للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص (فَصْلٌ الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ الْعِلْمُ أَوْ لَمْ يَرْضَ أَوْ لَمْ يَتَلَذَّذْ)

ش: أَيْ: يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ لِعَيْبِ صَاحِبِهِ وَلَوْ كَانَ بِهِ ذَلِكَ الْعَيْبُ أَوْ غَيْرُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّجْرَاجِيُّ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ الْعُيُوبُ بِهِمَا جَمِيعًا فَاطَّلَعَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى عَيْبِ صَاحِبِهِ كَانَ مِنْ جِنْسِ عَيْبِ صَاحِبِهِ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقِيَامُ بِمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ بِهِ انْتَهَى. وَانْظُرْ قَوْلَهُ وَيَظْهَرُ بِهِ لَعَلَّهُ وَيُطَلِّقُ بِهِ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَإِنْ كَانَا مَعِيبَيْنِ بِجِنْسَيْنِ فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارُ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَإِنْ كَانَا بِجِنْسٍ وَاحِدٍ فَفِيهِ نَظَرٌ، قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى. وَعَلَيْهِ اُقْتُصِرَ فِي الشَّامِلِ " وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلصَّحِيحِ مِنْهُمَا الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ الْعِلْمُ بِعَيْبِ صَاحِبِهِ قَبْلَ عَقْدِهِ أَوْ حِينَهُ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ، وَإِنْ سَبَقَ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ.

وَإِنْ عَقَدَ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ الْعِلْمُ ثُمَّ عَلِمَ فَلَهُ الْخِيَارُ مَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مَا لَمْ يَرْضَ بِصَرِيحِ الْقَوْلِ.

وَإِنْ عَقَدَ أَوْ مَا لَمْ يَتَلَذَّذْ بِصَاحِبِهِ (وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِإِسْقَاطِ لَمْ اكْتِفَاءً بِالْعَطْفِ) ، وَعُلِمَ مِنْ حِلِّ النِّكَاحِ أَنَّ التَّلَذُّذَ لَا يُسْقِطُ الْخِيَارَ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ، وَإِنْ بَنَى قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ فَلَمَّا عَلِمَ أَمْسَكَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ انْتَهَى. وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ: وَمَعَ الرَّدِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ إلَخْ.

وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنَّمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ (وَمَعَ الرَّدِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَنَّ أَحَدَ الْأُمُورِ كَافٍ فِي إسْقَاطِ الْخِيَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت، وَكَأَنَّهُ حَاوَلَ أَنْ يُحَاذِيَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَمْ تُوَفِّ الْعِبَارَةُ بِمَا قَصَدَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَالْعَيْبُ: الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَدَاءُ الْفَرْجِ مَا لَمْ يَرْضَ بِقَوْلٍ أَوْ تَلَذُّذٍ أَوْ تَمْكِينٍ أَوْ سَبَقَ عِلْمٌ بِالْعَيْبِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى حَصْرِ دَلَائِلِ الرِّضَا فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ السَّلِيمَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَمْ لَا، فَالْأَوَّلُ: هُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ سَبَقَ عِلْمٌ بِالْعَيْبِ) وَالثَّانِي: وَهُوَ الَّذِي مَا عَلِمَ إلَّا بَعْدَ الْعَقْدِ إمَّا أَنْ يُعْلَمَ رِضَاهُ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ لَا قَوْلَ وَلَا فِعْلَ وَهُوَ التَّرْكُ وَالْقَوْلُ ظَاهِرٌ وَالْفِعْلُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّضَا بِهِ ارْتِبَاطٌ وَهُوَ التَّلَذُّذُ وَالتَّرْكُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ تَرْكًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ تَرْكًا مُضَافًا وَهُوَ التَّمْكِينُ مِنْ التَّلَذُّذِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَعَيْبُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ جَاهِلًا بِهِ الْآخَرُ وَلَا يَرْضَى بِهِ يُوجِبُ خِيَارَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالرِّضَا وَاضِحٌ وَدَلِيلُهُ مِثْلُهُ أَبُو عُمَرَ تَلَذُّذُهُ بِهَا عَالِمًا بِهِ رِضًا وَفِيهَا تَمْكِينُهَا إيَّاهُ عَالِمَةً بِعَيْبِهِ رِضًا.

(قُلْت) وَتَقَدَّمَ دَلِيلُ اخْتِيَارِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَفِي الطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ نَظَرٌ، وَدَلِيلُ اخْتِيَارِ الْأَمَةِ فِي الْخِيَارِ مِمَّا يَتَأَتَّى مِنْهُ فِي الزَّوْجَةِ رِضًا مِنْهُ انْتَهَى.

ص (وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ)

ش: أَيْ: فَإِنْ ادَّعَى صَاحِبُ الْعَيْبِ عَلَى السَّلِيمِ أَنَّهُ عَلِمَ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ رَضِيَ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِقَوْلٍ أَوْ تَلَذَّذَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى دَعْوَاهُ حَلَفَ السَّلِيمُ عَلَى نَفْيِهِ أَيْ: نَفْيِ مَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِهِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ: فَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ مَسَّهَا أَوْ تَلَذَّذَ مِنْهَا بَعْدَ الْعِلْمِ فَأَنْكَرَ حَلَفَ وَصُدِّقَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَصُدِّقَتْ وَإِنْ لَمْ تَدَّعِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ انْتَهَى.

وَفِي الشَّامِلِ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ إنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ الْعِلْمُ وَالرِّضَا وَنَحْوُهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ تَنَازَعَا فِي بَرَصٍ بِمَوْضِعٍ خَفِيٍّ عَلَى الرَّجُلِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ الْمُتَيْطِيُّ.

عَنْ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ إنْ قَالَتْ عَلِمَ عَيْبِي حِينَ الْبِنَاءِ وَأَكْذَبَهَا وَذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِشَهْرٍ وَنَحْوِهِ صُدِّقَتْ مَعَ يَمِينِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ خَفِيًّا كَبَرَصٍ بِبَاطِنِ جَسَدِهَا وَنَحْوِهِ فَيُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ وَهَذَا مَا لَمْ يَخْلُ بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَهَا فَإِنْ فَعَلَ سَقَطَ قِيَامُهُ وَإِنْ نَكَلَ حَيْثُ يُصَدَّقُ حَلَفَتْ وَسَقَطَ خِيَارُهُ انْتَهَى. وَانْظُرْ لَوْ نَكَلَتْ هِيَ أَيْضًا مَا الْحُكْمُ أَوْ نَكَلَتْ حِينَ تُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهَا هَلْ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ الْخِيَارَ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا نَكَلَ هُوَ أَيْضًا فَإِنِّي لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ الْآنَ نَصًّا " وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ".

ثُمَّ شَرَعَ يَذْكُرُ الْعُيُوبَ الَّتِي يُرَدُّ بِهَا بِشَرْطٍ وَغَيْرِ شَرْطٍ وَاَلَّتِي لَا يُرَدُّ بِهَا إلَّا بِشَرْطٍ، وَالْأُولَى: هِيَ أَرْبَعَةٌ فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>