للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَلَالِ إلَى الْبُغْضِ فَنَقِيضُهُ أَبْعَدُ مِنْ الْبُغْضِ فَيَكُونُ أَحَلَّ مِنْ الطَّلَاقِ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الزَّوْجَانِ عَلَى أَدَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا حَقَّ صَاحِبِهِ اُسْتُحِبَّ الْبَقَاءُ وَكُرِهَ الطَّلَاقُ وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ غَيْرَ مُؤَدِّيَةٍ حَقَّهُ كَانَ مُبَاحًا فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَبِيَّةٍ اُسْتُحِبَّ لَهُ فِرَاقُهَا إلَّا إنْ تَعَلَّقَ نَفْسُهُ بِهَا وَإِنْ فَسَدَ مَا بَيْنَهُمَا وَلَا يَكَادُ يُسْلِمُ دَيْنَهُ مَعَهَا وَجَبَ الْفِرَاقُ زَادَ ابْنُ بَشِيرٍ حُرْمَتَهُ وَهُوَ إذَا خِيفَ مِنْ وُقُوعِهِ ارْتِكَابُ كَبِيرَةً وَجَعَلَهُ مَا جَعَلَهُ اللَّخْمِيُّ مُبَاحًا مَنْدُوبًا وَجَعَلَهُ اللَّخْمِيُّ مَنْدُوبًا مُبَاحًا، انْتَهَى. بِاخْتِصَارٍ (فَائِدَةٌ) ثَبَتَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ «طَلَّقَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ ثُمَّ رَاجَعَهَا وَطَلَّقَ الْعَالِيَةَ بِنْتَ ظَبْيَانَ وَهِيَ كَانَ يُقَالُ لَهَا أُمُّ الْمَسَاكِينِ وَنُكِحَتْ فِي حَيَاتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ نِسَائِهِ وَأَوَّلُ مَنْ طَلَّقَ إسْمَاعِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -» ، انْتَهَى. بِالْمَعْنَى مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ الْمُتَيْطِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ وَقِيلَ فَسْخٌ، قَالَ الْمَسِيلَيْ فِي نُكَتِ التَّفْسِيرِ، قَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي ابْنَ عَرَفَةَ: كَانَ شَخْصٌ يُقَالُ لَهُ النُّحَاسُ لَهُ فِي امْرَأَتِهِ طَلْقَتَانِ فَخَالَعَهَا ثُمَّ رَدَّهَا قَبْلَ زَوْجٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُحَدَّ لِلشُّبْهَةِ اهـ

ص (وَبِلَا حَاكِمٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْخُلْعَ جَائِزٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْحَاكِمِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَالْخُلْعُ وَالْمُبَارَأَةُ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ جَائِزٌ اهـ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ خِلَافًا لِلْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ اهـ

ص (وَبِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا)

ش: الْمُرَادُ بِالْغَيْرِ الْأَجْنَبِيُّ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: قُلْتُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ الْمَذْهَبَ بِمَا إذَا كَانَ الْعِوَضُ مِنْ الْتِزَامِ الْأَجْنَبِيِّ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ حُصُولُ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَرْءُ مَفْسَدَةٍ تَرْجِعُ إلَى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ مِمَّا لَا يُقْصَدُ بِهِ إضْرَارُ الْمَرْأَةِ وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الزَّمَانِ فِي بَلَدِنَا مِنْ الْتِزَامِ أَجْنَبِيٍّ ذَلِكَ وَلَيْسَ قَصْدُهُ إلَّا إسْقَاطُ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْعِدَّةِ لِلْمُطَلَّقَةِ عَلَى مُطَلِّقِهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي الْمَنْعِ ابْتِدَاءً وَفِي انْتِفَاعِ الْمُطَلِّقِ بِذَلِكَ بَعْدَ وُقُوعِهِ نَظَرٌ اهـ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: بَاذِلُ الْخُلْعِ مَنْ صَحَّ مَعْرُوفُهُ وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجَةِ مُسْتَقِلًّا.

(قُلْت) مَا لَمْ يَظْهَرْ قَصْدُ ضَرَرِهَا بِإِسْقَاطِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَيَنْبَغِي رَدُّهُ كَشِرَاءِ دَيْنِ الْعَدُوِّ وَفِيهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: طَلِّقْ امْرَأَتَكَ وَلَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَبِلَ لَزِمَ ذَلِكَ الرَّجُلَ اهـ وَلَفْظُ الشَّامِلِ وَدَافِعُهُ مَنْ لَهُ التَّبَرُّعُ وَإِنْ أَجْنَبِيًّا إنْ قَصَدَ مَصْلَحَةً أَوْ دَرْءَ مَفْسَدَةٍ اهـ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ تَرْجِعُ إلَى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ بَلْ الْمَقْصُودُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ ضَرَرَ الْمَرْأَةِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنَّهُ أَسْقَطَ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي الْمَنْعِ ابْتِدَاءً وَفِي انْتِفَاعِ الْمُطَلِّقِ بِذَلِكَ بَعْدَ وُقُوعِهِ نَظَرٌ أَمَّا الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ ابْتِدَاءً فَلَا إشْكَالَ فِيهِ وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الطَّلَاقَ فَالظَّاهِرُ لُزُومُهُ وَسُقُوطُ النَّفَقَةِ أَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَا إشْكَالَ فِي بَيْنُونَتِهِ وَأَمَّا سُقُوطُ النَّفَقَةِ بِهِ فَظَاهِرٌ أَيْضًا لِأَنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ كُلَّهُمْ مُصَرِّحُونَ فِي بَابِ النَّفَقَاتِ بِأَنَّ الْبَائِنَ لَا نَفَقَةَ لَهَا، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَكُلُّ مُطَلَّقَةٍ لَهَا السُّكْنَى وَكُلُّ بَائِنَةٍ بِطَلَاقِ بَتَاتٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ مُبَارَأَةٍ أَوْ لِعَانٍ وَنَحْوِهِ فَلَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ إلَّا فِي الْحَمْلِ الْبَيِّنِ فَذَلِكَ لَهَا مَا أَقَامَتْ حَامِلًا خَلَا الْمُلَاعَنَةِ، انْتَهَى. مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: لِأَنَّ النَّفَقَةَ إنَّمَا هِيَ عِوَضٌ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ فَلَمَّا عُدِمَ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ، انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ: وَلَمَّا كَانَتْ الرَّجْعَةُ بِيَدِهِ أَشْبَهَ مَنْ هُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْوَطْءِ وَنَحْوِهِ فِي إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ بِنَفْسِهِ طَلَاقَ الْخُلْعِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ أَلَيْسَ بَائِنًا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَهَا بِعِوَضٍ مِنْهَا وَكَانَ ذَلِكَ عَنْ ضَرَرٍ بِهَا فَقَدْ قَالُوا إنَّهَا تَرْجِعُ بِالْعِوَضِ وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَيَلْزَمُهُ وَتَكُونُ بَائِنًا وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ فَتَأَمَّلْهُ وَانْظُرْ بَهْرَامًا الْكَبِيرُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَعْجِيلُهُ لَهَا مَا لَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ يَنْبَغِي رَدُّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>