للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ دَعَوْتنِي إلَى الصُّلْحِ فَلَمْ أُجِبْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ دِينَارًا، فَقَالَ: لَمْ أُرِدْ هَذَا وَإِنَّمَا أَرَدْتُ نِصْفَ مَا تَمْلِكِينَهُ، فَقَالَ: لَا يَلْزَمُهُ الْخُلْعُ وَيَحْلِفُ وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَمْ يُجِبْهَا حَنِثَ لَكِنْ قَالَ فِي الْبَيَانِ: قَوْلُهُ يَحْلِفُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَفْتِيًا فِي يَمِينِهِ.

وَإِنَّمَا كَانَ مُخَاصِمًا وَحَلَفَ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى نِيَّةً تُخَالِفُ ظَاهِرَ اللَّفْظِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا لَقُبِلَ مِنْهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ مَسْأَلَةَ الْعُتْبِيَّةِ هَذِهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَةِ يَمِينًا، قَالَ: وَتَجْرِي عَلَى أَيْمَانِ التُّهَمِ وَعِنْدَ ابْنِ شَعْبَانَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهَا بِجَمِيعِ مَا تَمْلِكُهُ وَأَنْكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَقَاصِدِ النَّاسِ وَإِنَّمَا يَقْصِدُونَ بَعْضَ الْمَالِ لَا كُلَّهُ وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ بَشِيرٍ مَعَ مَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يُوجِبْ فِي الرِّوَايَةِ يَمِينًا إلَّا أَنْ يَكُونَ حَمَلَ مَا فِي الرِّوَايَةِ عَلَى الْمُرَافَعَةِ كَمَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَيَانِ، انْتَهَى.

وَهَذَا ظَاهِرٌ أَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَكُونُ إذَا رَافَعَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ غَيْرُهَا وَأَمَّا إنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَلَمْ يُخَاصِمْهُ أَحَدٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَمْ يُنَبِّهْ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلُهَا، وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْإِطْلَاقَ لِلْوَكِيلِ وَكَذَلِكَ إذَا أَطْلَقَ لِلزَّوْجَةِ، انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتِنِي مَا أُخَالِعُكِ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بِالْمِثْلِ عَلَى الْأَصَحِّ، انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَسَيُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ بِمَفْهُومِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي قَوْلِهِ أَوْ بِتَافِهٍ إلَخْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمَسْأَلَةُ الْعُتْبِيَّةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا فِي التَّوْضِيحِ هِيَ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهَا: وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ دَعَوْتنِي إلَى الصُّلْحِ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ لَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْوِيَ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ مَعَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ لِاحْتِمَالِهَا الْجِنْسَ وَالْعَهْدَ، انْتَهَى.

ص (وَإِنْ زَادَ وَكِيلُهَا فَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ)

ش: قَوْلُهُ زَادَ مَا إذَا سَمَّتْ لَهُ عَدَدًا فَزَادَ عَلَيْهِ وَمَا إذَا أَطْلَقَتْ لَهُ فَخَالَعَ بِأَكْثَرَ مِنْ خُلْعِ الْمِثْلِ فَجَاءَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى الْوَكِيلِ وَأَمَّا مَا سَمَّتْهُ الْمَرْأَةُ أَوْ خُلْعُ الْمِثْلِ إذَا طَلَّقَتْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا إنْ أَضَافَ الْخُلْعَ إلَيْهَا أَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهَا أَوْ إلَى نَفْسِهِ وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ، قَالَ فِي الشَّامِلِ: فَإِنْ وَكَّلَتْهُ مُطْلَقًا فَخَالَعَ بِالْمِثْلِ فَأَقَلَّ لَزِمَ وَإِنْ زَادَ غَرِمَ الزِّيَادَةَ كَزَائِدِ عَدَدٍ سَمَّتْهُ لَهُ فَإِنْ أَضَافَ الِاخْتِلَاعَ لِنَفْسِهِ صَحَّ وَغَرِمَ الْمُسَمَّى وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ أَوْ إلَيْهَا بَانَتْ وَلَزِمَهَا مَا سَمَّتْ وَغَرِمَ الزِّيَادَةَ اهـ، وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَأَمَّا وَكِيلُهَا بِالِاخْتِلَاعِ بِمِائَةٍ فَإِنْ زَادَ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَزِمَتْ الْمِائَةُ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَكِيلِ وَإِنْ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ صَحَّ وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهَا وَلَا إلَى نَفْسِهِ لَزِمَتْ الْبَيْنُونَةُ وَعَلَيْهَا مَا سَمَّتْ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَكِيلِ وَإِنْ أَذِنَتْ مُطْلَقًا فَهُوَ كَالْمُقَيَّدِ بِخُلْعِ الْمِثْلِ، انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْقَابِلِ شَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ الْتِزَامِ الْمَالِ فَيَلْزَمُ فِي الْأَجْنَبِيِّ وَالْمَالِ عَلَيْهِ فَإِنْ وَكَّلَتْهُ فَكَوَكِيلِ الشِّرَاءِ، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ الْكَلَامِ الْأَخِيرِ يَعْنِي فَإِنْ وَكَّلَتْ الزَّوْجَةُ مَنْ يُخَالِعُ لَهَا فَكَوَكِيلِ الشِّرَاءِ فَإِنْ خَالَعَ بِخُلْعِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ لَزِمَهَا الْخُلْعُ وَدَفَعَ الْعِوَضَ وَإِنْ خَالَعَ بِأَكْثَرَ لَمْ يَلْزَمْهَا وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَوَكِيلِ الشِّرَاءِ أَنَّ الْعِوَضَ وَعُهْدَتَهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهَا، انْتَهَى.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ بَعْدَ أَسْطُرٍ: وَلَوْ قَالَ خَالَعَهَا بِمِائَةٍ فَنَقَصَ لَمْ يَقَعْ وَلَوْ قَالَتْهُ فَزَادَ وَقَعَ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَكِيلِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَتْهُ أَيْ لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ مَا قَالَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَتْ: خَالِعْ لِي زَوْجِي بِمِائَةٍ فَإِنْ خَالَعَهُ بِهَا أَوْ أَقَلَّ لَزِمَهَا ذَلِكَ وَإِنْ زَادَ وَقَعَ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ وَكَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ تُقَيَّدَ هَذِهِ الزِّيَادَةُ بِالزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَيَلْزَمُهَا كَالْوَكِيلِ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ: لَوْ وَكَّلَتْ مَنْ يُصَالِحُ عَنْهَا وَلَهَا عَلَى زَوْجِهَا مِائَةُ دِينَارٍ فَصَالَحَ عَلَى تَرْكِهَا لِزَوْجِهَا لَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ صُلْحُ مِثْلِهَا ثُمَّ قَالَ: قُلْت ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ مُخَالَفَةَ الْوَكِيلِ بِزِيَادَةِ الْيَسِيرِ عَلَيْهَا وَنُقْصَانِهِ لَهُ كَالْكَثِيرِ وَإِلَّا ظَهَرَ أَنَّهُ فِيهِمَا كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، انْتَهَى.

ص (وَرَدَّ الْمَالَ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ عَلَى الضَّرَرِ)

ش: قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>