للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وِلَايَتِهِ قِيَاسًا عَلَى الْبِكْرِ، وَمِثْلُ الْأَبِ الْوَصِيُّ فِيمَنْ فِي وِلَايَتِهِ مِنْ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ مُوَلًّى عَلَيْهَا، وَأَمَّا الثَّيِّبُ الَّتِي لَيْسَتْ فِي وِلَايَةِ أَبِيهَا فَهُوَ فِي حَقِّهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَكَذَا سَائِرُ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرَ الْأَبِ فِي الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ إذَا خَالَفَتْهُمْ الْمَرْأَةُ أَوْ وَافَقَتْهُمْ وَكَانَتْ سَفِيهَةً، وَيُقَيَّدُ أَيْضًا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا كَانَ فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ مَا ادَّعَاهُ وَفَاءٌ بِقَدْرِ مَهْرِهَا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَابْنِ سَلْمُونٍ، وَأَصْلُهُ لِابْنِ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَأَصْبَغَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَقِيَ وَفَاءٌ فَنُقِلَ فِي الْوَاضِحَةِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَيْضًا وَيُحْضِرُ مَا قَبَضَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ وَفَصَّلَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إنْ عُرِفَ أَصْلُ مَا ادَّعَاهُ لَهُ أَخْذُهُ أَيْضًا وَاتُّبِعَ بِوَفَاءِ الْمَهْرِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ لَهُ فَإِنَّمَا يُصَدَّقُ فِيمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْوَفَاءِ بِهِ وَيَتَّضِحُ لَك جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ بِالْوُقُوفِ عَلَى كَلَامِ الْوَاضِحَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهَا قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي أَثْنَاءِ تَرْجَمَةِ مَا جَاءَ فِي مُهُورِ النِّسَاءِ.

: وَإِنْ ادَّعَى الْأَبُ بَعْضَ مَا جَهَّزَ بِهِ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ بَعْدَ دُخُولِهَا عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ لَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يُعْطِهَا إيَّاهُ وَإِنَّمَا كَانَ عَارِيَّةً مِنْهُ لَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إذَا كَانَ فِيمَا سَاقَتْ الِابْنَةُ إلَى زَوْجِهَا وَفَاءً بِمَا أَعْطَاهَا سِوَى هَذَا الَّذِي يَدَّعِيهِ الْأَبُ عُرِفَ ذَلِكَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ أَقَرَّتْ الِابْنَةُ أَوْ لَمْ تُقِرَّ مَا لَمْ يَطُلْ زَمَانُ ذَلِكَ جِدًّا وَلَا أَرَى السَّنَةَ طُولًا قَالَ: وَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ابْنَتِهِ الثَّيِّبِ؛ لِأَنَّ مَالَهَا فِي يَدِهَا وَفِي وِلَايَتِهَا وَلَا قَضَاءَ لِلْأَبِ فِيهِ وَلَا قَوْلَ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ فِي مَالِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكَذَلِكَ الْوَلِيُّ مَعَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ أَيْ: وَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ فَقَطْ وَهَكَذَا أَوْضَحَ لِي مَنْ كَاشَفْت عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا سَاقَتْ بَعْدَ دَعْوَاهُ الْعَارِيَّةَ كَفَافًا لِمَا أَصْدَقَ الزَّوْجُ حَلَفَ الْأَبُ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ وَكَانَ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَعَلَى الْأَبِ أَنْ يُحْضِرَ مَا قَبَضَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ غَيْرَ الْعَارِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ انْتَهَى.

. وَقَوْلُهُ " كَالْأَجْنَبِيِّ فِي مَالِ الْأَجْنَبِيَّةِ " يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ الْمَالِ لَهُ فَيَكُونُ لَهُ أَخْذُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةَ عَشَرَ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ قُلْت يَعْنِي لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَلَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ رَجُلًا فَأَدْخَلَهَا عَلَيْهِ وَمَضَى لِدُخُولِهَا حِينٌ ثُمَّ قَامَ الْأَبُ فَادَّعَى بَعْضَ مَا جَهَّزَهَا بِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ عَارِيَّةً مِنْهُ لِيُجَمِّلَهَا بِهِ وَصَدَّقَتْهُ الِابْنَةُ أَوْ أَنْكَرَتْ مَا ادَّعَى وَزَعَمَتْ أَنَّهُ لَهَا وَمِنْ جِهَازِهَا فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَبِ إذَا قَامَ بِحِدْثَانِ مَا ابْتَنَى الزَّوْجُ بِهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَقَالٌ، وَالْأَبُ مُصَدَّقٌ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِ الِابْنَةِ فِي ذَلِكَ وَلَا إقْرَارِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ عَمَلِ النَّاسِ مَعْرُوفٌ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِمْ يَسْتَعِيرُونَ الْمَتَاعَ يَتَجَمَّلُونَ بِهِ وَيُكْثِرُونَ بِذَلِكَ الْجِهَازَ إذَا كَانَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمَتَاع وَفَاءٌ بِالْمَهْرِ فَإِذَا كَانَ هَذَا فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَقَالٌ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَتَاعُ مَعْرُوفًا أَصْلُهُ لِلْأَبِ أَوْ غَيْرَ مَعْرُوفٍ هُوَ فِيهِ مُصَدَّقٌ إذَا كَانَ فِيمَا بَقِيَ وَفَاءٌ بِالْمَهْرِ.

(قُلْت) فَإِذَا كَانَ قِيَامُ الْأَبِ بِحِدْثَانِ دُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا وَكَانَ أَصْلُ الْمَتَاعِ مَعْرُوفًا لِلْأَبِ وَلَيْسَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْجِهَاز مَا فِيهِ وَفَاءٌ بِالْمَهْرِ قَالَ: فَهُوَ لِلْأَبِ إذَا عَرَفَ أَصْلَهُ لَهُ وَيَتْبَعُ الزَّوْجُ الْأَبَ بِوَفَاءِ الصَّدَاقِ حَتَّى يُتِمَّ لَهُ مِنْ الْجِهَازِ لِابْنَتِهِ مَا فِيهِ وَفَاءٌ بِمَا أَصْدَقَهَا.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فَإِنَّ الْأَبَ مُصَدَّقٌ فِيمَا ادَّعَى مِمَّا جَهَّزَ بِهِ ابْنَتَهُ أَنَّهُ كَانَ عَارِيَّةً مِنْهُ لَهَا بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِحِدْثَانِ الْبِنَاءِ وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ مَا ادَّعَاهُ وَفَاءٌ بِالْمَهْرِ يُرِيدُ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَزَادَ فَقَالَ: وَلَا أَرَى السَّنَةَ فِيهِ طُولًا وَهَذَا فِي الْأَبِ خَاصَّةً فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ وَأَمَّا فِي الثَّيِّبِ وَفِي وَلِيَّتِهِ الْبِكْرِ أَوْ الثَّيِّبِ فَلَا وَهُوَ فِيهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ فَأَمَّا إيجَابُ الْيَمِينِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْأَبِ فَصَحِيحٌ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْيَمِينَ تَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْوَالِدَ لَا يَحْلِفُ لِوَلَدِهِ إذْ لَيْسَ ذَلِكَ حُكْمًا عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ لَهُ بِهِ إنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ وَيَحْلِفَ حَلَفَ وَأَخَذَ وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>