سُورَةِ النُّورِ قَالَ ابْن خويز مَنْدَادٍ: مَنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالزِّنَا، أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْفُسُوقِ مُعْلِنًا بِهِ فَتَزَوَّجَ إلَى أَهْلِ بَيْتِ سِتْرٍ وَغَرَّهُمْ مِنْ نَفْسِهِ فَلَهُمْ الْخِيَارُ فِي الْبَقَاءِ مَعَهُ وَفِرَاقِهِ وَذَلِكَ كَعَيْبٍ مِنْ الْعُيُوبِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَنْكِحُ الزَّانِي الْمَجْلُودُ إلَّا مِثْلَهُ» قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ: وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمَجْلُودَ لِاشْتِهَارِهِ بِالْفِسْقِ وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِالْفُسُوقِ فَلَا اهـ.

وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: لَا خِلَافَ مَنْصُوصٌ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ وَلِمَنْ قَامَ لَهَا فَسْخُ نِكَاحِ الْفَاسِقِ مُرَادُهُ الْفَاسِقُ بِجَوَارِحِهِ فَزَوَاجُ الْوَالِدِ مِنْ الْفَاسِقِ لَا يَصِحُّ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَفِي التَّبْصِرَةِ وَإِنْ كَانَ كَسْبُهُ حَرَامًا، أَوْ كَثِيرَ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْحِنْثُ وَالتَّمَادِي مَعَهَا فَإِنْ فَعَلَ؛ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا وَيُمْنَعُ مِنْ تَزْوِيجِهَا مَنْ يَشْرَبْ الْخَمْرَ؛ لِأَنَّهُ يَدْعُوهَا إلَى ذَلِكَ انْتَهَى مِنْ تَسْهِيلِ الْأُمَّهَاتِ وَمُرَادُهُ بِالتَّبْصِرَةِ تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ وَتَسْهِيلِ الْأُمَّهَاتِ شَرْحُ وَالِدِهِ عَلَى الْمُهِمَّاتِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ: وَلَا يَخْطُبُ أَحَدٌ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا خَطَبَهَا الْفَاسِقُ رَكَنَتْ إلَيْهِ وَلِلصَّالِحِ أَنْ يَخْطُبَهَا وَهُوَ أَحَقُّ.

(قُلْت) إنَّمَا يَجِيءُ هَذَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ نِكَاحَ الْفَاسِقِ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِلَّا فَمَتَى قُلْنَا بِالْقَوْلِ الْآخَرِ فَمَا بَيْنَهُمَا صِيغَةُ أَفْعَلَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهَذَا فِي الْفَاسِقِ بِالْجَوَارِحِ، وَأَمَّا الْفَاسِقُ بِالِاعْتِقَادِ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ مَالِكٌ لَا يُزَوِّجُ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ وَلَا يُزَوَّجُونَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إنَّهُ يُفْسَخُ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا تَوَقُّفُ الشَّيْخِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْفَاسِقِ بِجَوَارِحِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى فَسْخِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَنْكِحَةِ وَيُشَارِكُ الْقَدَرِيَّ مَنْ يُسَاوِيهِ فِي الْبِدْعَةِ اهـ.

وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا نُزَوِّجُ إلَى الْقَدَرِيَّةِ يَعْنِي أَنَّهُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ الْوَاقِعُ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَبَيْنَهُمْ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِتَكْفِيرِهِمْ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ فُسَّاقٌ فَهُمْ كَالْفَاسِقِ بِجَوَارِحِهِ وَأَشَدُّ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّهَا إلَى اعْتِقَادِهِ وَمَذْهَبِهِ، وَلَا يُتَزَوَّجُ مِنْهُمْ، وَلَا يُزَوَّجُونَ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي الْقَدَرِيَّةِ جَارٍ فِيمَنْ يُسَاوِيهِمْ فِي الْبِدْعَةِ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ مَالِكًا تَلَا قَوْله تَعَالَى {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} [البقرة: ٢٢١] وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ تَكْفِيرَهُمْ اهـ. مِنْ تَسْهِيلِ الْأُمَّهَاتِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ فِي الْفَصْلِ الَّذِي فِي بَيَانِ مَا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَمَا لَا يَفْتَقِرُ: أَنَّ مِنْ الطَّلَاق الَّذِي يُوقِعُهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَرْأَةِ وَإِنْ كَرِهَتْ إيقَاعَهُ نِكَاحَهَا الْفَاسِقَ اهـ. بِالْمَعْنَى، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فَاسِقًا بِالْجَوَارِحِ، أَوْ بِالِاعْتِقَادِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُفْسَخُ مُطْلَقًا بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَبْلَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّهُ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ الطَّلَاقِ الَّذِي يُوقِعُهُ الْحَاكِمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَمَّا الْحَالُ فَلَا إشْكَالَ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ إسْقَاطَهُ وَإِذَا عُلِمَ هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ: وَلَهَا وَلِلْوَلِيِّ تَرْكُهَا لَيْسَ رَاجِعًا إلَى الدِّينِ

ص (وَلِلْأُمِّ التَّكَلُّمُ إلَخْ)

ش: أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْحَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>