للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَدَاقَ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الرَّجُلِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الرَّادُّ أَوْ هِيَ الرَّادَّةُ، أَمَّا إنْ كَانَ هُوَ الرَّادُّ فَلَا خِلَافَ فِيهِ إلَّا أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فِيمَا إذَا زَوَّجَ الْبِكْرَ أَبُوهَا أَوْ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِعَيْبِهَا قَدْ يُقَالُ: يَجِبُ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى وَلِيِّهَا وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ هِيَ الرَّادَّةُ فَاَلَّذِي تَقَدَّمَ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (كَغُرُورٍ بِحُرِّيَّةٍ)

ش: لَا شَكَّ أَنَّهُ يَشْمَلُ أَرْبَعَ صُوَرٍ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ: تَزْوِيجُ الْحُرِّ الْأَمَةَ وَالْحُرَّةِ الْعَبْدَ مِنْ غَيْرِ تَبْيِينٍ فَأَحْرَى إذَا شَرَطَ أَنَّهَا حُرَّةٌ أَوْ شَرَطَتْ هِيَ أَنَّهُ حُرٌّ نَصَّ عَلَيْهِمَا فِي النَّوَادِرِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى إحْدَاهُمَا، الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ: إذَا غَرَّ الْعَبْدُ الْأَمَةَ بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ غَرَّتْ الْأَمَةُ الْعَبْدَ بِالْحُرِّيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُمَا مَفْهُومَانِ مِنْ عُمُومِ كَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَبَعْدَهُ فَمَعَ عَيْبِهِ الْمُسَمَّى)

ش: سَوَاءٌ كَانَ عَيْبُهُ أَحَدَ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ أَوْ غَيْرَهَا إنْ شَرَطَ السَّلَامَةَ مِنْهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْغُرُورِ، وَكَذَلِكَ إنْ غَرَّ الْعَبْدُ الْحُرَّةَ بِالْحُرِّيَّةِ لَهَا الْمُسَمَّى إنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي التَّزْوِيجِ ابْتِدَاءً أَوْ أَجَازَهُ لَمَّا أَنْ عَلِمَ بِهِ، قَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَمَنْ أَذِنَ لِعَبْدٍ فِي النِّكَاحِ فَنَكَحَ حُرَّةً وَلَمْ يُخْبِرْهَا وَأَجَازَهُ السَّيِّدُ فَلَهَا أَنْ تَفْسَخَهُ وَلَهَا الْمُسَمَّى إنْ بَنَى وَلَا قَوْلَ لِلسَّيِّدِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَجَازَهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْنِ فَلَا شَيْءَ لَهَا انْتَهَى مِنْ بَابِ نِكَاحِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ.

وَقَالَ فِي بَابِ الْمَغْرُورَةِ بِالْعَبْدِ وَإِنْ غَرَّ عَبْدٌ حُرَّةً بِأَنَّهُ حُرٌّ فَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ عِلْمِ سَيِّدِهِ ثُمَّ عَلِمَ فَأَجَازَ فَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ فَارَقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ بَنَى فَلَهَا الصَّدَاقُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهَا: إنِّي حُرٌّ وَلَا عَبْدٌ فَلَهُمَا الْخِيَارُ أَبَدًا وَهُوَ غَارٌّ حَتَّى يُخْبِرَهَا أَنَّهُ عَبْدٌ انْتَهَى.

وَأَمَّا الْعَبْدُ يَغُرُّ الْأَمَةَ فَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ: إنَّ لَهَا الْمُسَمَّى إلَّا أَنَّهُ لَازِمٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْخِيَارَ لَهَا إذَا غَرَّهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَانْظُرْ لَوْ غَرَّ رَجُلٌ غَيْرَ الزَّوْجِ الْحُرَّةَ أَوْ الْأَمَةَ وَقَالَ لَهَا: تَزَوَّجِي هَذَا فَإِنَّهُ حُرٌّ فَلَمْ أَرَ مَنْ نَصَّ عَلَيْهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غُرُورٌ بِالْقَوْلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَعَلَى غَارٍّ غَيْرِ وَلِيٍّ ".

ص (وَمَعَهَا رَجَعَ بِجَمِيعِهِ لَا بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى وَلِيٍّ لَمْ يَغِبْ كَابْنٍ وَأَخٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا)

ش: يَعْنِي: وَأَمَّا لَوْ اخْتَارَ بَعْدَ الْبِنَاءِ حَالَةَ كَوْنِ الْعَيْبِ مَعَهَا وَكَذَلِكَ إذَا غَرَّهُ الْوَلِيُّ بِالْحُرِّيَّةِ لَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ وَيَرْجِعُ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى الْوَلِيِّ وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَمَّا الْحُرُّ فَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: إذَا غَرَّ الْوَلِيُّ الزَّوْجَ بِأَنَّهَا حُرَّةٌ فَظَهَرَتْ أَنَّهَا أَمَةٌ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْوِلَادَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَلِيِّ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَلِيِّ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَمْ يَغُرَّ إلَّا فِي النِّكَاحِ انْتَهَى. وَأَمَّا الْعَبْدُ فَفِي النَّوَادِرِ فِي بَابِ الْغَارَّةِ وَإِنْ غَرَّتْ أَمَةٌ عَبْدًا بِأَنَّهَا حُرَّةٌ فَسَيِّدُهَا يَسْتَرِقُّ وَلَدَهَا وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ بِالْمَهْرِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَغُرَّهُ أَحَدٌ رَجَعَ عَلَيْهَا بِالْفَضْلِ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا انْتَهَى.

وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ " لَمْ يَغِبْ " هَذَا رَاجِعٌ إلَى غُرُورِ الْمَرْأَةِ بِالْعَيْبِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا أَوْ خَفِيًّا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ " لَمْ يَغِبْ " أَنَّهُ لَوْ غَابَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَفْهُومُ مَعْنَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَغِيبَ الْوَلِيُّ غَيْبَةً طَوِيلَةً ثُمَّ يَقْدُمُ مِنْ غَيْبَتِهِ فَيَعْقِدَ نِكَاحَ وَلِيَّتِهِ كَذَا صَوَّرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إذَا غَابَ الْوَلِيُّ بِحَيْثُ يُظَنُّ خَفَاءُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَلِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ حَبِيبٍ وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْغُرْمُ وَيَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَيَتْرُكُ لَهَا رُبْعَ دِينَارٍ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ يَمِينِهِ عَلَى جَهْلِهِ بِذَلِكَ انْتَهَى بِالْمَعْنَى وَشُهِرَ هَذَا الْقَوْلُ فِي الشَّامِلِ.

(فَرْعٌ) وَإِنْ زَوَّجَهَا الْأَخُ وَهِيَ بِكْرٌ بِإِذْنِ الْأَبِ فَالْغُرْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>