للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِلْهَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ مَا أُجِيزَ مِنْ ذَلِكَ فَقِيلَ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْجَائِزِ الَّذِي يَسْتَوِي فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ فِي أَنَّهُ لَا حَرَجَ فِي فِعْلِهِ وَلَا ثَوَابَ فِي تَرْكِهِ.

وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَقِيلَ إنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْجَائِزِ الَّذِي تَرْكُهُ أَحْسَنُ مِنْ فِعْلِهِ فَيُكْرَهُ فِعْلُهُ لِمَا فِي تَرْكِهِ مِنْ الثَّوَابِ إلَّا أَنَّ فِي فِعْلِهِ حَرَجًا أَوْ عِقَابًا. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ كَرِهَ الدِّفَافَ وَالْمَعَازِفَ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهِ. وَاخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ، فَقَالَ أَصْبَغُ فِي أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ وَأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَجُوزُ لَهُمْ عَمَلُهُ وَلَا حُضُورُهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَمَلَهُ وَحُضُورَهُ جَائِزٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ خِلَافُ قَوْلِ أَصْبَغَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ إلَّا أَنَّهُ كُرِهَ لِذِي الْهَيْئَةِ مِنْ النَّاسِ أَنْ يَحْضُرَ اللَّعِبَ.

رَوَى ذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَأَمَّا مَا لَا يَجُوزُ عَمَلُهُ مِنْ اللَّهْوِ فِي الْعُرْسِ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ دُعِيَ إلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهُ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ عَلَى ذَلِكَ فِي رَسْمِ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، انْتَهَى كَلَامُهُ بِرُمَّتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَنَصُّ مَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ، قَالَ أَصْبَغُ: سَمِعْتُ ابْنَ الْقَاسِمِ وَسُئِلَ عَنْ الَّذِي يُدْعَى إلَى الصَّنِيعِ فَجَاءَ فَوَجَدَ فِيهِ لَعِبًا أَيَدْخُلُ؟ ، قَالَ: إنْ كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا مِثْلَ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ الَّذِي يَلْعَبُ بِهِ النِّسَاءُ فَمَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، قَالَ أَصْبَغُ: وَلَا يُعْجِبُنِي وَلْيَرْجِعْ وَقَدْ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ مَالِكًا يُسْأَلُ عَنْ الَّذِي يَحْضُرُ الصَّنِيعَ وَفِيهِ اللَّهْوُ، فَقَالَ: مَا يُعْجِبُنِي لِلرَّجُلِ ذِي الْهَيْئَةِ يَحْضُرُ اللَّعِبَ. وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَسُئِلَ عَنْ ضَرْبِ الْكَبَرِ وَالْمِزْمَارِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اللَّهْوِ يَنَالُكَ سَمَاعَهُ وَتَجِدُ لَذَّتَهُ وَأَنْتَ فِي طَرِيقٍ أَوْ مَجْلِسٍ أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يَقُومَ مِنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ.

قَالَ أَصْبَغُ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ رَجُلًا دَعَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ إلَى وَلِيمَةٍ فَلَمَّا جَاءَ سَمِعَ لَهْوًا فَرَجَعَ فَلَقِيَهُ الَّذِي دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: مَالَكَ رَجَعْتَ أَلَا تَدْخُلُ؟ ، فَقَالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «مَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ، فَهُوَ مِنْهُمْ وَمَنْ رَضِيَ عَمَلَ قَوْمٍ كَانَ شَرِيكَ مَنْ عَمِلَهُ» .

قَالَ أَصْبَغُ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أَسِيدٍ أَنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ كَانَ إذَا دُعِيَ إلَى الْوَلِيمَةِ يَقُولُ: أَفِيهَا بَرَابِطُ؟ فَإِنْ قِيلَ نَعَمْ، قَالَ: لَا دَعْوَةَ لَهُمْ وَلَا نِعْمَةَ عَيْنٍ. قَالَ أَصْبَغُ: مَا جَازَ لِلنِّسَاءِ مِمَّا جُوِّزَ لَهُنَّ مِنْ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ فِي الْعُرْسِ فَلَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ عَمَلُهُ، وَمَا لَا يَجُوزُ لَهُمْ عَمَلُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ حُضُورُهُ وَلَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ غَيْرُ الْكَبَرِ وَالدُّفِّ وَلَا غِنَاءَ مَعَهَا وَلَا ضَرْبَ وَلَا بَرَابِطَ وَلَا مِزْمَارَ وَذَلِكَ حَرَامٌ مُحَرَّمٌ فِي الْفَرَحِ وَغَيْرِهِ إلَّا ضَرْبًا بِالدُّفِّ وَالْكَبَرِ هَمَلًا، وَبِذِكْرِ اللَّهِ وَتَسْبِيحًا وَحَمْدًا عَلَى مَا هَدَى أَوْ بِرَجَزٍ خَفِيفٍ لَا بِمُنْكَسِرٍ وَلَا طَوِيلٍ مِثْلُ الَّذِي جَاءَ فِي جِوَارِي الْأَنْصَارِ

أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ ... فَحَيُّونَا نُحَيِّيكُمْ

وَلَوْلَا الْحَبَّةُ السَّمْرَا ... الَمْ نُحْلِلْ بِوَادِيكُمْ

وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَا يُعْجِبُنِي مَعَ ذَلِكَ الصَّفْقُ بِالْأَيْدِي وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهِ. قَالَ أَصْبَغُ: وَقَدْ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ بِقَطْعِ اللَّهْوِ كُلِّهِ إلَّا الدُّفَّ وَحْدَهُ فِي الْعُرْسِ وَحْدَهُ.

فَهَذَا رَأْيِي وَأَحَبُّ إلَى الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ وَالْعَمَلُ بِهِ، وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا فِي الْمُلَّاكِ عَلَى مِثْلِ الْعُرْسِ وَمَا فَسَّرْنَا فِيهِ فَهُوَ مِنْهُ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ «أَظْهِرُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَالِ» وَحَدِيثَ «أَعْلِنُوا النِّكَاحَ» .

ثُمَّ، قَالَ أَصْبَغُ: فَالْإِعْلَانُ يَجْمَعُ عِنْدِي الْمُلَّاكَ وَالْعُرْسَ جَمِيعًا أَنْ يُعْلَنَ بِهِمَا وَلَا يَسْتَخْفِي بِهِمَا سِرًّا فِي التَّفْسِيرِ وَيَظْهَرُ بِهِمَا بِبَعْضِ اللَّهْوِ مِثْلُ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ لِلنِّسَاءِ وَالْغِرْبَالُ هُوَ الدُّفُّ الْمُدَوَّرُ. وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْهُ فِي تَعْرِيفِهِ فِي أَوَّلِ الْقَوْلَةِ ثُمَّ قَالَ: وَمَا كَانَ مِنْ الْبَاطِلِ فَمُحَرَّمٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ اللَّهْوُ وَالْبَاطِلُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ لَهْوٍ يَلْهُو بِهِ الْمُؤْمِنُ بَاطِلٌ إلَّا ثَلَاثَ» ، قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>